IMLebanon

حرائق الطبيعة والحرائق السياسية

 

فيما كانت حرائق الطبيعة تلتهم مساحات من الغابات في جبل لبنان وفي الجنوب، ملحقة أضراراً فادحة بأهالي تلك المناطق الذين يلهثون وراء خبزهم اليومي المفقود وسط عجز الدولة الفاضح عن مكافحة النيران لعدم توفّر الأجهزة والتجهيزات الحديثة، ويكتفي المسؤولون في الدولة بإطلاق الوعود الفارغة بإجراء التحقيقات لمعرفة عمّا إذا كانت هذه الحرائق مفتعلة أم لا، كانت الحرائق السياسية قد هبت قبل ساعات داخل مجلس الوزراء لتنعى حكومة الانقاذ الوطني وتنعى معها ما تبقى من آمال معقودة عليها لإيقاف نيران الأزمات التي يحترق بها البلد، منذ أن استولت هذه الحكومة على مقاليد الحكم.

 

واطلقت الوعود للبنانيين بالمن والسلوى، والعهود على نفسها، بأنها لم ولن تخيب الآمال التي عقدت عليها لإنتشال اللبنانيين من المعاناة التي يعيشونها، جراء السياسات الخاطئة المتمادية، وحقيقة الأمر أن الحريق الذي نشب في جلسة مجلس الوزراء التي كانت مخصصة لإقرار كل بنود مشروع قانون الموازنة الإصلاحية لإحالتها إلى مجلس النواب قبل الخامس عشر من الشهر الجاري، أي ضمن المهلة التي حددها الدستور لكي يتيح للحكومة إصدارها بمرسوم في حال لم يقرها مجلس النواب ضمن المهلة المعطاة له دستورياً، لم يكن عفوياً ولا ابن ساعته كما يقول المثل اللبناني، بل كان مدروساً بتأنٍّ ومخطط  له، من قبل الفريق الوزاري الذي ينتمي إلى التيار الوطني الحر بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل وذلك لأنه سبق اجتماعان عقدهما رئيسه الأوّل مع رئيس الحكومة سعد الحريري قيل بعده ان الاثنين اتفقا على كل التفاصيل المتعلقة بمشروع الموازنة العامة وبنودها التقشفية بما في ذلك دفع رسوم الـT.V.A إلى 15٪ وزيادة الرسوم على الكماليات المستوردة، والثاني مع أمين عام حزب الله أتى قبل جلسة مجلس الوزراء، وما نقلته وسائل الإعلام وغيرها من معلومات عن رفض الامين العام لأي زيادة ضرائب تطاول الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود الأمر الذي حمل الوزير باسيل على ان يغير موقفه داخل مجلس الوزراء الذي أدى إلى إثارة غضب الحريري وإلى رفع الجلسة من دون تحديد موعد آخر ما اثار الهلع عند اللبنانيين، من ان يكون الحريق الذي اشتعل داخل مجلس الوزراء فتح الباب امام أزمة حكومية تحرق الأخضر واليابس وتطيح بكل الآمال المعقودة على حكومة الانقاذ، لتفادي الوصول إلى الانهيار التام الذي دأب محبو هذا البلد على تحذير أرباب السلطة الحاكمة من الوصول إليه، فالحريق السياسي الذي يسابق حريق الطبيعة هل يوجد من يطفئه بعد الحالة التي وصل إليها اليوم، يبدو ان الرئيس الحريري لم يفقد الأمل بعد بإمكان الوصول الى حل وسطي لكنه في الوقت نفسه يبقى باب الأمل بالانقاذ مفتوحاً فدعا بعد سلسلة اتصالات اختتمها بزيارة عين التينة والاجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وفي اعتقاده انه لا يزال هناك امكانية لتجاوز الأزمة التي أدّت الى رفع جلسة مجلس الوزراء وإقرار مشروع الموازنة مع ما تضمنه من إصلاحات بشكل هادئ وسلس، لكن مصادر سياسية مراقبة لا تلتقي مع الرئيس الحريري على نفس الخط لانها تعتبر ان ما حصل في مجلس الوزراء يأتي ضمن خطة مبرمجة لتفشيله.