IMLebanon

النأي بالنفس يتحوّل الى وجهة نظر عندما يتعلق الامر باسرائيل والارهاب

 

من بوابة فاطمة الى تظاهرة عوكر رسائل من الداخل اللبناني فحواها ان لبنان لا يزال بقلب العاصفة والحدث، فاعلان القدس عاصمة لاسرائيل يعني لبنان مباشرة ولولا الاخطاء وهفوات المتظاهرين  التي حصلت بالتعبير العنفي في التظاهرة ضد القوى الامنية لكان امكن القول ان لبنان احسن الاداء والتصرف مع القرار الاميركي ولولا زوبعة زيارة الخزعلي الى الحدود اللبنانية مع فلسطين التي  جرى تحويرها وتحميلها اكثر ما يلزم لكان يمكن القول ان لبنان صار بمنأى عن كل التهديدات له.فالواضح ان  الزيارة الميدانية  الاستطلاعية لقائد عصائب الحق العراقية الى بوابة فاطمة وتصريحه «عن تلبية المقاومة الاسلامية نداء الاسلام والتمهيد لدولة صاحب الزمان» لم تمر من دون ان يتم استثمارها في الصراع السياسي من قبل القوى التي سارت بقناعة في التسوية السياسية والفريق الذي ارتضى التسوية من اجل المصلحة العامة ومسايرة الجو السياسي بالتهدئة، والفريق الذي وجد نفسه مجبراً على القبول بالتسوية ولو عن غير قناعة، فجرت مقاربة زيارة «الخزعلي» للحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة من بوابة الاصطفافات السياسية التي سبقت التسوية، فوجد رئيس الحكومة الذي صاغ بيان النأي بالنفس مع رئيس الجمهورية على وقع حدث الاستقالة من السعودية  مجبراً على العودة الى الخطوط السابقة لحماية النأي بالنفس  والتزاماته تجاه المجتمع الدولي الذي حرره من القبضة السعودية مقابل ضمانات معينة تعهد بها الحريري للعودة الى السلطة مجدداً، وكان لا بد لصدور بيان السراي يطالب فيه الحريري القيادات الامنية والعسكرية اتخاذ الاجراءات تحول دون قيام اي جهة او شخص بأنشطة ذات طابع عسكري على الأراضي اللبنانية.

بدون شك فان بيان الحريري لاقته فيه بعبدا بحيث طلبت الرئاسة معلومات عن جولة الخزعلي وكيفية دخوله الى لبنان بدون تصريح من الجيش اللبناني، فيما كان لافتاً تأكيد مستشار الرئاسة للشؤون الدولية الوزير السابق الياس ابو صعب عن انتهاك رئيس عصائب الحق بخطوته تلك  السيادة اللبنانية بما يتفق الى حد ما على ادانة الخطوة واعتبارها غير شرعية. وهذه التصريحات وفق اوساط سياسية متابعة كانت ضرورية واستيعابية لحدث الزيارة التي كادت تتسبب بأزمة لسعد الحريري وللسلطة السياسية التي وقعت على بيان النأي بالنفس الجديد ، فلبنان الرسمي خرج من ازمة غياب الحريري واستقالته واستطاع ان يتجاوز قطوع التسوية المعدلة  وبالتالي فان المطلوب حماية وتحصين الموقف اللبناني والايحاء بأن لبنان يتعاطى موحداً على مستوى الرئاسات ينسق المسائل الاستراتيجية وله موقف سياسي واحد، وهذا ما ظهر في الموقف غير المتشنج من بعبدا ومن رئيس الحكومة ايضاً الذي لم يكن بمقدوره ان يتعاطى فوق طاقته في هذه المسألة فيتم تحميله تبعات السكوت ان لم يصدر موقفاً على دخول القائد العراقي بهذا الشكل الى الاراضي اللبنانية، كما ان الحريري وجد نفسه محرجًا بالمؤكد بين تعنيف الرد ارضاء للمجتمع الدولي الذي يتطلع الى كيفية تطبيق حكومة الحريري لسياسة النأي بالنفس، ومع حزب الله، خصوصاً ان رئيس الحكومة لا يمكن ان يتجاهل الدور الايجابي الذي لعبه حزب الله في محنة استقالته من الرياض، بحيث قام حزب الله بعدم التصعيد واستيعاب الصدمة وكان التنسيق كاملاً بين الضاحية وبعبدا وعين التينة لاسترجاع سعد الحريري.

الواضح ان الفيديو المسرب شكل مادة دسمة استهدفت التسوية السياسية بعدما تم استغلالها للتصويب على رئيس الحكومة من الفريق السياسي الذي لا تعجبه عودة الحريري الى السلطة ومن المتضررين من التسوية، فالوزير السابق أشرف ريفي وجدها فرصة ليؤكد ان السلطة اساساً لا تزال بيد حزب الله والجيش الايراني، فيما «صوَب « سمير جعجع هجومه على النأي بالنفس الذي اجراه سعد الحريري».

واذا كانت «عصائب الحق» حاولت توضيح الالتباسات التي رافقت الزيارة لقائد عصائب الحق الذي ظهر محاطاً بقياديين عسكريين لحزب الله،  باعتبار ان اللباس العسكري هو تضامني مع فلسطين بدون ان يكون له علاقة بموضوع اعلان القدس كون الجولة حصلت قبل صدور القرار الاميركي بايام، وبالتأكيد على ان الزيارة حصلت من ضمن جواز سفر عراقي،  فان طريقة التعاطي الداخلي مع الموضوع تميزت بالاستيعابية، وتقول اوساط قريبة من التسوية ان «لا شيىء اليوم قادر على هدم التسوية التي انجزها الرئيس ميشال عون والحريري، او على التفريق بين رئيسي الجمهورية والحكومة مهما بلغت الوشوشات، فعودة الحريري الى الحكومة هي نتاج الضغوط الخارجية وتلاحم كل القوى السياسية ومطالبة حزب الله والمستقبل وعين التينة وبعبدا وكل المكونات السياسية التي حتمت رضوخ الرياض والعمل على تصحيح غلطتها، وبالتالي فان اللعب في ملعب تقويض الوضع وضرب النأي بالنفس على خلفية الزيارة  الميدانية للقائد العسكري العراقي لا تصح اليوم، في حين تصر الاوساط على ان تسريب الفيديو  لم يكن موجهاً الى موضوع النأي بالنفس، بل ان غايته سياسية ضد النوايا العدوانية الاسرائيلية وما خططت له اسرائيل من مخططات للمنطقة. فعصائب الحق «ساهموا في اخضاع اسرائيل واذلالها واسرائيل ترغب بالتخلص منهم وتصفيتهم».

وفيما اعتبر القريبون من الرئاسة ان الزيارة انتهاكاً للسيادة، فان هذا الموقف الذي لا تخجل به الرئاسة وهو لم يحصل بمعزل عن قيادة حارة حريك، هو لحماية النأي بالنفس من اي تاثيرات سلبية خصوصاً ان المتربصين بالحكومة ينتظرون الحريري  على مفترق الطريق، وسعد الحريري نجا من المقلب السعودي لكنه ليس بمنأى عن التطورات والاحداث التي تستهدف اضعافه واستغلال نقاط الضعف لضربه واستهداف العهد مجدداً. من هنا تضيف الاوساط فان ما رشح عن حزب الله يظهر ان الحزب لا يسعى الى الخربطة، لكنه تقصد ان يوضح ان معادلة  النأي بالنفس لن تسقط لبنانياً ولكن… معادلة النأي بالنفس  تصبح وجهة نظر وتسقط فقط عندما يتعلق الأمر باسرائيل المعتدية او بالارهاب.