IMLebanon

الشمال الثانية: من هنا تبدأ معركة الزعامة السنية

 

جميع القوى السياسية في دائرة الشمال الثانية ما زالت عاجزة عن تحديد تحالفاتها وحسم أسماء مُرشحيها إلى الانتخابات النيابية، وتواجه «عقبات» عدّة. يريد نجيب ميقاتي أن يُثبت زعامته «سنّياً»، لذلك، حسم أمره برسم سقف عدم التحالف مع قوى ٨ آذار، مستثنياً من هذه المعادلة فيصل كرامي. تيار المستقبل يخوض معركة مع ميقاتي وأشرف ريفي، مُستعيناً بأجهزة الدولة، ويواجه في الوقت نفسه صراعاً داخلياً حول الصوت التفضيلي وخياراته الانتخابية (الأسماء). أما قوى 8 آذار، فتنتظر أن يحسم ميقاتي خياراته

عربة البائع الذي يبيع غزل البنات بألوان الزهري والأزرق والأخضر، على الكورنيش البحري في الميناء، فيها «حياةٌ» وحيوية، أكثر من التحضيرات لخوض استحقاق أيار ٢٠١٨. العدد القليل جداً من صُوَر المُرشحين، حديثي العهد، إلى الانتخابات النيابية، لا يعني أنّ دائرة الشمال الثانية دخلت رسمياً «نفق» الانتخابات.

 

«الهدوء الانتخابي»، يشمل طرابلس ــ المنية ــ الضنية وكلّ الدوائر الانتخابية، حيث إنّه قبل أقل من ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات، تتصرّف القوى السياسية كما لو أنّها تملك ترف الوقت. «كلّن»، من الأحزاب والشخصيات الطرابلسية الأساسية، ينتظرون بعضهم البعض، قبل الإقدام على أي خطوة إن كان لناحية التحالفات أو الترشيحات. رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي من جهة، وتحالف قوى ٨ آذار والنائب السابق جهاد الصمد والوزير السابق فيصل كرامي، من جهة أخرى، مثالٌ على ذلك.

لا يزال «الحاج نجيب»، يتريث في الكشف عن أوراقه. مصادره تقول إنّه «لم يعد يبحث بين الخيارات المطروحة، وأي منها هو الأفضل له». يوحي ذلك بأنّ الأمر مبتوتٌ: «يريد الرئيس (ميقاتي) أن يُحافظ على صورته بأنّه وسطي»، مع ما يتضمنه ذلك من عدم عقد تحالفات «تترك انطباعاً بأنّ اللائحة هي لـ٨ آذار». يُفكر في أن تتألف لائحته من وجوه عدة أولها كرامي إذا وافق على الانفصال عن حلفائه في المنية ــ الضنية، جان عبيد (ماروني) «الذي تواصل معه تيار المستقبل للتحالف انتخابياً، ولكنّ عبيد أكد التزامه مع ميقاتي»، محمد الفاضل في الضنية، فيما لم يحسم أمر باقي الخيارات، وإن كان المرجح حتى الآن نقولا نحاس عن المقعد الأرثوذكسي وشخصية من آل علم الدين في المنية.

 

 

جهاد الصمد: لا نخجل

بخطنا الوطني، وبحلفنا مع المقاومة وفرنجية

 

بالنسبة إلى الميقاتيين، التحالف مع كرامي والصمد وتيار المردة، «يرفع حاصل اللائحة الانتخابي صحيح، ولكن نكون قد قدّمنا ذريعة لتيار المستقبل وريفي لمحاربتنا. علماً أنّه لدينا قناعة، بأنّ المعركة الحقيقية ستكون بين المستقبل وريفي». سبب آخر يُعرقل تحالف حلفاء ٨ آذار مع ميقاتي، أنّ «فوزهم لا يضمن لنا تشكيل كتلة نيابية. في حال حصل انقسام سياسي مُستقبلاً، يتبنّى الشباب (كرامي، الصمد، المردة) موقفنا ويلتزمون مع ميقاتي، أم مع ٨ آذار؟». ويوجد اقتناع بأنّ الشارع الطرابلسي «سيُعاقب ميقاتي في حال تحالفه مع ٨ آذار، تماماً كردّة الفعل التي قام بها خلال الانتخابات البلدية، ضدّ اللائحة التوافقية». ويجب أن يفوز مع رئيس الحكومة السابق «مُرشح سنّي ثان (في طرابلس)، محسوب عليه، حتى يُعتبر أنه انتصر على المستقبل».

ما العمل إذاً؟ تقول مصادر ميقاتي إنّه «عَرَض على فيصل كرامي أن يتحالف معه وحده، من دون جهاد الصمد أو تيار المردة، وهو ينتظر ردّه». لا يُشكل كرامي «احراجاً» لميقاتي لأنّه ابن عائلة سياسية تاريخية «يهم الجميع الحفاظ عليها». وعلى ذمة المصادر، تشاور كرامي مع نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم (المسؤول عن متابعة ملّف الانتخابات النيابية) بالأمر، «فلم يُبدِ (الأخير) حماسة لذلك، بسبب صعوبة تشكيل الصمد لائحة تؤمّن الحاصل وتضم رمزاً من مدينة طرابلس، حتى لو حلّ حينها أولاً أو ثانياً في الضنية، سيخسر».

ما تتحدّث عنه مصادر ميقاتي، لا يجد صدى على جبهتَي كرامي والصمد. ينفي الأول هذه الرواية، «لأنني حتى الساعة، أتواصل مع الرئيس ميقاتي على الهاتف من دون أن نجتمع. سألتقيه هذا الأسبوع، وندرس الأرقام وعلى أساسه نُقرّر». أما جهاد الصمد، فيجلس في أحد مقاهي منطقة التل، مشغولٌ بالردّ على اتصالاته «الخدماتية». يقول إنّه «إذا وفّقنا الله، نسعى لنصل إلى ساحة النجمة مع تكتل شمالي، برئاسة مُرشحنا إلى رئاسة الحكومة (ميقاتي) ويضم مُرشحاً إلى رئاسة الجمهورية (النائب سليمان فرنجية)». يبدو الصمد مُتفائلاً بلائحة تجمعه مع ميقاتي وكرامي وتيار المردة ومُرشح علوي «غير مُستفز للبيئة الطرابلسية»، أما رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، «فرغم أنّه يشكل حالة في المنية لا يُمكن أن يتخطاها أحد، ولكن للانتخابات حساباتها». هناك مصلحة، بالنسبة إلى الصمد، «أن نكون كلّنا معاً». ولكن، ستُتهم هذه اللائحة بأنّها تابعة لـ٨ آذار. يسأل الصمد، «أين يوجد بعد ٨ و١٤ آذار؟»، مُضيفاً بأنّه «لا نخجل بخطنا الوطني، وبحلفنا مع المقاومة وحركة أمل وفرنجية، وليست تهمة أن يكون الانسان مع المقاومة ضدّ اسرائيل». ولكن، «أنا مُرشح مستقل، شرعيتي أحصل عليها من ناسي وأهلي».

هناك معركة داخل

تيار المستقبل بين كبارة والجسر حول الصوت التفضيلي

 

إحدى الشخصيات الطرابلسية، الحليفة للصمد، تُحاول الترويج لضرورة أن يُشكل ميقاتي وكرامي لائحة، والصمد وتيار المردة وبقية حلفاء ٨ آذار لائحة، «خوفاً» من أن تنعكس أصوات الصمد سلباً على كرامي، فيخسر المقعد. يقول الصمد إنّه «حريصٌ على أن يبقى بيت عبد الحميد كرامي مفتوحاً. معركة فيصل هي معركتي، ومُتمسك أن ننجح نحن الاثنين».

شخصية ثانية مقربة من 8 آذار، تجزم بأن جوهر الأزمة بين ميقاتي والصمد حسابي وليس سياسياً. الأخير يشكل رافعة في الضنية ولكنه بما يمكن أن يحصد من أصوات، قد يحتل المرتبة الأولى، وهذا هو جوهر خيار الانفصال الحبي بين الاثنين، على أن يلتقيا بعد الانتخابات في كتلة واحدة، طبعاً بعد تبديد بعض عوامل الضعف، ومنها تجيير أصوات كمال الخير في المنية للائحة الصمد لرفع الحاصل الانتخابي.

ريفي: العمل على

ريفي: العمل على «العائلات» الطرابلسية

 

يُقدّم وزير العدل السابق نفسه كـ«الرقم واحد» في دائرة الشمال الثانية، واعداً بـ«مفاجآت» في نتائج الانتخابات، في حين أنّ خصومه ما زالوا يعتبرونه «الثاني أو الثالث، يُنافس على هذين المركزين مع تيار المستقبل». كان من المفترض أن يُعلن اللواء المتقاعد لائحته في الأسبوع الأول من شباط («الأخبار» ــ العدد ٣٣٨٤)، الأمر الذي لم يحصل بعد، في انتظار إقفال باب الترشيحات رسمياً، كما قال ريفي، أول من أمس.

عددٌ من أسماء لائحة ريفي بات شبه محسوم، بحسب المصادر الطرابلسية، كـ«وليد قمر الدين، ابن شقيق محسن عيد(بدر عيد)، شقيق العسكري الشهيد ابراهيم مغيط، نظام مغيط (بعد أن رفض رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي حسام قبيطر الترشح)، راغب رعد وعبد العزيز الصمد من الضنية». أما بالنسبة إلى شقيق رئيس بلدية الميناء، عبد المنعم علم الدين، فقد هدّدت القوى السياسية في طرابلس بـ«طرح الثقة برئيس البلدية عبد القادر علم الدين، في حال قَبِل عبد المنعم الترشح مع ريفي».

تواجه ريفي «عقبات» عدّة، منها صراعه مع الأجهزة الأمنية، والخلافات المستمرة بين كوادره والذين «يتكل» عليهم في المناطق الشعبية. على الرغم من ذلك، «ينشط ريفي في طرابلس، ويعمل حالياً على تعزيز وجوده في صفوف العائلات الطرابلسية، التي تُعتبر الناخب الصامت».

تيار المستقبل:

 

محمد كبارة Vs سمير الجسر

 

قبل أن يُنافس تيار المستقبل، لائحتَي ميقاتي وريفي، عليه أن يحلّ الخلافات داخل تياره بين «مُعسكري» النائبين محمد كبارة وسمير الجسر، حول توزيع الصوت التفضيلي. تُقدّم المصادر الطرابلسية «عيّنة» عن المعركة التي ستشهدها اللائحة الزرقاء، وهو «الفطور الذي نظّمه، قبل قرابة الأسبوعين، مختار الميناء عبدالله البقّا على شرف كريم محمد كبارة». المُختار كان من أنصار ريفي، قبل أن ينشق عنه ويلتحق بـ«المستقبل». خلال الجلسة، أعلن المختار توفير الدعم للوزير كبّارة، «رئيس لائحة المستقبل والذي سنمنحه أصواتنا التفضيلية». أدّى هذا الأمر إلى بلبلة مستقبلية، وانزعاج الجسر، وقد اتصل مُنسق التيار الأزرق ناصر عدره بالمختار مُعترضاً على كلامه.

 

المنية: «زيّ ما هيّي»

 

المنية هي «مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري». منذ قرابة السنة، والأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري يُحاول إعادة شدّ عصب العائلات، «يطرق الأبواب، ويتناول الطعام مع الأهالي». تقول مصادر من المنية بأنّ تيار المستقبل «يبقى المؤثر الأول في المنية، ليس لأنه الأقوى، ولكن بسبب غياب فعاليات طرابلس التي كانت دائما تُهمش المنية». والقوة الثانية من بعد «التيار»، هو رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، على الرغم من مواقفه السياسية الداعمة لـ«محور المقاومة».

خصص القانون للمنية مقعداً انتخابياً واحداً، ولكنه فتح شهية المُرشحين: ٤ مرشحين من آل زريقة، ٥ من آل علم الدين، ٥ من آل الخير، وبعض المرشحين من العائلات الأقل عدداً. هذا الأمر مُمكن أن يخلق «مشكلة» لتيار المستقبل، لأنّ معظم المرشحين يدورون في فلكه، لا سيّما في ظلّ النقمة المتزايدة على النائب كاظم الخير. إلا أنّ المصادر تعتبر أنّه في النهاية «حين يُصفّر تيار المستقبل، تصطف الأغلبية وتلتزم بخياره. وهو على الأرجح سيستفيد من كثرة المرشحين، حتى تكون حجة لعدم تبديل كاظم الخير». وتتوقع المصادر أن لا يبقى في النتيجة سوى ٣ مرشحين: كاظم الخير (مستقبل)، كمال الخير (٨ آذار)، عثمان علم الدين.

 

الضنية: الصمد أولاً!

 

تُسيطر العائلات على تركيبة الضنية الحزبية والسياسية. واختيار المرشحين إلى الانتخابات، يخضع لعدم تهميش البلدات الثلاث الأساسي: بخعون، سفيرة، سير. انطلاقاً من هنا، يُفهم اختيار رئيس الحكومة سعد الحريري تعيين المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الشمالي خالد بركات، والمدير العام لوزارة الثقافة علي الصمد من بخعون. ولكن، لا يُفهم قبول حلفاء النائب السابق جهاد الصمد (من بخعون)، الذين يهمهم «الحفاظ» عليه، بالقرار وبهذا التوقيت «الانتخابي».

أكبر عائلات الضنية هي الصمد. يحل جهاد الصمد أولاً في استطلاعات الرأي، ويتنافس مع تيار المستقبل، الذي تراجعت شعبيته عن الـ٢٠٠٥. لم يُحسم بعد ما إذا كان النائب أحمد فتفت «مُرشح المستقبل أم حليف الوزير أشرف ريفي، الذي لم يستطع بناء أرضية يستند إليها في الضنية». في ظلّ القانون النسبي، لا يُمكن لأي فريق أن «يحتكر» المقعدين، من هنا «أرجحية أن يفوز جهاد الصمد ومُرشح المستقبل». ولكن، مقعد الصمد قد يكون مُهدداً في حال لم يتحالف مع النائب نجيب ميقاتي، «الذي سيُرشح محمد الفاضل على الأرجح»، علماً أنّه للجماعة الاسلامية مُرشح في الضنية هو النائب السابق أسعد هرموش.