IMLebanon

سيناريوهان للغز الموقف السعودي من حركة الحريري في ذكرى استشهاد والده الإمارات شجّعت ودعمت تظهير مشهد حضوره السياسي والشعبي؟!!

 

 

ترك الرئيس سعد الحريري اسئلة عديدة حول خلفيات واجواء حضوره المميز هذا العام في ذكرى استشهاد والده . ولعل الحقيقة الابرز التي يجمع عليها خصومه واصدقاؤه وسائر الاطراف، ان عودته القصيرة الى بيروت اعادت تظهير حضوره السياسي والشعبي، رغم احتجابه الطويل عن المشهد اللبناني بسبب قرار تعليق عمله السياسي .

 

وبعد الاسبوع الحافل الذي رافق هذا الحضور، تبدي اوساط “تيار المستقبل” ارتياحها للمشهد الشعبيي الذي سجل في ذكرى ١٤ شباط في ساحة الشهداء، حيث ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكذلك حجم الوفود السياسية والشعبية التي تقاطرت الى “بيت الوسط”، والذي فاق توقعات فريق عمله .

 

ويقول مصدر نيابي سني مستقل” لا شك ان عودة الحريري هذه المرة حرك الركود في ساحة جمهور “تيار المستقبل”، وان الحشد الشعبي عند ضريح والده هذا العام فاق حشد السنة الماضية بثلاثة اضعاف، لكن اوساطه كانت تتوقع ان يكون العدد اكبر، لولا تأثير الطقس وعوائق النقل والطرق وغيرها “.

 

وعندما يسأل عما اذا كان العامل المالي ساهم في تقليص العدد نسبة الى التوقعات، يقول المصدر ” المعلومات المتوافرة من غير مصدر ان الاموال كانت متوافرة لاحياء هذه الذكرى، وهي لم تكن العائق في تحشيد الناس ونقلهم من المناطق الى بيروت”.

 

وحول خلفيات واجواء حركة الحريري، يرى المصدر “ان هناك سيناريوهات عديدة لتفسير هذا الحدث، لكن المؤكد ان هناك عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تظهير هذا المشهد، الذي رأيناه وتابعناه على مدى وجود الحريري في بيروت “.

 

ما هي الاسباب الداخلية التي جعلت حضور الحريري هذا العام مؤثرا ويختلف عن السابق؟ ثمة اسباب عديدة جعلت الحريري يبادر ويعمل لتكون صورة حضوره هذا العام مختلفة عن العام الماضي، لا سيما استحضار مسألة عودته الى العمل السياسي بشكل افعل واقوى من السابق .

 

ولعل ابرز هذه الاسباب، الحاجة الى اعادة استنهاض جمهوره وتفعيل العمل التنظيمي لـ “تيار المستقبل”، تحت عنوان العمل في الشأن العام تمهيدا لعودته الى العمل السياسي، اما السبب الثاني فهو ان بعض الاشخاص والفعاليات في الوسط السني اخذت تأكل من رصيده، بعد ان اكلت من صحنه مستفيدة من قرار تعليق عمله السياسي . لذلك اراد ان يبادر الى هجوم معاكس مستعرضا قوة تياره ومتانة قاعدته الشعبية، رغم بعض التداعيات السلبية الناجمة عن احتجابه المباشر عن جمهوره لفترة طويلة .

 

وفي فترة غيابه الطوعي والقسري، استغلت بعض الشخصيات السنية الحديثة هذا الغياب وحاولت ونشطت لملء الفراغ الذي احدثه قراره، من خلال تقديم الخدمات ومحاولة التقرب واخذ غطاء من المرجعيات السنية . لكن هذا الامر لا ينطبق بطبيعة الحال على شخصيات وقوى سنية تمتلك حضورا شعبيا ثابتا مثل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والنواب: اسامة سعد، فيصل كرامي، حسن مراد نجل عبد الرحيم مراد، عبد الرحمن البزري، جهاد الصمد، و”جمعية المشاريع الاسلامية”، و”الجماعة الاسلامية”، بالاضافة الى حضور بعض نواب “التغيير” الذين فازوا الانتخابات النيابية .اما الذين خرجوا من تحت عباءة “تيار المستقبل”، فانهم لم يتمكنوا من القيام بدور البديل عن الحريري، او ان يأخذوا من جمهوره عددا يعتد به .

 

ومما لا شك به ان حرب غزة وتداعياتها ساهمت في اعادة استنهاض نشاط الجماعات الاسلامية، لا سيما التي تدور في فلك “الاخوان المسلمين”. وهذا التطور على الساحة السنية ربما يكون من الاسباب المهمة التي ساهمت في تفعيل حضور الحريري هذا العام، تحت عنوان الاعتدال والوسطية التي يتميز بها تياره، ويحظى بتأييد وتعاطف داخلي وخارجي .

 

وهناك عامل داخلي مهم ايضا يتلخص بالحاجة الى اعادة التوازن للمعادلة الطائفية السياسية، التي تفتقد نسبيا الى الدور السني بسبب غياب الحريري . وتزداد هذه الحاجة للتعامل مع الاستحقاقات المنتظرة، بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية ومرورا بتشكيل الحكومة الجديدة، وانتهاء برسم وتكوين المرحلة السياسية المقبلة بموازاة التسويات المحتملة في المنطقة بعد حرب غزة .

 

وفي شأن الاجواء والعوامل الخارجية التي ساهمت في تفعيل احياء حضور الحريري بمناسبة ذكرى استشهاد والده يبرز لغز الموقف السعودي منه، والسؤال الصعب: هل عدلت القيادة السعودية موقفها تجاهه ورفعت “الفيتو” عن استئناف نشاطه السياسي؟ قبل الحديث عن الموقف السعودي، لا بد من التوقف عند دور الامارات العربية المتحدة حيث مقر اقامة الحريري المؤقت حتى اشعار آخر. ويقول مصدر سياسي مطلع ان هناك معلومات مؤكدة عن ان الامارات شجعت الحريري على احياء ذكرى استشهاد والده هذا العام في الشكل الذي حصل، وانها دعمت تظهير هذه المناسبة شعبيا وساسيا بحيوية تختلف عن السابق .

 

وربط المصدر موقف الامارات برغبتها وقناعتها بان الحريري اليوم قادر على تأدية دور فعال في لبنان، لتغليب الاعتدال والوسطية في الشارع السني ومواجهة عودة نشاط الحركات الاسلامية التي تدور في فلك “الاخوان المسلمين”. وتلتقي المملكة العربية السعودية مع هذا التوجه بصورة عامة، لكن هذا لا يعني انها اتخذت موقفا مماثلا ومشجعا بشكل مسبق من حركة الحريري .

 

ولا تملك الاوساط السياسية المراقبة جوابا مؤكدا حول طبيعة الموقف السعودي اليوم تجاه الحريري، لكنها تتحدث عن سيناريوهين وتفسيرين لهذا الموقف هما:

 

١- ان المملكة لم تعدل موقفها السابق من الحريري، لكنها في الوقت نفسه لم ترفع سيفها في وجه احياء ذكرى استشهاد والده بهذه المشهدية . ويقول اصحاب هذا الرأي ان تغطية محطة العربية السعودية لاحياء ذكرى ١٤ شباط برسائل مباشرة، ثم اجراء حديث خاص مع الحريري يعكس ضمنا بعض المرونة في الموقف السعودي تجاهه .

 

٢ – التفسير الثاني هو ان السعودية لم تبدل موقفها تجاه الحريري، وهي ليست في صدد تعديله ايجابيا في الوقت الراهن . ويرى اصحاب هذا الرأي ان حديث الحريري لمحطة “العربية” لا يعني ان الرياض عدلت موقفها، وان تأكيده على الاستمرار في تعليق عمله السياسي وعلى الاعتدال والوسطية، يندرج في اطار توجيه رسالة الى المملكة، بان حضوره الناشط في ذكرى استشهاد والده هذا العام هو تحت هذا السقف، وهذا التوجه الذي يلتزم بالموقف السعودي ولا يحيد عنه .