IMLebanon

هواجس «14 آذارية»: «كفتة» وربط نزاع

إلى أين تسير مرحلة ربط النزاع بين قوى «14 آذار» و«حزب الله»، التي بدأت فعليّاً عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقطعَت في محطات عدّة، اختباراتها التي لم تكن لمصلحة «14 آذار»، والتي لم تعطِ أيّ طرف في الوقت نفسه، القدرة على الفوز بالضربة القاضية.

لم يكن التحالف الرباعي إلّا شكلاً من أشكال ربط النزاع، هذا التحالف الذي مهَّد لاجراء الانتخابات النيابية، وانسحاب الجيش السوري، وتأليف حكومة، ما لبثت أن تعطلت بفعل رفض «حزب الله» المحكمة الدولية، حيث استؤنفت الاغتيالات باستهداف الشهيد جبران تويني، ورتَّب رئيس مجلس النواب نبيه برّي لحوار وطني، قبل أن يرتّب «حزب الله» سلسلة خطوات هدفت للانقضاض على مرحلة ما بعد خروج الجيش السوري، فكان التفاهم مع العماد ميشال عون، الذي تحوّل بعد سنوات تحالفاً وجودياً، وكانت حرب تموز، والانقضاض على الداخل، واعتصام وسط بيروت، وصولاً الى تنفيذ 7 ايار، واتفاق الدوحة، وحكومة الرئيس سعد الحريري، التي تم الانقلاب عليها فيما بعد.

تتساءل اوساط في «14 آذار» عن مصير ربط النزاع، والى أين سيؤدي في ظلّ تحوّل الحكومة مجرّد ميدان لتسيير الملفات غير السياسية. ربط النزاع بالنسبة إلى هذه الاوساط أصبح مجرّد اشتباك خارج الحكومة، يتولّاه وزراء بقوا على سقفهم المرتفع، فيما يتحول داخل الحكومة حرصاً من جميع الاطراف على عدم فرطها، باعتبارها المؤسسة الوحيدة التي لا يمكن التلاعب بمصيرها، ويعزّز من هذا الاتجاه حرصٌ دولي وعربي ينصح بعدم المغامرة بالوضع الحكومي.

لا تخلو أدبيات بعض «14 آذار» من النقد الذاتي، واعادة تقويم «ربط النزاع» منذ الاشتراك في الحكومة، والتمديد للمجلس النيابي، وادارة المرحلة الانتقالية، لا تترك مجالاً للشك في أنّ استنزافاً متواصلاً تتعرض له قوى «14 آذار»، بسبب عدم قدرتها على ترجمة مفهوم ربط النزاع مع «حزب الله»، بما يجب أن يكون عليه، في الحكومة وخارجها.

يقول قيادي في «14 آذار»، وهو المستاء من الارتخاء الذي أصاب مفهوم ربط النزاع: «لقد ارتكزنا على قاعدة رأب الصدع بين السنّة والشيعة، بعد اندلاع حرب المنطقة، فارتضينا الجلوس الى طاولة واحدة مع «حزب الله». ثمّ تخوّفنا من أن يؤدي اتهام المحكمة الدولية الحزب باغتيال الرئيس رفيق الحريري، الى اشتباك سنّي – شيعي في لبنان، فاستبقنا الكارثة وارتضينا الجلوس الى طاولة واحدة مع الحزب.

تجاوزنا مطلبنا بالخروج من سوريا، ووضعنا نصبَ أعيننا أولويات لبنانية بحتة، وارتضينا الجلوس حول طاولة واحدة مع «حزب الله». أطلقنا شعار ربط النزاع مع الطرف الآخر، ولكن لم نتوقع الوصول الى حدّ أن يتحوّل مجلس الوزراء، مجلسَ بلدية لبنان الكبير».

ويضيف: «همومنا تقتصر على الكفتة والهمبرغر البرازيلي، ولامركزية النفايات، وخطوط الخلوي. أما أمن الحدود واتفاق الطائف والسلاح غير الشرعي، وتورّط حزب الله في سوريا وقرارات الشرعية الدولية، وانتخاب رئيس جديد، وصوغ قانون انتخاب جديد واجراء الانتخابات، كلها تمّ التسليم بها، بأنها من اختصاص القوى الحاكمة الفعلية، والتي تتخذ من الضاحية الجنوبية حتى طهران مسرحاً لها».

يبقى السؤال: هل يصحّ هذا التوصيف لتقويم أداء قوى «14 آذار»، بعد تسعة أعوام على استشهاد الحريري؟ وهل هناك خيار آخر لهذه القوى، اذا ما تمّ تفجير الحكومة من الداخل، وهو امر كاد يحصل في الجلسة الأخيرة؟ وما هي نتائج فرط الحكومة على الاستقرار في ظلّ استمرار لبنان بتحمّل تداعيات قتال الحزب في سوريا؟