IMLebanon

تضخيم أموال لمؤسسات صحية تابعة لـ”حزب الله”… أين المحاسبة؟

 

لماذا استعجل قرار رفع السقوف؟

بينما كان لبنان يغرق بالدماء ويضربه الدمار والخراب، لم يكن هناك أي همّ للحكومة التي استقالت لاحقاً إلاّ أنّ تصدر مرسوماً جديداً على طريقة “التهريبة”، تحدّد فيه سقوفاً مالية جديدة للمستشفيات والمؤسسات الصحية.

في 4 آب غرق لبنان بالدماء وسيطر الدمار على العاصمة والضواحي، يومها لم يكن اللبناني يفكر إلا بدفن شهدائه ومعالجة الجرحى والبحث عن المفقودين وسط ذهول داخلي وخارجي من هول الإنفجار الذي حرّك ضمائر قادة العالم والمجتمع الدولي، وعدا عن التدمير الهائل في البنى التحتية والأبنية السكنية، فقد ضرب الإنفجار المستشفيات بقوة وأبرزها مستشفى الروم في الأشرفية الذي دفع فاتورة غالية من الشهداء من طاقمه الطبي والمرضى إضافة إلى الدمار.

إجتمعت حكومة الرئيس حسان دياب بعد الإنفجار الضخم الذي لقّب بـ”بيروتشيما” وكان هذا الإجتماع الأخير للحكومة قبل إعلان دياب الإستقالة، وحصلت تهريبة من نوع آخر، فبدل دعم القطاع الصحي والمستشفيات المتضررة، أصدرت الحكومة مرسوماً يحدد سقف المبالغ للمستشفيات، والمفاجأة التي تمّ إكتشافها لاحقاً أن معظم الزيادات على سقف المبالغ أتت لمستشفيات تدور في فلك “حزب الله” ومؤسسات تابعة له لم تكن على خريطة التوزيعات المالية في المرسوم الأخير الذي صدر عام 2016.

وعلى سبيل المثال ووفق قراءة لأرقام التوزيعة الجديدة، فقد حصل مستشفى الروم في مرسوم عام 2016 على مبلغ 5100000000 ليرة لبنانية، وأبقى المرسوم الذي صدر في آخر جلسة لحكومة دياب بناءً على إقتراح وزير الصحة حمد حسن المبلغ للروم هو نفسه، ولم يرفع السقف على رغم الدمار الذي لحق بالمستشفى، أما المفاجأة والإستنسابية في التوزيعة اللتين اعتمدهنا حسن فكانتا في حصة مستشفى الرسول الأعظم المحسوب على “حزب الله”، فوفقاً لمرسوم عام 2016 حصل هذا المستشفى على مبلغ 9250000000 ليرة لبنانية، أما في جلسة “التهريبة” الحكومية، فقد رفع وزير الصحة حصة “الرسول الأعظم” إلى 14750000000 ليرة لبنانية أي بزيادة 5500000000 ليرة لبنانية في حين أنه لم يتضرر من الإنفجار أو لم يسجّل قفزات طبية نوعية في السنوات الأخيرة.

ويستمر “التخبيص” في القطاع الصحي، فقد أعلن وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني عن النية بدفع 60 مليار ليرة للمستشفيات الخاصة لكن ما لم يُعلن أن مستحقاتها تتجاوز 480 مليار ليرة منها 230 ملياراً من وزارة الصحة وحدها. فكيف يمكن للقطاع الاستشفائي ان يستمر والدولة غير قادرة حتى على دفع المستحقات بالليرة اللبنانية التي لم تعد تكفي كلفة الاستشفاء أصلاً؟

وما يثير التساؤلات أيضاً أن توزيعة السقوف المالية حصلت بناءً على اقتراح وزير الصحة، وهذا أول مرسوم يصدر منذ عام 2016 لهذا الغرض علماً أن الإقتراحات التي قدمت بين عامي 2017 و2018 بنيت على معادلة علمية عادلة للتوزيع، لكنها لم ترض حاجات المحاصصات السياسية فلم ترَ النور ولم تدرج على طاولة مجلس الوزراء آنذاك. ويبدو حسب مصادر متابعة للملف الصحي أن التوزيع الحالي نال رضى قوى السلطة فنتج عنه توزيع 14 مليار ليرة اضافية لمستشفيات ومؤسسات تابعة لـ”حزب الله” على حساب مستشفيات أخرى.

وإذا تعمقنا أكثر في الأرقام نكتشف أن مستشفى “الرسول الأعظم” بلغت موازنته من وزارة الصحة 14.7 مليار ليرة لبنانية، بينما موازنات مستشفيات بيروت الجامعية الكبرى، أي الجامعة الأميركية والروم وأوتيل ديو مجتمعة، لا تتعدى 16.4 مليار ليرة.

واللافت أيضاً أنه أضيفت سقوف مستشفيات فئة أولى أخرى مثل “البتول” و”بنت جبيل” والبقاع الغربي ومستشفيات فئة ثانية وثالثة ومختبرات لم تكن حتى مدرجة في مرسوم 2016 لتصل قيمة الأموال المرصودة لها الى 30 مليار ليرة بزيادة 14 مليار ليرة لبنانية عن مرسوم 2016.

وتشير مصادر طبية إلى أن الأفضلية أعطيت للمستشفيات التابعة لـ”حزب الله” ومؤسسات صحية أخرى، وليس بالضرورة المحسوبة على الطائفة الشيعية، فمثلاً لم يحصل مستشفى بعلبك الحكومي على أي زيادة رغم أهميته الحيوية لأهالي المنطقة.

من هنا وبالأرقام، بدا واضحاً أن وجود وزير “حزب الله” في وزارة الصحة أدى الى تحويل أموال عامة لمصلحة مؤسسات تقدم خدمات لبيئة الحزب، بينما هناك مستشفيات نموذجية لم تحصل على فلس إضافي ما يطرح علامات إستفهام عما حصل ولماذا حصل في آخر جلسة رغم معرفة الجميع ان الحكومة كانت ستستقيل بعد هول الإنفجار، فهل سيصل باب التساؤل والمحاسبة إلى وزير الصحة والحكومة ويعطي تبريرات لما حصل ولماذا الإستعجال واختيار هذا التوقيت؟