IMLebanon

سقوط اقتراح عقد جلسة وزارية للملفات الحياتية حصراً

 

على الرغم من تراكم المشاكل والملفّات المُتعثّرة، سياسيًا وإقتصاديًا وحياتيًا وحتى أمنيًا، ما يستوجب طرحها ومعالجتها سريعًا على طاولة مجلس الوزراء، فإنّه لا دليل حتى الساعة، على إتجاه لعقد جلسة للحكومة خلال الأيّام القليلة المُقبلة، على الرغم من الجُهود التي يبذلها رئيس الحكومة سعد الحريري، لإيجاد مخرج للعقبة القائمة، بمُساعدة كبيرة من جانب رئيس مجلس النواب نبيه برّي. فما الذي يحصل، ولماذا هذه الخشية من الدعوة إلى جلسة؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ رئيس الحكومة – وبعكس ما كان تحدّث عنه خلال الأسبوع الماضي عن دعوة قريبة لإجتماع مجلس الوزراء، قرّر تأجيل دعوة الحُكومة للإنعقاد مرّة جديدة، إفساحًا في المجال أمام مزيد من الإتصالات التي يُشارك فيها بفعاليّة رئيس مجلس النواب، تارة بشكل علني وتارة بعيدًا عن الإعلام، وذلك على أمل إيجاد الثغرة التي تحول دون تفجّر الأوضاع سياسيًا. وأوضحت المصادر أنّ الحريري ما زال مُصرًّا على رفض إدراج ما حدث في «قبرشمون» و«البساتين» في جدول الأعمال، لأنّه يعتبر أنّ معالجة الأزمة التي جرى تناول تفاصيلها وإرتداداتها، خلال العديد من اللقاءات والإتصالات على المُستوى السياسي على مدى الأسابيع والأيّام الماضية، يمرّ حصريًا بالقضاء، وليس عن طريق طرحها كملف خلافي إضافي على طاولة الحكومة. وأضافت أنّ الحريري يعلم أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون – وبناء على رغبة وزاريّة واسعة من جانب وزراء «التيّار الوطني الحُرّ» و«حزب الله» وغيرهم، سيطرح ملف أحداث «قبرشمون» و«البساتين» من خارج جدول الأعمال في أوّل أي جلسة للحكومة، ما يعني فتح الباب حتمًا أمام مُشكلة سياسية كبرى، في ظلّ إستمرار الأجواء المُتشنّجة الحاليّة، وفي ظلّ تمسّك ما لا يقلّ عن 15 وزيرًا على إحالة الملفّ إلى المجلس العدلي، في مُقابل توزّع باقي الوزراء بين مُعترض كليًا، وداع للتريّث وعدم التعامل بمنطق الفرض والغلبة في قضيّة بالغة الحساسيّة.

 

وأكّدت الأوساط السياسيّة نفسها أنّه ما لم يتمّ التوصّل إلى تسوية قبيل إنعقاد مجلس الوزراء، فإنّ الحريري لن يدعو الحكومة للإنعقاد، تجنّبًا لطرح ملف «قبرشمون» من خارج جدول الأعمال ورغمًا عن إرادته، من دون أن يكون قادرًا على سحبه من التداول، مع ما يُمثّله هذا الأمر من تحدّ لسُلطاته ولصلاحيّاته من جهة، ورفضًا لإضطراره إلى رفع الجلسة والإنسحاب منها، تجنّبًا لفرض مبدأ التصويت الذي لا يريده في ظلّ الإنقسام الحاد القائم، من جهة أخرى. وأشارت الأوساط إلى أنّ هذا «السيناريو» المُتفجّر هو الذي لا يزال يدفع الحريري إلى التردّد في الدعوة إلى جلسة حكوميّة، على الرغم من الضُغوط التي يتعرّض لها من أكثر من جهة، خاصة وأنّه يأمل أيضًا أن تنجح مُحاولات برّي في إيجاد المخرج الوسطي المقبول من الجميع.

 

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ رئيس الحكومة حاول الإستفادة من تسويق إقتراح تسوية، يقضي بأن يتم عقد جلسة لمجلس الوزراء تُخصّص حصرًا للبحث في الأمور الإقتصاديّة والحياتيّة والمعيشيّة، من دون أي بند سياسي، وذلك كمخرج يسمح بكسب الوقت، في إنتظار حل مُشكلة «أحداث الجبل» الأخيرة بشكل جذريّ، لكن هذا الإقتراح سقط، نتيجة الإعتراض الشديد من قبل النائب طلال أرسلان مَدعومًا من حلفائه. وأضافت الأوساط أنّه على الرغم من سعي أكثر من جهة لتسويق إقتراح الجلسة الوزاريّة «الحياتيّة»، لدى كل من «التيار الوطني الحُرّ» و«حزب الله» تحت عنوان الضغط الإقتصادي، وضرورة تجنيب لبنان أي تقييم سلبي جديد من جانب المؤسّسات الدَوليّة التي تتابع ما يحصل داخليًا تمهيدًا لرفع تقاريرها التي تؤثّر على الوضع الإقتصادي في لبنان، جاء الجواب من المحور السياسي الداعم لرئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» سلبيًا، بحجّة أنّ هذا الطرح يُمثّل هروبًا من الأمام ولا يحلّ المُشكلة بل يُؤدّي إلى تفاقمها، وبالتالي إلى مزيد من المُماطلة والتسويف في هذه القضيّة الحسّاسة، وهو ما لا يجوز إطلاقًا!

 

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة كلامها بالتأكيد أنّه مع سُقوط سلسلة من إقتراحات الحلّ المُنوّعة، لا يبدو أنّ ملف أحداث «الجبل» سيصل إلى نهايته قريبًا، من دون تنازل كبير من أحد الأطراف المَعنيّين أو أكثر. وأضافت أنّه في الإنتظار، قد يكون الجميع مُضطرًا إلى ترقّب ما ستؤول إليه الأمور والإتصالات من اليوم وحتى ما بعد إنقضاء عُطلة عيد الأضحى، قبل التفكير في دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد، مع ما يعنيه هذا الواقع من تراكم إضافي للمشاكل وللملفّات المتعثّرة في ظلّ بوادر أزمة أساسيّة عميقة قد تطول، والأسوأ أنه قد تهدم بشكل تصاعدي وتدريجي ما أسّسته «التسوية الرئاسيّة» من حلول شبه وسطيّة ومن «فك إرتباط» للخلافات الداخليّة.