IMLebanon

حركة التهريب تتمدد: 30 ألف شخص يومياً

لا يبالغ مصدر أمني في البقاع حين يقدر حجم حركة العبور باتجاه لبنان بواسطة طرق التهريب في البقاع عند الحدود الشرقية مع سوريا بأكثر من 30 الف شخص في الشهر الواحد، أي ما يعادل ألف شخص يوميا، ما يعني أن حركة التهريب والدخول الى لبنان عبر الطرق غير الشرعية تفوق حجم حركة العبور الرسمية التي تتم عبر معبر المصنع الحدودي.

على طول الخط الحدودي البقاعي المواجه للداخل السوري الذي يقارب حدود 270 كلم، تسرد يومياً حكايات قوافل التهريب بين لبنان وسوريا، وهذه المسافة الكبيرة من التداخل والتجاور بين البلدين، تجعل من عملية مكافحة التهريب صعبة لوجستيا وبشريا. فالمطلوب بحسب مصدر أمني «تأمين أكثر من عشرة آلاف عسكري ونشرهم على هذه الحدود للحد والتخفيف من هذه الظاهرة، لكون منعها غير ممكن نظراً إلى التداخل الحدودي السكاني والجغرافي والتاريخي».

عمليات التوقيف للداخلين بطرق غير شرعية أو الذين لا يملكون أوراقاً رسمية أو ثبوتية، تتراوح بين 150 و200 شخص من التابعية السورية في اليوم الواحد، لكن هذا التوقيف لا يحول دون استمرار حركة التهريب وتصاعدها بالاتجاهين، بحسب ما يؤكد أحد المهربين الناشطين في هذا المجال ضمن المنطقة الحدودية.

الدخول عبر طرق التهريب «أهون من المعابر الشرعية وإجراءاتها»، يجزم المهرب نفسه الذي يتحدث عن قوافل تهريب على مدار الساعة تتم بالتنسيق بين مهربين سوريين ولبنانيين.

تبدأ رحلة التهريب التي تستغرق ساعتين باتصال هاتفي من النازح السوري بأي من المهربين السوريين، فيضاف الاسم الى قائمة القافلة التي لا تلتزم بتوقيت معين لانطلاقتها في ساعات الليل أو النهار. يشار الى أن أفراد القافلة لا يكونون ضمن تجمع واحد بل يعبرون فرديا الحدود السورية الشرعية ليلتقوا بعدها جميعا عند بداية طريق التهريب عند الجانب السوري.

يبدأ عمل المهرب في الجانب اللبناني، بتسلّمه قائمة الدخول التي يرفعها إليه المهرب في الداخل السوري، ويتم الاتفاق معه على تحديد ساعة الانطلاق وتبدأ الرحلة باجتياز القافلة معبر جديدة يابوس الشرعي عند الجانب السوري، وبعد تجاوز آخر حاجز أمني سوري بعد الحدود السورية، تتجه القافلة إلى يمين الطريق الدولي صوب الجبل، ويتقدمها المهرب «السوري» حتى الوصول الى ما يعرف بـ «الضهرة» أي على رأس الجبل، وعندها يتم تسليم القافلة الى المهرب اللبناني الذي يستوفي من المهرب السوري كامل «أتعابه» على حد تعبير المهرب اللبناني.

تكمل القافلة مسارها باتجاه بعض الغرف والمزارع المهجورة عند الحدود اللبنانية ـ السورية التي تنتشر على طول جبال الصويري ومجدل عنجر والفاعور التي باتت نقطة تجمع ووصول أساسية في عمليات التهريب.

يضيف المهرب: «بعد الاستراحة المؤقتة في هذه الغرف والمزارع الجبلية يتم التوجه الى السهل وهناك ينفرط عقد هذه القافلة ليتم التحضير لقافلة ـخرى»، علما أن مسار رحلة الدخول الى لبنان بطريقة غير شرعية ينطبق أيضا على عملية الخروج منه.

ويقدم بعض المهربين على «التفنن» في تحديد أسعار الدخول غير الشرعي، فإن كان النازح عابرا للحدود السورية شرعياً يستوفى منه مبلغ يتراوح ما بين 300 الى 500 دولار. أما في حال خروجه من الأراضي السورية بواسطة التهريب فترتفع هذه التسعيرة لتلامس أحيانا عتبة الألف دولار ومرد هذا الارتفاع يعود الى ما يسميه المهرب «زيادة في المخاطرة»، وهو في الواقع نوع من الابتزاز.

احتجاز عائلات

في بعض حالات التهريب يتم احتجاز عائلات وأفراد داخل الغرف الجبلية، وهذا ينطبق على بعض حالات التهريب التي يتم التواصل فيها حصرا داخل الجانب اللبناني بين المهرب وبعض الأفراد من التابعية السورية الذين يعملون على إدخال بعض أقاربهم وتسلمهم، ويتعهدون بدفع تكاليف هذه الرحلة، فإذا تخلف أحدهم عن الدفع، يستمر الاحتجاز حتى يؤمن الأقارب كلفة رحلة التهريب علما أن هذه الكلفة تضاف اليها كلفة استضافة المحتجز.

أما إذا تعرض النازح السوري الذي يدخل عبر طرق التهريب وبطريقة غير شرعية للتوقيف في الداخل اللبناني أو حتى على بعض طرق التهريب، فلا يستطيع أي جهاز أمني لبناني ترحيله من جراء الواقع السوري الداخلي، وأقسى ما يمضيه هذا النازح أيام من التوقيف الاحتياطي ثم يخلى سبيله بعد توقيعه تعهد الترحيل الذي يحفظ منه أحد الأشخاص أكثر من 5 نسخ في إشارة الى توقيفه 5 مرات وإخلاء سبيله من دون الترحيل.

هذا الشخص اسمه «أحمد» وهو انطلق من إدلب ووصل الى لبنان عبر معبر «الصويري» الترابي (طريق قديم للتهريب) وبكلفة بلغت حوالي 450 دولارا، وفق روايته التي تتشابه مع مئات القصص والروايات التي يتناقلها النازحون.

لا تتجاوز عقوبة المهرب في بعض الحالات أصابع اليد الواحدة من الحبس، إذ لا يجد هذا المهرب من يدّعي عليه وحتى لو كان حاجزا لحرية البعض، فالخشية من الملاحقة الأمنية تحول دون تقدم أي من النازحين السوريين بالادعاء على هؤلاء، كما تنتفي في أغلب حالات توقيف بعض المهربين الأدلة أو الأشخاص الشهود الذين يمكن أن يؤكدوا أنهم دخلوا لبنان بطرق غير شرعية عبر هذا المهرب، فيتم أيضا إخلاء سبيله ليعود من جديد الى نشاطه.