IMLebanon

رويبضة يا سيزار…

 

هناك وزير لبناني اسمه سيزار أبي خليل. إلى هنا لا بأس. هذا قرّر، أخيراً، ولسبب ما زال غامضاً، أن ينتحل شخصية الشيخ أحمد الأسير. هذا الأخير، قبل نحو ٦ سنوات، اعتلى المنبر حاملاً بيده لعبة، للأطفال، وقد خالها تنطق بعبارة: «اضرب السيدة عائشة». ثم، ويا غيرة الدين. أرأيتم ما يباع لأطفال الشيعة! فاز الأسير، آنذاك، بجائزة أسخف خطبة جمعة في تاريخ لبنان وسائر المشرق. سيأتي الآن أبي خليل لينافسه على الجائزة، إنما من باب السياسة ــــ الصبحية. أحد ما، أو شيء ما، أوحى للوزير، قبل يومين، أن رمزية السيدة عائشة يمكن أن تكون مزعجة لخصم له في السياسة. هو، قال، يريد أن «يقرق» على حركة أمل، بعدما أشعل الجنوب وكاد يعيده إلى زمن حرب إقليم التفاح، أقله في مواقع التواصل.

ولو يا سيزار! بَدوتَ، وأنت تقولها، كصبي ضئيل الذكاء يحاول أن يصل إلى لعبة الشيخ الأسير ليلهو بها. هكذا تماماً. حتى الأسير، على تفاهته، لم تنجح في منافسته. أقله كان كاريزماتياً. أعلى صوتاً، أسلم نطقاً… فيما أنت، زجاج برتبة نائب ووزير. من أجل باخرة كهرباء، كانت سترسو في الجنوب، يستحضر، هذا السيزار، ذكر السيدة عائشة. قال هو ذكي وحربوق ويعرف كيف يحرج الخصم. تريدها فتنة مزدوجة بين السنة والشيعة وبين الشيعة والشيعة؟ الراجح أنك لست بهذا العمق، وهنا المفارقة، إذ لا تعدو كونها حركة ولادية منك. لو كنت تريد أن تفعلها تجاه حزب الله، مثلاً، لكانت الخطوة أكثر بيعاً في سوق الغرائز الدينية. إنما مع حركة أمل، ولو! حتى لو كانت هناك رائحة لهذه السيرة، وهي غير موجودة إلا في ذهن قائلها، فهل يحكى بها على الهواء مباشرة، هكذا، يا معاليك! حركة أمل رفضت باخرة الكهرباء التركية لأن اسمها عائشة! جرى تحويل اسمها إلى إسراء! وزير يقول هذا، لاهياً، يا رباه! ما الذي يمنع أبو يوسف الخضرجي أن يكون وزيراً طالما سيزار، وأمثاله، يصبحون وزراء؟ سؤال حقيقي، لا سخرية فيه، واليوم على الراسخين في العلوم السياسية أن يجيبوا عليه.

سيزار، وبحسبه، أنه «حفاظاً على بعض المشاعر»، تغير اسم الباخرة، بعدما كان اسمها «عائشة ما بعرف شو»… خاتماً فظاعته بالقول: «وما بدي فصل أكثر من هيك». لا، بالله عليك فصل، فصل يرحمك الرب! وزير الطاقة ولا تعرف الاسم الأصلي للباخرة؟ اسمها عائشة «ما بعرف شو». هذا فجور يا سيزار. فجور بنكهة هبل. حتى الفجور له أصول. أتراه عاش حياته كلها في سويسرا، مثلاً، ثم أصبح فجأة وزيراً في لبنان، حتى لا يكون عارفاً بحساسية هذا المسائل المذهبية؟ هو البلد ناقص؟ ما له وهذه البهلوانيات بين كبيرين، بحجم الدماء الدينية التاريخية في المنطقة، سيذهب هو فيها، في أحسن الأحوال، فراطة أو فرق عملة. أما من مستشار، لهذا الأقل من مستشار، ولو برتبة نائب ووزير، حتى ينصحه بأن يظل عاكفاً على مناكفات، بحجمه، كتلك التي تدور غالباً بين التلفزيون البرتقالي وتلفزيون المر وما شاكل؟. كيف يصبح هؤلاء وزراء ونواباً؟ هذا هو السؤال الأصل وما عدا ذلك انشغال بالعبث.

هل سيدلي سيزار برأيه، غداً، في واقعة الجمل؟ ما رأيه بالزبير بن العوام، مثلاً؟ عموماً، في التراث الإسلامي أن النبي قال: «سيأتي على الناس سنوات خدّاعات (…) وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة».