IMLebanon

في خضم جهنم: الرئيس المكلف، يباطح ويكافح

 

بعد تفاقم أزمة المحروقات متعددة الأوجه والابعاد، اطل رئيس الجمهورية على جموع اللبنانيين من خلال كلمة استهلها بالقول:

 

أحبائي، أحببت أن اصارحكم، بأن المطلوب هو مزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين ووقوفهم في طوابير الذل، وانهى كلمته مطمئناً إياهم، انه سيظل يعمل حتى يبلغ الحلول، وانه لن يتخلّى عن واجباته ومسؤولياته.

 

واقع الأمر ان فخامته صور الواقع الأليم الذي يعيشه اللبنانيون بدقة وجرأة، مركزاً على معاناتهم وعذاباتهم ووقوفهم في طوابير الذل، وكان قد سبق لفخامته أن وجه ثلاث رسائل إلى مجلس النواب انطلاقاً من صلاحياته الدستورية تولى عرضها في جلسات ثلاث، «ممثله القوي» الوزير السابق جبران باسيل، وجاءت الرسائل جميعاً سلبية النتائج، وانتهت تهديداتها الباسيلية إلى رفض قاطع من المجلس النيابي ممثلاِ برد بالغ القساوة على كل التهديدات بالمجابهة والمواجهة والإستقالة حيث جوبهت بموقف صارم من رئيس المجلس بعبارة صارمة التوجه والتعبير: «اللي بدو يستقيل يستقيل». وكانت النتيجة ان أحداً لم يستقل، وان مواقف مجلس النواب جاءت سلبية وقاطعة، وان العهد القوي لبث على مواقفه الصائحة: ما خلّوني. وتمرّ الأيام والأشهر والسنوات، وتنتهي محاولات ثلاث لتشكيل حكومة إنقاذية الطابع والغاية، وتستمر المماطلة ما يزيد على ثلاث سنوات عجاف لم تعرف البلاد خلالها الا انهيارات متتابعة ظاهرها خلافات على حصص وزارية وبمواقعها السياسية والخدماتية، وحقيقتها مرتبطة شكلاً واساساً بالحكم والرئاسة المقبلة وتشبث العهد القوي بنقلها بكل الوسائل والاساليب، إلى الخلفية المشغول له بكل المواكبات والمؤازرات بما فيها ما امكن اصطياده منها ولها من بركات الممسك النهائي بمفاتيح القراءة الأساسية والمستند إلى تعليمات ومطالب الخارج المتمادية في حدتها وصلابتها والمتوافقة مع مستجدات أطلقها «الحزب الحاكم»، متجاوزاً دور السلطة الشرعية حتى تلك المرتكزة إلى وجود حكومة تصريف أعمال يحاول رئيسها جاهداً التملص من أي دور له تحاول السلطة الرئاسية القائمة تغطيسه في أتونه ولهيبه والتخفي به وبانهياراته المحتملة في الحكم، على ما يتم الاعداد له من خفايا الأوضاع وخباياها، يتم بأقصى قدر ممكن من الفلانات الشرعية الغائبة عن الدولة بصورة كاملة في هذه الأيام العصيبة. ولنا في ما يقال ويعلن عنه بصدد السفن الايرانية القادمة إلينا على ما يبدو، مع كل ما هو متوقع بصددها من إشكاليات ومشاكل قد تلحق بالدولة وباللبنانيين في كل مواقعهم وانتماءاتهم.

 

نصوغ هذه الكلمات، ولم يتبين لنا حتى الآن مصير هذه الحكومة العتيدة، هل سيفرج عن تشكيلها على خير وسلامة؟ وهل سيؤدي تدافع الأحداث وتطور المعاناة الحياتية في جميع اوجهها ومتطلباتها إلى تجاوز الاستحالات والمطبات التي جوبه بها تأليفها حتى الآن؟ وهل يقوى العهد القوي على تجاوز كل الروادع والموانع بما فيه تلك القادمة إلى ربوعنا من خلف الحدود؟

 

بات من شبه المؤكد ان «العهد القوي» ما زال مستمراً في استقوائه على تأليف الحكومة العتيدة بل في استقوائه على أية حكومة برئاسة كائن من كان، فالمقصود، منع التأليف الحكومي خاصة إذا كان الرئيس المكلف ينتمي إلى صلب التركيبة الميثاقية التي افرزت الموقف العهدوي في محاولات ثلاث حتى الآن، عن فركشة تأليف ثلاث حكومات لم ترضخ إلى إرادة المستفيد الطامح في خلفية الرئاسة والطامح إلى ولاية عهد ميمونة تبقي الحكم والتحكم في عهدة العائلة الكريمة وخلفياتها في النهج المتمتع برعايات وفرائض «الحزب الحاكم» وخلفياته القادمة إلينا من وراء الحدود البعيدة.

 

وعليه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، قابع حالياً في قاعات الترقب والانتظار، وهو على باب قوسين أو أدنى من اتخاذ موقف التأليف أو الاعتذار ولكليهما عوائقه ومطباته ونتائجه المغرقة في بحار المخاطرة والمجابهة والفشل، وفي مطلق الأحوال تبقى للرئيس المكلف إمكانية الخوض في المعمعة الرئاسية بما يمّهد، ان مكنته الظروف والمواقف الفارضة، من السير بحكومة تهيئ للأجواء الإصلاحية والانقاذية ولو بحدودها الدنيا، كما يكون من شأنها تولي الشأن الانتخابي المقبل وفقاً لارادات ضاغطة من الداخل ومن الخارج، تسعى بكل طاقتها لإتمام العملية الانتخابية كائنا ما صعبت الظروف وكثرت المطبات والعوائق، وفاضت المطامح والمطامع بالشأن الرئاسي المقبل بما يخدم جبران باسيل في ما يسعى إليه ويطمح إلى تحقيقه. في مطلق الاحوال: اعان الله الرئيس المكلف على مهمته شبه المستحيلة وحمى الله لبنان من هول التحديات..

 

المحامي محمّد أمين الداعوق