IMLebanon

انتخابات بلدية… تمهد لانتخابات نيابية؟!

لم يعد خافياً على أحد، ان الانتخابات البلدية والاختيارية، وقد باتت على أبواب الأيام الأخيرة للبدء باجرائها، هي »الشغل الشاغل« للافرقاء السياسيين كافة، وقد اكتسبت هذا الاهتمام غير المسبوق على هذا النحو وهذا القدر من أنها قد تكون اشارة لافتة لما ستكون عليه الاستحقاقات المقبلة، وتحديداً الانتخابات النيابية، إن لم تطرأ »ظروف استثنائية« وتغطي التمديد من جديد لمجلس نيابي فقد شرعيته من قبل ان يصيبه الشلل…

تشكل الانتخابات البلدية اختباراً ومحكاً بكل ما لهذه الكلمة، و»صونداج« لحجم الافرقاء السياسيين والقوى السياسية والحزبية، وامتحاناً لـ»التفاهمات« التي وقعت بين عديدين منهم، وكل فريق يسعى لأن تكون له الغالبية المطلوبة من أجل ان تكون له »الكلمة العليا« في الاستحقاقات المقبلة…

وإذا كان الرئيس نبيه بري (بوصفه رئيس حركة »أمل«) والأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، قد حسما خياراتهما التوافقية، التي لم تستبعد أحزاباً وقوى سياسية من خارج التنظيمين الأساسيين، فإن المعارك الحقيقية، ستكون في سائر المناطق الأخرى، بقاعاً، جبلاً، ساحلاً وشمالاً (طرابلس وعكار)… وعلى وجه الخصوص في المتن وكسروان وعاصمة البقاع زحلة، وسائر بلدات البقاعين الأوسط والجنوبي – الغربي – الشرقي…

من الصعوبة بمكان الحديث عن »توافقات« تعطي كل فريق ما يراه أنه »من حقه« ويتوافق مع امكاناته ورصيده الشعبي… والاصطفافات على الارض يختلط فيها العائلي بالسياسي، الماضي بالحاضر بالمستقبل… والناس أمام امتحان »اثبات وجود« وكفاءة خيارات…

يرى البعض ان أكثر فريقين محرجين أمام هذا الاستحقاق، هما »التيار العوني« و»القوات اللبنانية« اللذين ارتبطا بـ»تفاهم معراب« الذي بات أمام امتحان حقيقي وهو يتعرض لكثير من »الكدمات« و»الخروقات« التي تجد فيها قيادتا الطرفين ما يحتم »ابتلاعها«، فخسارة القليل، خير من خسارة كل شيء…

من اسف، ان ثقافة الخيارات غير متاحة كفاية… واللبنانيون، خصوصاً في البلديات الكبيرة، أمام امتحان بالغ الصعوبة، ومن غير المستبعد ان يجدوا أنفسهم من جديد أمام »أمر واقع« يستعيد تجارب الماضي، ولو بأسماء جديدة… وقد كان كثيرون يتمنون لو تكون هذه الانتخابات »فرصة أمام اللبنانيين« ليدركوا أهمية الاستحقاق – الحدث، وليدركوا أهمية الخيارات النهائية التي سيصلون اليها وتأثيرها على الحاضر وعلى المستقبل، بعيداً عن الاثارات والعصبيات و»التوافقات الملغومة« التي لن تكون لها أي فعالية حقيقية في المجالس البلدية، وقد غابت الضمانات القانونية، والسياسية وغير السياسية.

على مدى السنوات الماضية، كان »التبرم« و»النق« هو النمط السائد في التعبير عن سوء اداء المجالس البلدية التي تحظى بغطاءات سياسية نافذة ومؤثرة، وبين ليلة وضحاها، جرت »خلطات« فرضتها ظروف سياسية على مقام مرتفع، حتمت »تنازلات« كما وحتمت »تطعيم« اللوائح بأشخاص جدد لا يعرف الكثير عن كفاءاتهم وجداراتهم واستعداداتهم وقدراتهم…

في قناعة »أسياد الصفقات – التوافقات«، ان تسيير انجاز الاستحقاق البلدي على النحو الذي يحصل في غير مدينة وبلدة، يسهل كثيراً التوافقات على الانتخابات النيابية، العالقة بين فكي كماشة اللجان النيابية المختصة، وتمسك كل فريق سياسي بنظرته الى أي قانون سيذهب المجلس، وبين أوراقه خلطات غريبة – عجيبة، يستحيل معها الوصول الى اجماع نيابي – ميثاقي… وقد كان تراجع الرئيس نبيه بري أمام جحافل »الزعامات الطائفية« اشارة لافتة الى ان  الرجل في غير وارد الدخول في مواجهات، وفي غير وارد التمسك بخياراته وكأنها »منزلة من السماء«… وهو يعرف، ان ما يشاع عن ان الانتخابات البلدية ليس لها أي علاقة بالانتخابات النيابية، غير صحيح البتة، والتلازم بين الاستحقاقين واقع لا محال…

يخشى كثيرون ان يكون الرئيس بري قد وقع في الفخ… وهو اذ استجاب، على نحو غير مباشر، لرافضي اعادة تفعيل عمل مجلس النواب عبر بوابة »تشريع الضرورة« الموزعين على »الافرقاء المسيحيين« الثلاثة (»القوات«، »التيار« و»الكتائب«)، كل بحسب قراءته وشروطه، فإنه في المقابل لم يحظ بأي ضمانات بأن المسألة ستكون مسهلة في اللجان المختصة التي تقف عاجزة عن حسم الخيارات النهائية، وهي موزعة بين »النسبية المطلقة« و»ثنائية النسبية – الأكثرية« ووفق أي نسب، وبين »الارثوذكسي«… او المضي في القانون السائد حالياً…

وتأسيساً على هذا، فإن التأسيس للمرحلة المقبلة عبر الانتخابات البلدية، بات عاملاً حقيقياً، لاسيما وان عبور الانتخابات البلدية في أجواء أمنية مضبوطة، يسقط الحجة التي بني عليها التمديد مرتين لمجلس النواب، والمتعلقة بـ»الظروف الأمنية الاستثنائية«؟!