IMLebanon

الإقتصاد في مهبّ العقوبات

 

لم يخرج لبنان من عين العاصفة التي تدور في الإقليم. أمنه واقتصاده منكشفان على الصراع الدائر مع إيران. إصطفاف «حزب الله»، أحد مكوناته الحكومية الأساسية، كلياً إلى جانب إيران وانخراطه في معارك في الإقليم لصالحها يشكل السبب الرئيسي لسلة العقوبات التي تطاله والتي تقود إلى حد بعيد إستراتجيات الحكومة كافة، بما فيها سيدر، للخروج من الأزمة.

 

هناك طبعاً من يقلل من وقع تلك العقوبات على الإقتصاد، ويأخذ على خصوم «حزب الله» توظيف العامل الإقتصادي لأغراض سياسية، وهناك أيضاً في المقلب الآخر من يروج لنظرية «المؤامرة على «حزب الله» ويعتبر العقوبات وتقارير المؤسسات الدولية بما فيها وكالات التصنيف بشأن لبنان، جزءاً من مخطط خبيث تقوده واشنطن وحلفاؤها من أجل الضغط على «حزب الله» ومن خلاله على إيران على قاعدة أن هذين الأخيرين يستفيدان من المنصة اللبنانية كقاعدة لتنظيم وتمويل نشاطها في الإقليم.

 

والحقيقة أن العقوبات ليست العامل الضاغط الوحيد على الإقتصاد ، وليس من المنطقي تحميل «حزب الله» وحده أوزار مشاكل بنيوية يعاني منها الإقتصاد نتيجة عقود من الإدارة السيئة والتي أدت إلى تفاقم الدين والهدر واستشراء الفساد.

 

ولكن ولنقلها بصراحة، العقوبات وسياسات «حزب الله» لا سيما تلك المرتبطة بسلاحه، كانت وما زالت تشكل قيداً خانقاً على الإقتصاد وسبباً رئيسياً لتراجع مستوى الثقة في الإقتصاد اللبناني كما وشكلت عاملاً حاسماً في تراجع الإستثمارات الخارجية، وانكماش السياحة وتراجع الصادرات. قطاع الإنتاج ما زال يلملم حتى اليوم آثار الأزمة التي نشبت بين «حزب الله» ودول الخليج والتي لم ترَ طريقها إلى الحل لا بل على العكس تماماً.

 

أما المصارف اللبنانية فهي عالقة بين نارين، نار العقوبات وضرورة الإمتثال لها، ونار «حزب الله» وانتقاداته للمصارف، كي لا نقول حملاته التهويلية عليها بين الحين والحين. ناهيك عن التعقيدات الإدارية التي أثقلت المعاملات المصرفية والنقدية نتيجة شروط الإمتثال التي فرضتها الخزانة الأميركية. وليس سراً أن تلك العقوبات وخلفياتها تشكل عنصراً أساسياً في تقييم مخاطر لبنان السيادية وبالتالي تصنيفه الإئتماني.

 

التبدلات على الساحة الدولية تشير إلى أن مسار هذه العقوبات على تصاعد. الإدارة الأميركية ترى في هذه الوسيلة ورقة ضغط فعالة على إيران. في ما خص الأطراف الأوروبية، هناك من بدأ يحذو حذوها مثل بريطانيا التي أنهت سياسة التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لـ»حزب الله»، أما سائر الأطراف الأوروبية الأخرى وكلها من عرابي «سيدر» فتتعرض لضغوط من قبل واشنطن من أجل الإصطفاف في استراتيجية المواجهة والضغوط القصوى على إيران. …تجاه هذا المشهد لا خيار للبنان سوى الحياد عن الصراع في الإقليم…ولم تكن أحداث الجبل الأخيرة خطوة في هذا الإتجاه.