IMLebanon

العام والخاص في  الرملة البيضا… ونيوزيلندا !

لبنان معجوق ومخفوق بزيارة وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت، وإحاطتها بكل ما يلزم من الاهتمام والتعظيم، على اعتبار أنها مخصصة – كما يُقال في الظاهر والاعلام – لمعالجة المشكلة الأم المتعلقة بالشغور الرئاسي المتمادي منذ سنتين ونيف. ولأن مثل هذا الأمر الجلل هو من اختصاص الكبار في لبنان فقط الذين يفهمون أكثر من غيرهم، ممن هم أدنى مستوى، فيجدر بهؤلاء الاهتمام بقضايا ومسائل أخرى على قدّهم، ولا يتجاوزونها الى ما هو من اختصاص نخبة النخبة من القيادات السياسية، في موضوع كبير مثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية! وعلى هذا الأساس سنتوقف عند موضوع آخر صغير، سبق وسال حوله حبر كثير، مثل موضوع شاطئ الرملة البيضا والمسبح الشعبي المصادَر هناك…

***

الأزمات في لبنان تتناسل في مسلسل مكسيكي طويل، ثم يختفي ذكرها فجأة، ليس لأنه جرى حلها، وانما لأن أزمة ثانية حلت محلها وأخذت كل الأضواء، وأخمدت ذكر سابقاتها، بمعنى أن الأزمات في لبنان يقبر بعضها بعضاً… ولكن ما أعاد التذكير بأزمة الرملة البيضا هو حدث مشابه ومناقض في آن، جرى في نيوزيلندا. وهذا البلد المؤلف من عدة جزر ويقع في جنوب غرب المحيط، يماثل عدد سكانه عدد سكان لبنان، أي ما يزيد عن أربعة ملايين نسمة. وفي هذا البلد مشكلة شاطئ تشبه مشكلة الرملة البيضا ولكن بصورة معكوسة، وجرى حلها بطريقة معكوسة أيضاً عما جرى ويجري في لبنان…

***

شاطئ الرملة البيضا في لبنان هو ملكية عامة، وجرى اجتزاء قسم من أحد طرفيه وبيعه بصورة غير قانونية ليصبح ملكية خاصة. في نيوزيلندا شاطئ يشبه بجماله شاطئ الرملة البيضا اسمه أواروا ولكنه ملكية خاصة بصورة قانونية. وتقوم عند أحد طرفيه حديقة عامة جميلة، ولكنها من الأملاك العامة. وتحركت النخوة لدى أحد المواطنين النيوزيلنديين فجمع تبرعات من أربعين ألف مواطن وحصل على مبلغ يكفي لشراء هذا الشاطئ من مالكه الشرعي، ونجح بتحوله الى ملك عام مفتوح للجميع… ولم يزد المبلغ المخصص للشراء عن ١.٦٧ مليون دولار لشراء هذا الشاطئ المحاط بالتلال الخضراء…

***

أما في لبنان، وبعد تحويل العام الى خاص في الرملة البيضا وغيرها!، فتجد السلطات المعنية صعوبة في اعادة الأمر الى ما كان عليه الا بصفقة تقارب المائة وعشرين مليون دولار! فهل سيكون الحل بأن تطلب السلطات المعنية في لبنان من فقراء جوار الرملة البيضا أن يخرج من بينهم صاحب نخوة، ويجمع منهم ثمن اعادة الخاص الذي يملكونه أصلاً، الى العام الذي لم يعودوا يملكونه؟!