IMLebanon

التوطين وتقسيم المنطقة

لست أدري لِمَ هذا «البازار» التوطيني، ونشر «بعبعه» بين اللبنانيين، المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء، كلاهما ليسا بوارد القبول بتوطين أي لاجىء سوري في لبنان، ولا شيء يدعو إلى القلق جدياً في وقت فتحت فيه دول أوروبيّة كثيرة ذراعيها لاستقبال اللاجئين السوريين، وفي وقت تعلن فيه الأمم المتحدة أنها دعت الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية إلى إعادة توطين مئات الآلاف من السوريين. وأنّها تسعى لإعادة توطين 450 ألف لاجئ سوري يشكلون عشر الأعداد الموجودة الآن في دول مجاورة وذلك بنهاية عام 2018، فما الذي يدعو إلى القلق، لا مكان في لبنان لتوطين أحد، وكفانا متاجرة بهذه «الفزّاعة»!!

وعطفا على هامشنا يوم الأربعاء الماضي وخرائط تقسيم المنطقة، وما اصطلح على تسميته بمشروع برنارد لويس والخارطة التي وضعها لتقسيم المنطقة ودولها، فمن يطّلع على هذه التقسيمات يصاب بنوبة من الضحك، فخارطة تقسيم لبنان لبنان في هذا المشروع، تدفعنا إلى الظن، أنّ الأمر لا يتجاوز كونه «نظريّة مؤامرة» وضعت فقط لتخويف هذه الدول، حتى لو كنا نرى ملامح حقيقية لتقسيم المنطقة تتبدّى في دول عربيّة كثيرة، ربما علينا إلقاء نظرة كيف تخيّل برنارد لويس تقسيم لبنان ودولته، عسى أن يطمئنّ «مفتعلو القلق»…

في خرائط برنارد لويس يُقسم لبنان إلى «دولة سنية، دولة مارونية، دولة سهل البقاع العلوية (باعتبار الاحتلال السوري للبقاع)، تدويل بيروت العاصمة، دولة فلسطينية حول صيدا وحتى نهر الليطاني تتبع منظمة التحرير الفلسطينية، دولة لحزب الكتائب في الجنوب، دولة درزية غير دولة الدروز فى الجولان»!!

نظرة على خرائط برنارد لويس والذين يخوفوننا بمشروعه الصهيوني لتقسيم المنطقة ـ الذي وافق عليه الكونغرس الأميركي بالإجماع وفي جلسة سريّة ـ يدفعنا إلى إلقاء المشروع وصاحبه في سلّة المهملات، وإن أصاب في رسم خريطة العراق مثلاً ـ لشدة وضوح العرق والمذهب فيها ـ «دولة شيعية في الجنوب حول البصرة، دولة سنية في وسط العراق حول بغداد، دولة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل على أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفياتية سابقًا»…

في مخطط برنارد لويس تقسّم سوريا إلى «دولة علوية شيعية على ساحل البحر المتوسط، دولة سنية في منطقة حلب، دولة سنية حول دمشق، دولة الدروز في الجولان»، ويُقسّم مصر إلى «دولة إسلامية سنية، دولة للأقباط، دولة للنوبة، دولة للبدو فى سيناء، دولة فلسطينية على شمال سيناء بعد ضمها إلى غزة»…

وهنا لا بدّ لنا من لفت القارىء إلى أن الترويج لهذا المخطط بالتركيز على المنطقة العربية فقط، ويتجاهل تماماً أنّ مشروع لويس لحظ تقسيم إيران، لذا على الذين ينظّرون أن تقسيم المملكة العربية السعوديّة، عليهم أن يقرأوا جيداً حال القسمة الإيرانيّة ما داموا يضعن القراء في أجواء الوهم والتخويف!!

خارطة برنارد لويس تنصّ على تقسيم شبه الجزيرة العربية عبر «إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عُمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دول فقط، دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعُمان والبحرين، دولة نجد السُنيَّة، دولة الحجاز السنية»، ولكن ما يستدعي إطلاع القارىء  عليه، هو خارطة تقسيم إيران وباكستان وأفغانستان إلى عشر دول عرقية التي وضعها برنارد لويس وهي «كردستان، أذربيجان، تركستان، عربستان، إيرانستان، بوخونستان، بلوشستان، أفغانستان، باكستان، كشمير»…

الخرائط ليست مرسومة، والتقسيم خاضع لتفاصيل الأرض والحرب في الميدان، قد يكون أفضل دحض لهذا المشروع الوهمي الذي يحتل مساحة واسعة من الكلام عن تقسيم المنطقة، هو مقال لبرنارد لويس نفسه ، فعندما دعت أميركا عام 2007 إلى مؤتمر «أنابوليس» للسلام، كتب لويس في صحيفة «وول ستريت»: «يجب ألّا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلّا باعتباره مجرد تكتيك موقوت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا كما فعلت أميركا مع الهنود الحمر من قبل»!!