IMLebanon

نجيب الضرورة و”العهد الرهيب”

 

دولة الرئيس النجيب، أنت أذكى من أن تتصور نفسك كما تصوّر لساكن بعبدا نفسُه. هو خلَقه الله وكسر القالب، أو جاءنا من ثقب الكون اللامتناهي لينقذ لبنان، وأنت الخيار الواقعي في وقت الشدائد، رجل كل الفصول، لسيف انتخابات 2005، ولضيف “القمصان السود” في 2011، ولعثرات زمن “العهد الرهيب”.

 

دولة الرئيس، تعرف أنها كارثة حلت بنا. فحين يتساوى لدى أكبر مسؤول رفاه شعب مع اشتهائه “العضة بالرغيف” نكون قد فزنا بجهنم ولم نعد على قائمة المرشحين، ويصبح النموذج الفنزويلي حلماً يرتجى لتجنب الواقع الصومالي. لكنك بلطفك الزائد، صاحب قدرة على تقطيع المراحل عبر تجميل البشاعات واختراع المراهم وتجنيد كل مهارات “البزنس” الناجح في سيرتك لتدوير الزوايا وتركيب النقيض على النقيض.

 

وبصراحة كلية، فشلنا كشعب حتى الآن في زحزحة المنظومة عن كراسيها، فأنت أدرى بأنها بنيان مرصوص اعتمد على تاريخ ثلاثة عقود من الفساد والإفساد وتأمين الولاءات والأجهزة الشرعية والميليشيات. وأكبر دليل على فشلنا هو أنكم، رؤساء ووزراء ونواباً وسماسرة بواخر وكارتيلات، لا تزالون في أماكنكم رغم تعرية الأشخاص والممارسات وانهيار الاقتصاد وجريمة 4 آب انتهاء بحرق الناس أحياء من أجل ليترات بنزين أوغلَ شركاء حكومتك العتيدة في تهريبه بلا وازع من دين أو ضمير.

 

نحتاج الى حكومة “بالقرد والسعدان” لأن هؤلاء الذين تقف على خاطرهم وتتفاوض معهم على الحصص لحكمنا لفترة قد تقصر او تطول، جعلوا طموحاتنا عند حدود مازوت السوق السوداء، وربطة خبز العشرة آلاف.

 

يعني ذلك دولة الرئيس ان الناس تراهن عليك لأنك “أحسن الموجود” وليس خيار التغيير الذي دفعوا من أجله ودائع منهوبة وعيوناً مفقوءة ويأساً دافعاً الى الهجرة. ومن أجل ذلك خلِّصنا من “شرشحة” الطلوع والنزول الى بعبدا، ألّف الحكومة اليوم قبل غد حتى ولو ضممت إليها أتباعاً تافهين، أو اعتذر ولا تكرر خطأ سلفك الذي كلفنا تسعة أشهر من التعطيل رغم علمه بموقف “الأب الرئيس” و”صديقي جبران” اللذين وضعا العصي مسبقاً في دواليب التأليف.

 

دولة الرئيس نحن لا نضعكم جميعاً في سلة واحدة ولسنا من جماعة “كلن يعني كلن” و”عنزة ولو طارت” التي تغطي بالتعميم المضلل تحايلها لعدم التطرق الى جوهر أزمة لبنان أي “السلاح غير الشرعي”. أنت من المنظومة لكن يديك مثل ايدي ناديك نظيفة على الأقل من العنف والتآمر لتدمير سيادة لبنان واستقلاله. ستحقق الكثير اذا أعدت بعض النور الى البيوت وسرتَ في برنامج إصلاح حقيقي، وخصوصاً إذا سهَّلت عمل المحقق طارق بيطار ولم تساير كتل ونواب العار في الالتفاف على أكبر جريمة حصلت في لبنان والتي صرنا نعتبر العدالة لضحاياها مقياساً للحق ودولة القانون والولاء الوطني.

 

لا تخيّب أملنا في ما تبقى لنا من أمل بك. إنجح في تحقيق الأدنى، وسنحفظ لك أكبر جميل.