IMLebanon

رسالة إلى بيار

عندما كنت أتابع شهادة الصديق مروان حمادة أمام المحكمة الدولية، عدتُ في ذاكرتي إليك. وأكّدت في خفايا عقلي أنّ العدالة مسارٌ إذا طبِّقت مرّة من أجل الشهيد رفيق الحريري، فستفسح المجال لتطبيقها كلّ مرة، من أجلك ومن أجل الآخرين.

ومن خلال متابعتي لشهادة مروان، قدّرت أكثر معنى شهادتك ومعنى غيابك عنّا. وكأنّك حرَمتَ نفسك من شبابك ومن رؤية أمين وألكسندر وزوجتك باتريسيا، وحرَمت نفسك من الصعود إلى أعلى المرتبات من أجل لبنان، ومن أجل العدالة في لبنان وأيضاً في العالم العربي.

وعندما كنت أتابع مروان أيضاً، استعرضت شريط ذكرياتنا معاً منذ انطلاقة «قرنة شهوان»، ولقاء البريستول وانتفاضة الاستقلال ولقاء 14 آذار حتى استشهادك يا كبير لبنان ويا شيخ شباب الشهداء.

بيار، كما كلّ سنة أفيدك عن أحوالنا، وأؤكّد لك أننا ننتصر أحياناً ونخسر أحياناً أخرى، ننهَض حيناً ونتراجع حيناً آخر، إنما لن نتوقّف حتى تحقيق الأهداف التي وضعناها معاً، وهي: الوحدة الداخلية والسلام من أجل لبنان والاستقلال، وبناء الدولة الواحدة المسؤولة الوحيدة عن مواطنيها وعن أمنهم وحماية حدودهم.

هذه السنة، نسعى إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. بعد حوالى 200 يوم على الشغور في بعبدا، وفي هذا السياق لا أبالغ إذا قلت للبنانيين أنّك كنت رئيس أحلامنا وطموحنا، طموح شباب لبنان كله.

ولدت في بيت رئيس وهذا فخر لك، إنما غادرت رئيساً لجمهورية أردناها قوية، فقتلوك. ترَكت في غيابك فراغاً وطنياً كبيراً، لأنك كنت تمتلك الشجاعة في خياراتك السياسية. وعندما عبرتَ «المتحف» في السياسة، غادرت حزبيّتك وبيئتك ومنطقتك إلى رحاب الوطن فاستقبلوك على الضفة الأخرى بالفرح والصدق والشراكة.

كنت تمتلك شجاعة المواجهة حتى داخل بيئتك الضيقة، فلم تتراجع في مواجهة كلّ من ادّعى احتكار التمثيل وكلّ من تحالف مع سلاحٍ يشكّل شواذاً في حياتنا الوطنية.

بيار، كنت مع الناس تعيش همومهم اليومية فأحبّوك. وأؤكّد لك يا صديقي أنك ما زلت بين الناس، يذكرونك في كل قرية وبلدة ومدينة زرتها، يذكرون ابتسامتك وشجاعتك وكرم اللقاء معك. لا نزال جميعاً نستمدّ منك شجاعة الإستمرار. حتى يوم اللقاء معك.