IMLebanon

صدمة الخروج من المأزق تحتاج وقتاً

 

لا يملك أي من كبار الزعماء وكبار المسؤولين جواباً عما سيكون عليه اليوم التالي للمأزق المصيري الذي بلغه لبنان، والذي سقطت فيه وحوله تلك القوى المتحكمة بالقرار اللبناني.

 

قد تكون الصدمة الإيجابية إستقالة الحكومة تمهيداً لمعالجات تطلق محاولة الخروج من المأزق، مع أن مطالب الحراك الشعبي تتجاوز ذلك إلى تنحي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لكن ذهاب الحكومة الذي إصطدم بذعر القيادات الرئيسة من عواقبه على تدهور الوضع المالي، حال، حتى إشعار آخر، دون إقدام رئيس الحكومة على هذا الخيار. وحتى إشعار آخر أيضاً، فإن القوى الدولية، من الولايات المتحدة إلى الدول الأوروبية نصحت بعدم الاستقالة نتيجة هذا الذعر.

 

في انتظار المخرج – الصدمة بغياب القدرة على ترجيح أي خيار، لا بدّ من تسجيل بعض الاستنتاجات التي باتت وقائع في كل ما يشهده البلد:

 

1- إن الحراك الشعبي عفوي. لا يملك أي من القادة، الذين عادة ما ينسبون الاعتراض الشعبي إلى قوى معادية أو الى الخصوم المحليين أو الخارجيين، هذا الترف الذي يشبه الهذيان. إنفلت الجمهور من عقال المرجعيات الطائفية والحزبية وأصبح عابراً للطوائف والمناطق. وهو بلغ دول الانتشار. شرع الحراك، الذي قد تكون منظمات مدنية أو حزبية من خارج السلطة مشاركة فيه، بتنظيم نفسه كما ثبت من سلوكه بدءاً من يوم السبت. وأي بحث في المخرج يجب أن ينتظر نشوء قيادة موحدة له تحدّد أهدافه وسلوكه السياسي بالعلاقة مع السلطة. هناك حاجة لتلك القيادة للتمثل بانتفاضتي الجزائر والسودان…

 

2- إن جديد التمرد الشعبي المستقل عن الولاءات التي عرفها لبنان في السنوات الماضية، هو خروج الجمهور الشيعي من تحت مظلة الثنائي، والذي بلغ حد كسر حاجز الخوف من سطوة “حزب الله” الأمنية والسياسية والمعنوية وحتى الدينية. وهو تمرّد يشبه ذلك الذي شهده العراق قبل زهاء شهر على السطوة الإيرانية، ما اضطر “الحشد الشعبي” إلى تصدّر عملية قمعه. لكن لبنان ليس العراق لأنه يزيد الشرخ بين الحاضنة الشعبية للثنائي وبين رموزه. وقد رفد هذا التمرد الحراك بشرعية غير مسبوقة. هذا ما جعل خطاب الأمين العام لـ “الحزب” السيد حسن نصرالله مرتبكاً أول من أمس، ومتناقضاً، امتزج فيه تهديده من ينوي الاستقالة من الحكومة بالمحاكمة، (لإدراكه خطر رفع الغطاء الشرعي الذي يؤمنه له العهد والحكومة)، مع اعترافه للمرة الأولى بعدم مسؤولية فريق واحد عن التدهور كما يفعل دائماً بتحميل الحريرية السياسية (حدّد نسباً مئوية عن تلك المسؤولية بين الفرقاء واعترف بدور العوامل الإقليمية والدولية…). لكن الملفت أن نصرالله وجّه نصائح “تقنية” للحراك، ما يشبه الإنكار لمفاعيله السياسية. وإذا كان “حزب الله” لم يقدّر الكلفة العالية لإفلاته الحبل لعهد الرئيس عون وصهره، وسط جمهوره الناقم، فلذلك حديث آخر، خصوصاً أن شرخاً أخذ يظهر بين المكونين الشيعيين، يحتاج لمعالجة.

 

3- الجديد الثاني هو خروج الجمهور المسيحي عن تسليمه بـ”قوة” العهد القوي ومرجعية “التيار الوطني الحر”. ولم يحصل ذلك فقط بسبب معارضة قوى حزبية مسيحية رئيسة مثل حزب “القوات اللبنانية” و”حزب الكتائب” و”تيار المردة” والقيادات المسيحية التقليدية. لم يسبق لممارسات الوزير باسيل، المتهم بالفساد مثل سائر الزعامات، والموصوم بعنجهيته وشهوته للسلطة وباستغلال النفوذ والتفرد وبجموح الإلغائية عنده لسائر الأطراف المسيحيين، أن جمعت الجمهور المسيحي الغاضب مع جماهير سائر الطوائف، في تعميم الكره والنقمة تجاهه كرمز للعهد. ناهيك عن العزلة الدولية الإقليمية التي انتهى إليها العهد، نتيجة سياسات داخلية، وخارجية موهومة وملتزمة بخطاب المحور السوري الإيراني. ولا ينفع الخطاب الإنكاري لباسيل من القصر الرئاسي قبل يومين في الاختباء وراء كلامه الإنشائي. لكن هذا يطرح سؤالاً – معضلة على القيادات المسيحية حول كيفية الخروج من المأزق.