IMLebanon

“الثنائي المسيحي”: رسالة بو صعب بلا رصيد

 

صار «الحوار والتوافق» متلازمة التعطيل للإستحقاقات السياسيّة وأبرز مسلّماتها وبديهياتها في ملء الفراغ الجمهوري. ودفع التعطيليون بقواعد اللعبة البرلمانية إلى نظام، لا اسم له ولا مكان بين أنواع الحكم في العالم وتصنيفاته. وتحوّلت الإنتخابات الرئاسية إلى تفاهمات على الطريقة العشائرية أو الثيوقراطية التي تُحدّد مسبقاً مستوفي الشروط للترشّح إلى الرئاسة (كمجلس صيانة الدستور في إيران)، في تعرية كاملة لما تبقّى من الجسم الديموقراطي المُهشّم والمعتدى عليه في اثنتي عشرة جلسة.

 

فيما يُسجّل لنائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب ديناميكية لافتة في الملف الرئاسي بين مبادرات لم تؤتِ ثمارها، ومواقف مستقلّة تناقض خيارات تكتلّ «لبنان القوي»، بدت لافتة دعوته إثر زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لأنّ «المجلس الحالي عاجز عن انتخاب رئيس للبلاد». العرض الصعب، يطرح علامات استفهام دستورية وسياسية في توقيتها ورسائلها.

 

في المعطى القانوني، يحدّد الدستور اللبناني حالات حلّ مجلس النوّاب في الفقرة الرابعة من المادة 65 الخاصة بصلاحيات مجلس الوزراء التي تنصّ على حلّ مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية إذا امتنع مجلس النواب، لغير أسباب قاهرة، عن الاجتماع طوال عقد عادي، أو طوال عقدين استثنائيين متواليين، لا تقل مدة كل منهما عن الشهر. أو في حال ردّ الموازنة برمّتها بقصد شلّ يد الحكومة عن العمل.

 

وفي المادة 77، المتعلقة بإمكانية حلّ مجلس النواب من قبل مجلس الوزراء عند تعذّر الاتفاق بين السلطتين على مسألة تعديل الدستور.

 

وفي الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، يعود الى مجلس النواب تقصير ولايته، باقتراح قانون يُقدّم من نائب أو أكثر مرفق بالأسباب الموجبة (من دون أن يحدّدها الدستور)، على أن يُطرح على الهيئة العامة للمجلس للتصويت عليه وفق الأكثرية البسيطة (أي النصف زائداً واحداً) من النصاب القانوني العادي أي 65 نائباً. بتعديل مادة وحيدة في قانون الإنتخاب المتعلقة بولاية المجلس المحددة بـ4 سنوات.

 

وتجدر الإشارة إلى أنّ الدستور لم يلحظ في مواده بشكل صريح أو ضمنيّ أنّ استقالة عدد من النواب (مهما بلغ عددهم) تؤدي حكماً إلى انتخابات نيابية مبكرة، وذلك على خلاف حالة مجلس الوزراء الذي يُعتبر مستقيلاً حكماً إذا استقال أكثر من ثلث عدد أعضائه المحدّد في مرسوم تشكيل الحكومة (المادة 69).

 

أمّا سياسيّاً، وفيما يظهر اقتراح بو صعب، أنه يدور في صندوق توجيه الرسائل الداخلية المباشرة وغير المباشرة للثنائي المسيحي تحديداً، الرافض شروط رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ومن خلفه «حزب الله» وحلفائه، رأى عضو تكتلّ «الجمهورية القويّة» النائب سعيد الأسمر أنّ «رسالة بو صعب الأولى هي باتجاه رئيس «التيّار الوطنيّ الحرّ» النائب جبران باسيل، لتمنينه ببعض نوابه الذين فازوا في الانتخابات بأصوات الثنائي الشّيعي وحلفائه، وأنهم قادرون على استعادتهم في أي انتخابات نيابية مبكرة أو مقبلة». أمّا الرسالة الثانية، فأشار الأسمر إلى أنّ «بو صعب أراد أن يغطّي عرقلة برّي لإنجاز الإستحقاق الرئاسي عبر تطيير الجلسات والنصاب، ورمي كرة التعطيل في ملعب مجلس النوّاب واعتباره غير قادر على انتخاب الرئيس. وتلميع صورته تجاه المجتمع الدولي الذي يشدّد على انتخاب رئيس الجمهورية كمدخل للإصلاح وانتظام الحياة السياسية والمؤسساتية».

 

وأضاف الأسمر أنه في حال «التزم برّي وفريقه تطبيق الدستور وفتح جلسات متعاقبة متتالية ولم يستطع المجلس انتخاب رئيس، فلنذهب عندها إلى انتخابات نيابية مبكّرة. ونحن جاهزون».

 

أمّا عضو تكتلّ «لبنان القويّ» النائب غسّان عطالله، فاعتبر أنه «كان من الأفضل على رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ونائبه بو صعب، أن يذهبا إلى إجراءات عملية بفتح جلسات متكرّرة تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، بدل أن يلتهيا في اقتراحات ودعوات لا فائدة منها». وقال: «الأجدى بمن دعا إلى انتخابات نيابية مبكّرة ألا يساهم في التمديد للمجالس البلدية والإختيارية، فإذا كانت الحكومة عاجزة عن إجراء انتخابات السلطات المحلية، وغير قادرة على تأمين الإعتمادات المالية اللازمة من قبل مجلس النوّاب، فكيف ستخوض الإنتخابات التشريعية؟».

 

وعمّا تحمله «فكرة» بو صعب من رسائل مبطّنة من برّي إلى «التيّار الوطنيّ»، سأل: «ألم يتعلّموا بعد طيلة السنوات الثلاث الماضية أنه لا جدوى من التهديدات والشتائم والتخوين بحقّنا؟ في كلّ مرّة نُهاجم تزداد قوّتنا». وأردف: «لسنا خائفين من أي انتخابات أكانت مبكّرة أو بعد انتهاء الولاية الحالية للمجلس». وشدّد على موقف «التيار» من الملف الرئاسي وترشيحه الوزير السابق جهاد أزعور، و»أن الفرض والتهميش وتخطّي إرادة المسيحيين لن تمرّ».