IMLebanon

القطاع الاستشفائي مُهدّد… أيام ويتوقّف العمل

 

يتنقل القطاع الصحي من أزمة الى اخرى، فبعد صعوبة تأمين الدولار وارتفاع سعره مقابل الليرة في السوق الموازي، انتقلت الأزمة اليوم الى صعوبة تأمين الليرة النقدية، وذلك التزاماً بتعميم المركزي الاخير. فما ستكون تداعيات التعميم على القطاع الاستشفائي؟ وهل من استثناءات منتظرة؟

 

سينجح تعميم المصرف المركزي الاخير، والذي الزم بموجبه المستوردين المستفيدين من دعمه، ايداع المبلغ المطلوب تحويله الى الخارج بالسعر الرسمي اي 1515 ليرة للدولار نقداً وبالليرة، في تقليص الكتلة النقدية من السوق وتخفيض معدل التضخم وتأمين الاستقرار لسعر الصرف. لكن في المقابل، ستكون له تداعيات خطيرة على القطاع الصحي، بحيث لا قدرة للمستشفيات على تحمّل وزر هذا القرار، لأنّ (الكاش) لا يدخل في تعاطيها مع الجهات الضامنة، ولن يكون في إمكان مستوردي المعدات الطبية الاستيراد مجدداً.

 

تعقيباً، أوضح نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون، انّه بنتيجة هذا القرار أحجم مستوردو الادوية ونقابة مستوردي المستلزمات الطبية عن تسليم المستشفيات مشترياتها، الّا بعد دفع ثمنها نقدًا. وقال لـ«الجمهورية»: «انّ هذا الطلب غير قابل للتنفيذ، لأنّ غالبية ايراداتنا تكون بواسطة الحوالات المصرفية، وليس بين ايدينا نقدي لنسلّمه الى المستوردين»، لافتاً الى انّ النقدي المتوفر في خزنات المستشفيات لا يكفي لمصروف يوم أو يومين كحدّ أقصى.

 

اضاف: «ان آثار هذا التعميم بدأت بالظهور اعتباراً من امس الاول، حيث ألغت بعض المستشفيات عمليات كانت مقرّرة هذا الاسبوع، كما أُلغيت العلاجات الكيمائية لبعض مرضى السرطان، لأننا غير قادرين على تأمين المستلزمات الطبية والأدوية للمرضى. كذلك لا يمكن للمستشفى ان يطلب من المرضى تأمين ثمن كل العلاج وكل الادوية نقدًا، اولاً لأنّ المريض لا يملك كامل المبلغ، كما انّ تأمين كامل المبلغ نقداً لن يكون متوفراً، وإذا كان المريض يملك المبلغ كاملاً فلن تستفيد المستشفى اذا تمّ تأمينه بتحويلة مصرفية او بواسطة البطاقة المصرفية، وهذا يعني انّ العمل الاستشفائي سيتوقف، وهي مسألة ايام».

 

وعن أي بوادر حلحلة في هذا الموضوع، قال هارون: «نقلنا هذه الأزمة المستجدة الى وزير الصحة حمد حسن، الذي أوصل مشكلتنا الى رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وعد بالتواصل مع حاكم مصرف لبنان في هذا الخصوص. ونحن في انتظار معرفة جواب الحاكم».

 

عاصي

من جهتها، أكّدت نقيبة مستوردي ​المستلزمات الطبية​ ​سلمى عاصي​ استحالة تطبيق تعميم المركزي الاخير، فالمستوردون غير قادرين على تأمين النقدي الذي يطلبه التعميم، وبالتالي لن يكون في مقدورهم تحويل الاموال للموردين لتأمين شراء المستلزمات الطبية او الادوية، الكفيلة باستمرار وقوف القطاع الصحي على رجليه. وأكّدت عبر «الجمهورية»، انّ تداعيات التعميم بدأت تتجلّى من خلال الغاء عدد من العمليات الجراحية كانت مقرّرة، كما تعذّر تأمين الدواء لبعض المرضى.

 

وردًا على سؤال، قالت عاصي: «انّ تعميم المركزي فرض علينا تأمين اموال نقدية لإتمام الحوالات لزوم استيراد الادوية والمعدات الطبية، بينما نحن لا نقبض نقداً من اي مصدر، فنحن «نفوتر» للجهات الضامنة وللمستشفيات وللجيش ولوزارة الصحة، وهذه الجهات لا تدفع لنا نقداً، ونحن هنا نتحدث عن المليارات التي يستحيل تأمينها».

 

اضافت: «تبلغ قيمة الفواتير الموجودة اليوم في مصرف لبنان 40 مليون دولار، وقد سبق لمستوردي المعدات الطبية ان أمّنوا 85% من هذا المبلغ، بما يوازي 50 مليار ليرة، في انتظار تحويلها الى الموردين، وقد مرّت 4 اشهر على احتجازها في المصرف ولم تُحوّل الى الخارج، الى ان صدر تعميم المركزي الذي طلب ان ننسى المبلغ الذي سبق واودعناه في المصرف، وان نعمل على تأمين 50 ملياراً اخرى انما نقداً، مع العلم انّ سقف السحوبات في المصارف هو 20 مليون ليرة في الشهر فقط».

 

وإذ أكّدت عاصي، اننا وصلنا الى الخط الاحمر، لفتت الى انّ النقابة حاولت التواصل مع أكثر من جهة لحلّ هذه الأزمة، من وزارة المالية الى وزارة الصحة الى رئيس الجمهورية ومجلس النواب، وحتى الآن لا يبدو انّ هناك بوادر حلحلة.

 

وتساءلت عاصي: الا يستحق القطاع الصحي الذي يشكّل أقل من 3% من حجم المواد المدعومة، استثناء من هذا التعميم الذي يهدف الى رفع الدعم؟ ألا يستحق هذا القطاع ان تُؤمّن احتياجاته من الاستيراد والتي تُقدّر بـ 230 مليون دولار سنوياً فقط، في حين انّ قطاع النفط يستهلك أكثر من 7 مليارات سنوياً، والكل يعلم انّ نحو مليارين من هذه القيمة يتمّ تهريبها.

أضافت: «ان حاجة القطاع الطبي لا تتخطّى 10% من الدعم الذي يُهرّب، وهي كفيلة بتأمين حاجات المواطن الصحية عاماً كاملاً».