IMLebanon

نداء الوطن: الحريري يجمرك “البور”… والدولة من دوكان إلى شينكر “حوّل”

مؤازراً بخط إسناد فرنسي داعم لاستنهاض الاقتصاد الوطني، دشنه بيار دوكان ميدانياً وتوّجه الرئيس إيمانويل ماكرون هاتفياً للتوكيد على التزام باريس باستقرار لبنان والتشديد على أهمية تسريع إصلاحات “سيدر” البنيوية، إعتمر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري “الخوذة” ودهم مرفأ بيروت في زيارة بدت أشبه بـ”الكبسة” أراد أن يجمرك من خلالها ملف التهريب غير الشرعي وأن يضبطه بالعين المجرّدة، من الحسابات السياسية والشعبوية التي لطالما أغرقت “البور” بمزاريب الهدر والفساد والإثراء غير المشروع من “كيس الدولة”. وعلى قاعدة “ينضبوا السياسيين” أتى فعل الاعتراف على لسان رئيس الحكومة ليدل بالإصبع على مكمن الداء والعلة في هذا الملف: “حين نقول كدولة إن هناك 146 معبراً غير شرعي، ونعرف أنّ علينا وضع “سكانرات” ولا نضعها. الحق على من يكون حينها؟ على الإدارة أم علينا. نحن المسؤولين كدولة”.

وبعد مضبطة دوكان الاقتصادية، تتحضر الدولة اللبنانية لأسبوع “حدودي” حافل يبدأ بعد غد الاثنين حيث سيتحوّل المسؤولون إلى “موجة” دايفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي، المكلف بحث ملف الترسيم العالق بين البر والبحر مع إسرائيل. ورغم أنّ زيارته الأولى لبيروت، بوصفه الوسيط الأميركي الجديد الممسك بهذا الملف، ستغلب عليها طابع “جس النبض”، غير أنّ مصادر مواكبة توقعت أن يستهل شينكر وساطته بدايةً من نقطة التأكيد على ضرورة تثبيت وقف الأعمال العدائية على الجبهة الجنوبية، لتعبيد الطريق أمام الوصول إلى برّ الترسيم وبحره.

الديبلوماسي الأميركي الذي يعرف المنطقة جيداً ويعرف لبنان وخريطته الجيوسياسية، هو باحث سابق في معهد واشنطن للدراسات وله آراؤه وكتاباته في ملفات عديدة، لا سيما تلك المتعلقة بإيران و”حزب الله”، ويُعتبر من صقور الإدارة الأميركية الحالية، وقد شكل تعيينه وتثبيته من قبل إدارة ترامب، بتزكية مباشرة من مستشار الأمن القومي جون بولتون، رسالة بحد ذاتها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة في ظل الصراع الأميركي – الإيراني. وبحسب المعطيات المتوافرة لـ”نداء الوطن” فإنّ شينكر يزور بيروت وفي جعبته ملفان، الأول يتعلق بطبيعة الحال بملف الحدود مع إسرائيل، لكنّ مقاربته لهذا الملف ستتم بشكل مقرون بوجوب عدم تهديد شبكة الأمان والاستقرار على الجبهة اللبنانية مع إسرائيل، تحت مظلة الأمان الدولية التي يجسدها القرار 1701 ليس فقط أمنياً وعسكرياً فحسب إنما اقتصادياً أيضاً… فمن هي الشركة النفطية التي سوف تغامر بالاستثمار في منطقة مفتوحة على كل السيناريوات؟ والرسالة المباشرة التي يحملها شينكر في هذا الموضوع والتي كان قد عبّر عنها قبله رئيسه المباشر وزير الخارجية مايك بومبيو، خلال القمة التي جمعته برئيس قبرص ورئيسي وزراء اليونان وإسرائيل: “الولايات المتحدة معنية بمسألة النفط والغاز في منطقة شرق المتوسط التي تقع في صلب منطقة مصالحها الإستراتيجية”.

أما الملف الثاني الذي من المتوقع أن يثيره المبعوث الأميركي، فهو سيتمحور في ضوء التطورات الأخيرة سواء المتصلة بالاشتباك الحدودي أو بمسألة “مصانع الصواريخ الدقيقة”، حول ضرورة نأي لبنان الرسمي بنفسه وبمصالحه عن أي انخراط في أعمال “حزب الله”، الخاضع لعقوبات أميركية مرشحة أن تتفاقم في المرحلة المقبلة ضمن إطار السياسة الأميركية العازمة على ممارسة مزيد من الضغوط على إيران وأذرعتها العسكرية في المنطقة، وسط توقع أوساط متابعة للملف اللبناني في واشنطن حزمة جديدة من العقوبات الجديدة، قد تطاول شخصيات إقتصادية تدور في فلك “حزب الله” ودائرته الواسعة غير المقتصرة فقط على أبناء الطائفة الشيعية.

وبعيداً من الخطوط الاستراتيجية الكبرى، تتجه الأنظار خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى الجبل لرصد مفاعيل زيارة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى الشوف، حيث لا شكّ ستحضر في خلفية تغطية الحدث عدة أبعاد سياسية، تبدأ من تكريس المصالحة المسيحية – الدرزية التي رعاها البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير، ولا تنتهي بالمقارنة بين مشهدية زيارة جعجع ومشهدية زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الشهيرة إلى الجبل، وما خلفته من احتقانات وإشكالات أهلية بلغت حداً دموياً بين بني معروف.

وإذ آثر البعض عشية الزيارة مقارنتها سلفاً بزيارة باسيل على قاعدة أنّ زيارة جعجع ستحلّ “برداً وسلاماً” على أبناء الجبل “حيث لا يجرؤ الآخرون”، ربطاً بالمواقف الاستفزازية التي كان قد أطلقها باسيل من الجبل وأثارت ما أثارته من اعتراضات شعبية، من المقرر أن تكون لرئيس “القوات” أكثر من محطة في الشوف يلتقي خلالها كوادر “القوات” ويتوقف في محطات شعبية وأخرى سياسية في المنطقة، على أن يقيم النائب جورج عدوان اليوم مأدبة عشاء على شرف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي بحضور جعجع، الذي وبحسب ما علمت “نداء الوطن” ستكون له محطة غداً في المختارة حيث سيولم رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط على شرفه بحضور نواب ووزراء الحزب.