IMLebanon

الحراك الشعبي.. انتفاضة.. ثورة.. أم فوضى؟!

 

مواطنون وإعلاميون ومنتفضون  يتساءلون أين الحراك؟ لماذا لم تشهد ساحات الاعتصام الحشد البشري الذي وجد منذ بداية الانطلاقة وبات مقتصرا على مجموعات شعبية قليلة العدد وغابت عنه مئات الألوف التي أرعبت الطبقة السياسية المتهالكة وحلفائها وزبانيتها وعلا صوت الشعب الهادر الموحّد بأوجاعه ضد الحاكمين والمتحكمين بالبلاد والعباد رافعين بثبات العلم اللبناني دون غيره وشعار واحد (كلهن يعني كلهن) وقبله شعار (طلعت ريحتكم). الى أن وقعت الواقعة في مرفأ بيروت وليس لفعلتها حتى الآن كاشفة رغم مرور سنة كاملة.

 

والعارفون ببواطن الأمور وأسرار الحكم وتركيباته لا تخفى عليهم خافية عن هذه المواد لناقليها ومستقدميها وتخزينها سنوات سبع وتامين الحراسة المشددة عليها وأغلب الظن انهم فوجئوا بتفجيرها دون دراية منهم بأن طابخ السم سوف يصيبه وأهله.

 

ان هذا الفعل الجهنمي الإجرامي الشبيه بالنووي هو الثالث عالميا بعد القنبلتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان في الحرب العالمية الثانية وأصاب البشر والحجر والشجر في لبنان المتآمر عليه وكان ضحيته أكثر من 200 من الشهداء شباب ورجال وفتيات ونساء وجرحى ومفقودين وهدم أبنية ومنازل ومتاجر وأحياء تراثية كانت صورة لبنان الحضارة والثقافة.

 

ونعود جوابا على أسباب انكفاء المواطنين للنزول الى الساحات والميادين وبالاندفاعة المعهودة لديهم:

 

1- ان هول تفجير المرفأ وتداعياته المأساوية وسوء وقباحة تعامل الحاكمين مع الحدث الجريمة ومع الضحايا وأهليهم وعدم كشف المستور المعلوم لديهم حتما قد ولّد لدى كثيرين من الشعب الثائر حالة من الاحباط مقرونة بحالة من القرف والاشمئزاز من زمرة الحاكمين واستهتارها بالواقعة التي دفعت الكثير من دول العالم وشعوبها إلى التضامن الإنساني الكبير مع لبنان الوطن وشعبه وعزل حكامه وحكوماته.

 

2- تسلل عناصر مليشيوية الى المنتفضين ضربا واعتداء ونعتهم بالعمالة لقوى أجنبية معادية وإثارة نعرات طائفية ومذهبية تخرج المنتفضين من جحيمها.

 

3- استخدام العنف بوجه المنتفضين من كثيرين من عناصر قوى الأمن والشرطة ومن حراس المسؤوليين المحظوظين ورمي الناس وتجمعاتهم بالقنابل الدخانية التي تسببت بحالات اختناق شديد الوطأة على الصحة والحياة والرصاص المطاط والحي القاتل وسقوط الكثير من الجرحى وقليل من الشهداء.

 

4- استخدام السطة الأمنية أسلوبها التقليدي بدسّ عناصرها وسط المنتفضين للقيام باحداث شغب وافتعال صدامات مع قوى الأمن برمي حجارة وتكسير أماكن ومحلات تبريرا لاستخدام العنف الأشد ضد المنتفضين وهذا ما اعترف به وزير داخلية سابق في احدى المقابلات التلفزيونية ونمتنع عن ذكر اسمه رغم شهرته الواسعة.

 

5- ومن جهة أخرى هناك أخطاء وتجاوزات صادرة عن بعض أهل الحراك خلافا لمساره وأهدافه وغاياته الوطنية المتقدمة وأساءت أيّما إساءة منها:

 

أ- إشعال الحرائق بدواليب الكاوتشوك ومستوعبات النفايات والأضرار الجسدية البالغة التي تصيب الإنسان والبيئة معا.

 

ب- إغلاق الطرقات وإقفال الساحات ومنع المواطنين من ممارسة أعمالهم وأشغالهم وحتى المرضى على تنوّع مصابهم ودون ممر اضطراري منعا من الموت المحقق.

 

ج- التصادم المستمر مع قوى الأمن والشرطة وكذلك مع عناصر الجيش اللبناني الحامي للوطن والمواطنين والذود عنهما.

 

د- أحداث الشغب برمي الحجارة وكل ما يصل الى أيديهم وتكسير المتاجر والمحال بل واحراق بعضها وصولا الى الأملاك والمؤسسات العامة والخاصة وتحويل بيروت الجميلة عاصمة كل اللبنانيين وسيدة العواصم العربية وبعد إعادة اعمارها من جديد بعد الحرب الأهلية والاحتلال الإسرائيلي لها تحويلها الى ساحات حرب همجية مدمرة لدورها ولطبيعتها وخصائصها.

 

هـ- إطلاق الكلمات والشعارات البذيئة والشتائم والسباب لمراجع ومقامات دون خجل أو حياء واستخدام التجييش الطائفي والمذهبي لاحداث الفتن والصراعات واستعراض القوة الرعناء والافعال الخبيثة.

 

أخيرا أذكر جملة مبدئية قالها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر (يجب أن تتكافأ أساليبنا شرفا مع غاياتنا) آملين من الحراك الشعبي التقيّد والالتزام بمضمونها حتى يعود الحراك الى نقاوة انتفاضته الأولى ثم يتدرج الى ثورة عارمة ذات أهداف واضحة وبرنامج وطني للتغيير والبناء للبنان وطن الشعب لا وطن العابثين أصحاب المصالح الخاصة أرباب قوى الخارج والسفارات الأجنبية وأهل السلطة والنفوذ والنهب والاحتكار وقبل أن تستدرج السلطة باساليبها الخبيثة والمدربة عليها الى الفوضى الهدّامة والنصر دائما للشعب وأعداء الشعب الى الاندثار.