IMLebanon

الغياب عن معراب يخدم حارة حريك

 

مَن يتذكَّر آخر مرةٍ أطلّ فيها النائب السابق أنطوان أندراوس، في نشاط سياسي أو حزبي أو إعلامي؟ النائب السابق أندراوس منقطع عن النشاط السياسي منذ ما يزيد عن العقدِ من السنوات، قد يكون هذا الانقطاع عائداً إلى الإحباط الذي أصابه من جرّاء التراجعات في السياسة، فآثر الانكفاء وغاب عن «الشاشة السياسية والحزبية».

 

لكنّ حدثاً جللاً جعله يقطع اعتزاله السياسي، ويطلّ مع النوّاب السابقين أحمد فتفت وفارس سعيد ومصطفى علوش، الحدث الجلل، ليس انفجار مرفأ بيروت، ولا انهيار القطاع المصرفي، وانهيار قيمة الليرة اللبنانية، ولا جبهة المشاغلة في جنوب لبنان، بل هو مقاطعة لقاء معراب، لجعل الغياب أقوى من الحضور، فكان أن استُحضِر النائب السابق أندراوس، لإضفاء «نكهةٍ مستقبلية» على المقاطعة المعلنة من جانب الرباعي، علماً أنّ دكتوراً رابعاً، بحسب المعلومات، «كان الحاضر الغائب مع «الدكاترة الثلاثة» هو الدكتور غطاس خوري، الذي يُعتقد أنه كان الناشط على خط الدفع في اتجاه عدم المشاركة في لقاء معراب.

 

حقّق هذا الجهد مبتغاه، فاقتصرت المشاركة السنّية على النواب فؤاد مخزومي ووضاح الصادق وأشرف ريفي، مع رسمِ علامة استفهام حول «سنَّة كتلة الاعتدال»، وما هي طبيعة عدم مشاركتهم؟

 

الغياب الشيعي ليس مفاجئاً، فمنذ حركة 14 آذار، والشيعة السياديون مهمَّشون، والتسويات تجري على حسابهم، من النائب والوزير السابق باسم السبع، إلى النائب الدكتور غازي يوسف إلى النائب عقاب صقر، هؤلاء تمّت شيطنتهم من «بيئتهم السياسية» قبل أن يشيطنهم خصومهم، فكانوا أوّل المبعَدين، وبعدهم، قلة هُم الذين تجرّأوا على خوض غمار العمل السياسي، لأنهم طرحوا بينهم وبين أنفسهم، المقاربة التالية: إذا كان السبع ويوسف وصقر لا مكان لهم، فكيف سيكون هناك مكانٌ لنا؟

 

زعيم المختارة وليد جنبلاط كان أوّل الخارجين من اصطفاف 14 آذار، جلس في الوسط ولم يعد ينتظر مرور الجثة في النهر، وأيّ موقف تشتَمّ منه مخاصمة «حزب الله»، يبتعد عنه.

 

في هذا الجوّ، انعقد لقاء معراب: تشتّتٌ سنيّ، غياب أو تغييب شيعي، وحسابات درزية فائقة الدقة. المعادلة واضحة، «حسبة» المشاركة أو عدم المشاركة، تأخذ في الاعتبار نظرة «حزب الله» إلى هذا اللقاء، فمَن فيه هو «ضدنا»، ومَن غاب هو «معنا» أو «نحن معه». بهذه «الحسبة»، يكون الذين غابوا يخدمون، موضوعياً، صف «حزب الله»، حتى ولو كان من بينهم أعتى خصوم الحزب. ففي السياسة ليس بالضرورة «البيان المشترك» أو «الصورة المشتركة» بل يكفي الالتقاء الموضوعي ليكون هناك «تحالف موضوعي»، فماذا يريد «حزب الله» من الرئيس فؤاد السنيورة أو الدكتور فارس سعيد أو الدكتور أحمد فتفت أو الدكتور مصطفى علوش، أكثر من أن يقاطعوا معراب؟ بماذا يتميّز موقف هؤلاء عن موقف ثنائي «حزب الله» –»أمل»، من هذه النقطة بالذات؟

 

أياً تكن مضامين المطوَّلات التي تفسِّر عدم الحضور، فإنّ غيابهم عن معراب، لا يمكن وضعه إلا في خانة « خدمة» حارة حريك، حتى ولو لم يتقصد هؤلاء أن يكون غيابهم يحقق هذه «الخدمة»، ولو موضوعياً.