IMLebanon

مصير المقترضين بعد الأول من شباط

 

أسبوعان وينتهي العمل رسمياً بسعر الصرف الرسمي الـ 1500 ليرة الذي امتد 25 عاماً، ليحلّ مكانه كمرحلة أولية دولار الـ15 الفاً. في مطبخ المركزي تحضيرات للتعاميم التي ستحدّد كيفية تسديد القروض بالدولار، هل كلها ستلقى المصير نفسه، أي القروض التجارية والسكنية والشخصية، ام لكل قرض تعميم خاص به؟ ماذا عن القيم التأجيرية المقوّمة وفق دولار 1500 ليرة؟ هل سيطرأ عليها أي تغيير؟

 

واصل المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعاته امس، التي بدأها يوم الاثنين، لدرس ملفات عدة، لاسيما منها ما يرتبط بسعر الصرف الرسمي الذي سيرتفع إلى 15 الفاً اعتباراً من اول شباط المقبل. فالثابت الوحيد حتى الساعة، انّ سعر الصرف الذي سيُعتمد لدى سحب الدولار من المصارف هو الـ 15 الفاً. لكن هل ستُحتسب القروض المصرفية بالدولار وفق هذا السعر ايضاً؟ ما ستكون تداعيات هذا القرار على القروض التجارية بالدولار، أي قروض المؤسسات والقروض السكنية والقروض الشخصية، وقروض السيارات وغيرها؟ وكان مصرف لبنان سمح منذ نحو الشهرين للمصارف بأن تستوفي قروضها وفق دولار 8000 ليرة إذا كان القسط الشهري للقرض يزيد عن الـ1000 دولار، مع البقاء على احتسابه وفق دولار 1500 ليرة لكل قسط شهري قيمته 1000 دولار وما دون، فهل سيستمر العمل بهذه الآلية ام سيطرأ عليها تعديل هي الاخرى؟

 

في السياق، تؤكّد مصادر مصرفية متابعة لـ»الجمهورية»، انّ المصرف المركزي يعدّ التعاميم اللازمة المتعلقة بتعديل سعر الصرف الرسمي، لتنظيم العلاقة بين المصارف والشركات والمودعين في المرحلة المقبلة، على ان تصدر تباعاً خلال الايام المقبلة.

 

في الارقام، وصلت محفظة قروض القطاع الخاص إلى 21 ملياراً و 300 مليون دولار في اواخر تشرين الثاني من العام 2022، متراجعة 38 مليار دولار منذ مطلع العام 2019، أي بنسبة 64%. أما القروض المتبقية والمقدّرة بـ21 ملياراً و300 مليون دولار فهي قروض للأفراد والشركات على السواء، وتنقسم ما بين قروض بالليرة اللبنانية واخرى بالدولار، بحيث تبلغ حصة الاخيرة 11 ملياراً و800 مليون دولار منها، وهي تشكّل مجموع محفظة التسليفات للقطاع الخاص بالدولار وتتوزع ما بين شركات وافراد.

 

في هذا السياق، أكّد الخبير المصرفي نسيب غبريل، انّ القرار الذي اتخذه مصرف لبنان وأبلغه الى المصارف حول كيفية احتساب الدولار لدى تسديد القسط الشهري، دخل حيز التنفيذ منذ نحو الشهرين، ويسمح فيه للمصارف باحتساب الدولار بـ8000 ليرة لكل قسط قرض يزيد عن الـ1000 دولار شهرياً، مذكّراً انّه وفق مقابلة سابقة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أكّد انّ السحوبات المصرفية ستتوحّد لتصبح كلها وفق سعر صرف 15 الف ليرة، انما لم يتحدث يومها عن كيفية احتساب القروض المصرفية. لذا هناك ترقب اليوم لما سيصدر عن المصرف المركزي بهذا الخصوص، وحتى الساعة ليس هناك اي مؤشر حول المضمون المرتقب لهذه التعاميم، لا سيما منها ما يتعلق بالقروض.

 

ولفت غبريل إلى انّه حتى الساعة تلجأ الشركات إلى تسديد قروضها بالدولار من خلال شراء شيكات الدولار من السوق بـ15% من قيمتها وتدفعه للمصرف، بحيث يمكن لشيك مصرفي بقيمة 150 الف دولار ان يسدّد قرضاً للبنك بقيمة مليون دولار.

 

ورداً على سؤال، اعتبر غبريل انّ تراجع قيمة قروض القطاع الخاص 38 مليار دولار يُظهر حجم تهافت الشركات والمواطنين للتخلّص من قروضهم تخوفاً من الأسوأ وللاستفادة من فارق سعر الصرف، لافتاً الى انّ القطاع العقاري كان اول من استفاد من الأزمة ولجأ إلى تسديد ديونه بالكامل. واليوم، حتى من يسدّد قرضه وفق دولار 8000 ليرة يُعتبر مستفيداً من الأزمة، نظراً لفارق سعر الصرف بين المصرف والسوق السوداء. بالخلاصة، المقترض استفاد من الأزمة، بينما تكبدّت المصارف خسائر جسيمة.

 

واستغرب غبريل تهافت المواطنين لتسديد قروضهم السكنية التي هي اصلاً بالليرة اللبنانية. مؤكّداً انّ هذه لن يطالها اي تعديل حتى متى تغيّر سعر الصرف، لأنّ اصل القرض بالليرة اللبنانية.

 

المباني المؤجّرة

 

من جهة أخرى، هل ستتأثر العقود التأجيرية مع الدولة بسعر الصرف الجديد اي الـ 15 الفاً، خصوصاً انّ للدولة ايجارات مبرمة بالدولار مثل الاونيسكو، سوليدير، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الهيئة الناظمة للاتصالات، ستاركو… وهل يتمّ إخلاء بعض المباني متى انتهت العقود؟

 

في السياق، اشار الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، الى انّ قسماً كبيراً من المباني والمؤسسات العامة المؤجّرة تعود إلى ما قبل العام 1992، أي ينطبق عليها قانون الايجارات القديم، والتي هي عقود مستمرة وتُمدّد تلقائياً، وبالتالي إذا كانت مبرمة بالليرة ستبقى على ما هي بالليرة بالقيمة نفسها، أما اذا كانت بالدولار ستتغيّر، أي بدلاً من دفع الـ1000 دولار مليوناً و500 الف ليرة ستدفع الدولة 15 مليوناً.

 

أما العقود الحرة أي التي أُبرمت ما بعد العام 1992، فتنقسم الى نوعين: العقد المبرم بالليرة اللبنانية، في هذه الحالة ستبقى الدولة تدفع نفس القيمة التأجيرية الى حين انتهاء العقد الموقّع مع المالك (مدة العقد في القانون الجديد ثلاث سنوات) وعند التجديد يحدّد المالك المبلغ التأجيري الذي يريده، ربما قد يطلب 100 مليون ليرة، فيبقى على الدولة ان تقرّر اذا ما كان الايجار يناسبها ام لا، فإما تجدّد او تخلي المبنى.

 

أما العقود التأجيرية الموقّعة بالدولار، وبعدما كانت تدفعها الدولة وفق سعر صرف 1500 ليرة، فستضطر راهناً إلى دفعها وفق سعر الصرف الجديد اي الـ15 الفاً.