IMLebanon

التهريب إلى سوريا ومنها… حابل بنابل!

 

لطالما كانت عمليات تهريب السلع بين لبنان وسوريا قائمة عبر المعابر غير الشرعية، لكنها منذ بدء تطبيق قانون قيصر ومنذ بدء الحكومة اللبنانية اعتماد سياسة دعم السلع أبرزها المحروقات والقمح والادوية، تفاقمت عمليات التهريب لتبلغ ذروتها في العامين 2021 و2022. وقدر معهد التمويل الدولي بان ما قيمته 3 مليارات دولار من السلع المستوردة الى لبنان في العام 2022 تم تهريبها الى سوريا. السبب الرئيس الذي أدى الى ازدهار التهريب بين البلدين هو قانون قيصر الذي يمنع الشركات من توريد السلع المستوردة إلى الداخل السوري، بالاضافة الى الفارق الكبير في اسعار السلع الاساسية في لبنان مقارنة مع الاسعار الرائجة في سوريا.

 

في 3 سنوات

 

وقد شملت عمليات التهريب من لبنان الى سوريا في السنوات الثلاث الماضية، سلعاً مختلفة مثل المحروقات والخضراوات والماشية، وصولاً إلى القمح والخبز والسجائر والتنباك والادوية ومستلزمات العمليات التجميلية مثل حقن البوتوكس والفيلر بالاضافة الى مواد طبية معدة لتصنيع المخدرات. ولكن عمليات تهريب هذه الاصناف تراجعت بشكل لافت مع رفع الدعم عن تلك السلع في لبنان، ابرزها المحروقات والادوية .

 

المحروقات

 

اوضح عضو نقابة اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ»نداء الوطن» ان وتيرة تهريب المحروقات من لبنان الى سوريا تراجعت بشكل كبير بعد وقف الدعم، علماً انها بلغت ذروتها طوال فترة الدعم عندما كان الفارق شاسعاً بالاسعار بين البلدين، إلا ان ذلك وفقا لبراكس، لا يعني انعدام التهريب المستمرّ دائما ولكن بكميات اقلّ بكثير، مشيراً الى ان التهريب ليس مرتبطاً فقط بفارق الاسعار في البلدين بل ايضاً في نقص المواد.

 

واوضح انه مع نهاية العام وصدور ارقام الجمارك حول الاستيراد، يمكن مقارنة حجم الاستيراد بحجم الاستهلاك المحلي، من اجل تحديد كميات المحروقات التي تم تهريبها الى سوريا، لافتاً الى ان معدل حجم الاستهلاك المحلي يتراوح بين 5 الى 6 ملايين ليتر من البنزين يومياً، وحوالى 5 ملايين ليتر من المازوت يومياً علماً ان استهلاك المازوت يتراجع في فصل الصيف وقد تقلّص نتيجة الاعتماد المتزايد على الالواح الشمسية.

 

السلع الإستهلاكية

 

اما بالنسبة للسلع الاستهلاكية ورغم تراجع حجم التهريب بعد وقف الدعم على السلع الغذائية الاساسية، فان عمليات التهريب ما زالت قائمة على صعيد السلع المستوردة غير الموجودة في سوريا. وقد كشفت مصادر مطّلعة عن ظاهرة جديدة متفشية حالياً تتمثل بتزوير سلع مستوردة من علامات تجارية معروفة في لبنان وبيعها في السوق المحلي في مختلف الدكاكين او الـ»ميني ماركت» في مختلف المناطق خصوصاً غير الساحلية منها، بالاضافة الى ازدهار عمليات تهريب تلك السلع المزوّرة الى سوريا وبيعها على انها علامات تجارية مستوردة.

 

على المقلب الآخر، فان عمليات التهريب من سوريا الى لبنان هي المزدهرة حالياً إن على صعيد تهريب البشر، او على صعيد تهريب سلع غذائية واستهلاكية مختلفة أبرزها وفقاً لمصادر وزارية، الحبوب خصوصاً الارز والمعلّبات على انواعها التي تجتاح السوق المحلي والتي لا يمكن تتبع مهرّبيها لملاحقتهم بالاضافة الى الخضار والفواكه، والاهمّ هي الادوية المصنعة في سوريا.

 

الأدوية

 

وقد اوضح نقيب الصيادلة جو سلوم في هذا الاطار، ان الحدود الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا سائبة، كاشفاً ان اكثر من 30 % من الأدویة التي ھي بمتناول مرضانا ھي ادویة مھربة، من سوريا، تركيا، ايران، باكستان، والهند. لافتاً لـ»نداء الوطن» الى ان «أسوأ انواع الادوية التي تفتقد لادنى معاییر الجودة والسلامة، اصبحت موجودة في لبنان حاليا واصبح المريض للاسف حقل تجربة، مع غض النظر الحاصل عن نوعية الادوية الموجودة والاماكن التي تتواجد فيها مثل الصيدليات السورية غير الشرعية، المستوصفات غير الشرعية، الدكاكين وتجارة الادوية online.

 

واكد سلّوم ان الادوية المهرّبة تشمل كافة انواع الادوية ولا تقتصر على صنف واحد وهي موجودة بكميات كبيرة في السوق المحلي، كاشفاً عن ظاهرة المتمّمات الغذائية المهرّبة الرائجة حالياً، والتي لا تقلّ خطورة عن الدواء.

 

سلّة متنوّعة

 

بالاضافة الى الادوية، تشمل عمليّات التهريب من سوريا الى لبنان، المحروقات، مستحضرات التنظيف على مختلف انواعها، منها ما هو مزوّر ومنها ما هو صناعة سورية، بالاضافة الى المحارم على انواعها والتي تتواجد في معظم الدكاكين في لبنان بتغليف لا يذكر اي علامة تجارية او الجهة المصنعة، كذلك الأسمدة الزراعية السورية الصنع، والسجائر المهرّبة والتنباك والمعسّل المهرّب والمزوّر، والتي اعلنت ادارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» يوم الجمعة الماضي عن ضبط كميات كبيرة منها في الضاحية الجنوبية.

 

المنتجات الزراعية

 

اما القطاع الاكثر تضرراً حاليا اي خلال موسم الصيف، فهو القطاع الزراعي الذي يزدهر انتاجه في هذا الموسم، والذي من المفترض ان تحظر الروزنامة الزراعية المحددة من قبل الوزارة استيراد الاصناف المحصودة محلياً في تلك الفترة، منعاً لمنافسة الانتاج المحلي. ولكن ظاهرة تهريب المنتجات الزراعية السورية تضرب السوق الزراعي المحلي حالياً، وتخلق عملياً مضاربة بالاسعار وتكبّد المزارعين الخسائر. وقد ذكر احد المزارعين في الشمال لـ»نداء الوطن»، على سبيل المثال، انه تمّ في الآونة الاخيرة، ادخال شحنة بصورة غير شرعية ومخالفة لجدول الروزنامة الزراعية، من الخيار السوري الى لبنان، مما ادّى الى ضرب الانتاج المحلي حيث كان كيلو الخيار يباع من قبل المزارع الى التاجر بحوالى 60 الف ليرة وأصبح اليوم، بسبب اجتياح الخيار السوري السوق المحلي، يباع بـ20 الف ليرة. مشيراً الى ان التهريب العكسي من سوريا الى لبنان للمنتجات الزراعية اصبح رائجاً اليوم على «عينك يا تاجر» نتيجة تراجع جهوزية ضبط المعابر غير الشرعية كافة بسبب النقص في العديد الناتج عن الازمة الاقتصادية وعن بعض الاحداث المتلاحقة الامنية في الجنوب والقرنة السوداء وبعض المناطق، مما اضطر الجيش على سبيل المثال، الى ازالة بعض الحواجز التي كانت قائمة في الجرود لضبط التهريب لانه بحاجة الى ضبط الامن في اماكن اخرى.

 

التبادل حر

 

في هذا الاطار، اوضح رئيس جمعية المزارعين في لبنان، أنطوان الحويك، ان التعاملات بين لبنان وسوريا تخضع لاتفاقية التيسير العربية الموقعة بين البلدين وبالتالي فان التبادل حرّ بين البلدين ويتم وضع قيود على الاستيراد والتصدير بينهما في بعض الاحيان، معتبراً «ان الجانب السوري ليس بحاجة للتهريب لادخال اي سلعة الى لبنان طالما ان الدخول شرعي». واشار لـ»نداء الوطن» الى ان استيراد الخضار والفواكه من سوريا بحاجة الى اجازة مسبقة من وزارة الزراعة فقط، إلا ان عدم الرقابة المشددة على المعابر، يؤدي الى ادخال مختلف الاصناف ضمن شحنة واحدة أي انه في حال حصول تاجر ما على اجازة تصدير شحنة جزر على سبيل المثال، فان الشحنة التي تدخل الى لبنان تضم بالاضافة الى الجزر انواعاً اخرى متعددة من الخضار والفواكه من دون حسيب او رقيب، مما يساهم في اغراق السوق احياناً بمنتجات زراعية ويضرب الانتاج المحلي.