IMLebanon

الهدنة: ضغط على إسرائيل ومرونة من “الحزب”؟

 

هل يستطيع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين تحقيق التهدئة المستدامة في لبنان كما يأمل بعض المسؤولين، من دون تفاهم ولو غير مباشر مع إيران يؤدّي إلى فصل جبهة الجنوب عن القتال في غزة؟

 

أولى نتائج مهمة الوسيط الأميركي هي الرسالة إلى الجانب اللبناني وسائر الدول المعنية، بأن ما من جهة قادرة على معالجة الأمور على الجبهة اللبنانية إلا واشنطن. حتى الأفكار التي سبق للجانب الفرنسي أن طرحها، غير قادرة على النفاذ لأن مفتاح موافقة تل أبيب على التهدئة في جنوب لبنان هو أميركي لا غير. لذلك فهم البعض من الجهات الأميركية المعنية ما يفيد بأن لا علاقة للجنة الخماسية التي ترعى الحلول في لبنان بالمساعي في شأن تطبيق القرار الدولي الرقم 1701.

 

كما أنه يصعب توقّع نجاح الوساطة من دون الرغبة الإيرانية في قيام وضع آمن على الحدود يضمن لـ»الحزب» ألا تعاود تل أبيب هجماتها عليه في ظل وقف النار ولو الموقّت في غزّة، ثمّ في المرحلة التي تلي وقف النار الذي تهيئ إسرائيل بعد انتهائه لأن تنفذ اجتياحها الموعود لمحافظة رفح. وطهران على رغم حاجتها لوقف استنزاف «الحزب»، لا تسلّف من الدول إلا أميركا.

 

تتطلب التهدئة جنوباً أولاً عودة وزير الدفاع يوآف غالانت عن إعلانه بأن وقف القتال في غزة لا يعني أن إسرائيل ستتوقّف عن ملاحقة مقاتلي «الحزب» وما تسمّيه ضرب البنية العسكرية التحتية التابعة له والتي يستهدفها جيشها منذ خمسة أشهر.

 

تجنيب لبنان استئناف العمليات العسكرية بعد الهدنة المفترضة يعني أن الجانب الأميركي هو الذي سيتكفل بالضغط على إسرائيل أثناء عملية التفاوض على باقي النقاط التي يتضمنها القرار1701. وبهذا المعنى فإن واشنطن مجبرة على أن تتوقّف عن تكرار اللازمة التي ترددها في اللقاءات الدبلوماسية بأنها لن تكون قادرة على منع إسرائيل من شنّ حرب على لبنان إذا قررت ذلك. هذا ما سمعه زوار العاصمة الأميركية في الأيام الماضية من كافة المسؤولين الذين التقوهم، في الخارجية وفي البيت الأبيض وفي وزارة الدفاع.

 

حتى لو صرّح المسؤولون الإسرائيليون بأنهم يعطون فرصة للحل الدبلوماسي الذي يسعى إليه الوسيط الأميركي، فإن الجنون الإسرائيلي يبقي المخاطر قائمة. وتردد أن هوكشتاين نفسه حدّث محاوريه اللبنانيين عن هذا الجنون بطريقة دبلوماسية. كما أنه لا يمكن لأحد التكهن كيف ستتدحرج الأمور في حال اقتحام رفح، وما ستجرّه من انعكاسات وردود فعل في سائر الساحات ومنها لبنان.

 

يطرح هوكشتاين فكرة إنجاز الإتفاق على مراحل تبدأ بمواكبة هدنة غزة في حال التوصل إليها، بوقف الأعمال القتالية على جبهة الجنوب، أثناء التنفيذ المفترض لعملية تبادل الرهائن الإسرائيليين بالأسرى الفلسطينيين، وإيصال المساعدات الإنسانية للقطاع. لكن لكل مرحلة ثغراتها التي يمكن أن تطيح بوقف القتال.

 

مما تسرب عن طروحات هوكشتاين بخصوص المراحل الثلاث لتنفيذ القرار الدولي، هو انسحاب قوات «حزب الله» وأسلحته الثقيلة إلى جنوب الليطاني، مقابل سحب إسرائيل جزء من قواتها من الشمال ووقفها الطلعات الجوية، كما يشترط المفاوض اللبناني على أن يتم في المرحلة الثالثة التفاوض على تثبيت الحدود البرية وقد يقنع هوكشتاين الجانبين بأنهما حققا إنجازاً بعودة عشرات الآلاف من النازحين على جانبي الحدود. فالقيادة الإسرائيلية تكون وفرت على نفسها ضغوط مستوطني الجليل الأعلى وتكاليف نزوحهم إلى الداخل.

 

يجد كثر من المتابعين لمهمة هوكشتاين صعوبة في إنجاز الاتفاق الذي يسعى إليه خلال ستة أسابيع، مدة الهدنة المفترضة. لذلك فإن بعض الخطوات تحتاج إلى تدوير الزوايا، وإلى مرونة من جهة «حزب الله» لا سيما إذا كانت طهران تشجعه على ذلك. وهو يحتاج إلى توفير الخسائر والأضرار على الجنوبيين الذين يعدهم بإعادة بناء منازلهم أحسن مما كانت، وعلى البلد بعد خمسة أشهر من التضحيات.

 

المرحلة الإنتقالية بين وقف القتال (إذا نجح) وبين تثبيت الحدود الذي يشمل مزارع شبعا التي تحتاج إلى مفاوضات ثلاثية شديدة التعقيد والحساسية حول الحدود، وتشمل سوريا إضافة إلى لبنان وإسرائيل هي الأكثر دقّة في مصير التهدئة المنتظرة وستمتدّ زمنيّاً إلى ما بعد ستة أسابيع.