IMLebanon

الأزمة السورية وعقباتها الدولية

حضّت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، مجلسَ الأمن الدولي الخميس 27 نيسان 2017، على «تركيز كلّ الأنظار وكلّ الضغط على روسيا، لمحاولة إنهاء النزاع السوري»، مطالبة بذلك المجلس بالتحرّك، على رغم احتمال استخدام موسكو لحق النقض (فيتو).

ترزح الأزمة السورية تحت عبء المشروع الأميركي الذي بات يُعرَف بمشروع «الشرق الأوسط الجديد» وبين الوجود الروسي في المنطقة عبر تواجده العسكري، فتداخلت المشاريع فيها وتشعّبت طرق التنفيذ، وأصبح طريق الحل بعيداً وصعباً لأنّه ارتبطت فيه الأزمات الدولية.

أكثر من ست سنوات والأزمة السورية إلى المزيد من التعقيد، ما يؤكّد ربطها بالنزاعات الدولية لأنّ حلّها لم يعد في يد السلطة ولا مع المعارضة.

فسورية ذات الجغرافيا الإستراتيجية تُشكّل ممرّاً أساسياً لطموحات الدول الإقليمية في توسّع نفوذها، منها تركيا وإيران من جهة وحدود مشتركة مع فلسطين المحتلة، فهي موضع إهتمام أساسي عند الجانب الإسرائيلي من جهة أخرى، بالإضافة إلى أنّها قلب العرب النابض، لهذا يوليها العرب اهتماماً خاصاً ضمن الحرب الدائرة في المنطقة.

الحرب السورية لم تعد حرب السوريين حول طريقة إدارة شؤونهم الداخلية، بل تداخلت فيها مجموعة من الأزمات، لتجعل منها أزمة محلية بعقبات دولية، ما ينذر بوضوح عمق النزاع وديمومته إلى سنوات قد تكون طويلة.

أبرز هذه العقبات، نجد:

• على الصعيد المحلي: التقسيم سيّد الموقف الذي يبدأ بالنظام الذي يقاتل لرفضه التخلّي عن السلطة، والمعارضة التي تقاتل في سبيل حكم البلاد، وبناء الدويلات داخل الدولة كالدولة الكردية مثلاً وصولاً إلى الموجات الأخطر من التغيير الديمغرافي بين الطوائف داخل البلاد، وموجات التهجير العمدي لسُكّان البلاد ربّما إلى غير رجعة.

• على الصعيد الإقليمي: اللاعب الإيراني والتركي، وشدّ الحبال بينهما على الأرض السورية من خلال دعمهما للجماعات المتقاتلة، وتصاريح «جامعة الدول العربية» حول عدم التدخّل الخارجي في شؤون العرب. كما وتستغل «إسرائيل» التخبّط السوري لتنفيذ ضرباتها الجوية داخل الأراضي السورية منعاً لنقل السلاح المتطوّر إلى «حزب الله».

• على الصعيد الدولي: الأميركي والروسي، وما بينهما من خلافات دولية بدءاً من أوكرانيا وصولاً إلى كوريا الشمالية مروراً بالنزاع على الهيمنة الدولية. كل هذا يترجَم عسكرياً على الأرض السورية.

لفت نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف، إلى أنّ «النتائج الإيجابية التي تتحقّق حالياً في تطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة غير كافية». وقال ريابكوف في حديث لوكالة «أنترفاكس» في مناسبة مرور 100 يوم على تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنّ «هناك خلافات واضحة في مواقف البلدين في عدد من النقاط».

لم تعد الأزمة سورية – سورية، ولا الحلّ مرتبط بالشأن السوري الداخلي بل هي متداخلة ضمن مجموعة قضايا دولية تُشكّل عقبات أمام أيّ حلول مستقبَلية. فالواقع يكرّس على الأرض تهديداً أساسياً للكيان السوري، لا سيّما وأنّ الدولة الكردية أصبحت قاب قوسين من إعلانها.

وما أعلن عنه قائد «وحدات حماية الشعب الكردي السوري»، شرفان كوباني، الجمعة 28 نيسان 2017، يُبرّر هذا، إذ إعتبر «أنّ قوات أميركية ستبدأ مراقبة الوضع على الحدود التركية – السورية».

أخيراً، بين عجقة الداخلين إلى الساحة السورية وبين قتال الأخوة تحت عناوين مختلفة، تتعقّد الأزمة السورية ويطول أمدها. إذاً، لا أفق للحلّ فيما تمرّ به، خصوصاً أنّ العقدة الدولية إلى المزيد من التأزّم وسط تهديد جدّي لأطراف النزاع الدولية ونتائج إنتخابات تأتي بالمتطرّفين إلى السلطة، وما سوريا فيها إلّا صندوق بريد عند كل الفرقاء.