IMLebanon

أين لبنان والعرب على خريطة ترامب؟

كل المؤشرات تدل، حتى الآن، على أن الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، ستكون في حالة اضطراب وعدم استقرار، وأشبه بأوضاع الأسواق المالية، صعوداً وهبوطاً، على إيقاع قرارات سيّد البيت الأبيض الجديد الصادمة.

والاضطراب المتوقع في واشنطن لن يقتصر على المواطنين السود، أو المهاجرين المكسيكيين، ولا حتى أبناء الجاليات الإسلامية، وكل هؤلاء كانوا محور تهديدات ترامب طوال حملته الإنتخابية، بل سيمتد إلى علاقات الولايات المتحدة الخارجية، لا سيما مع الدول العربية!

لم يتضح بعد إذا كان ترامب سيستمر في اتخاذ المواقف الحادّة، وإعلان التصريحات النارية والمباشرة، استناداً إلى الأكثرية الجمهورية التي سيطرت على مجلسي النواب والشيوخ، أم انه يعمد إلى التخفيف من لهجته وخطواته الانفعالية والمتسرعة، التزاماً بأصول ممارسة السلطة، وتجاوباً مع رغبات الاستبليشمنت التي لا تخفي قلقها من ترامب في التعاطي مع الملفات الساخنة والمعقدة.

الواقع ان الدول العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، الحليفة التقليدية للولايات المتحدة الأميركية، منذ الحرب العالمية الثانية، أواسط القرن الماضي، تعتبر امام اختبار جدّي لمتانة العلاقات التحالفية مع واشنطن، على خلفية مدى مراعاة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض لمصالح الشركاء الخليجيين، الذين قابلوا الاتفاق الأميركي مع إيران حول مشروعها النووي، بكثير من التشكيك والحذر، فضلاً عن الصدمات الأخرى التي تلقوها من إدارة أوباما، ودور الأجهزة الأميركية المريب في تحويل ثورات الربيع العربي إلى فتن طائفية، وحروب داخلية، ألحقت الكثير من الاضرار والدمار في الدول العربية المعنية.

* * *

أما بالنسبة للبنان، فوجود شخصيات لبنانية بارزة في فريق حملته الانتخابية، لا يوفّر الضمانات الكافية لإبداء ترامب الاهتمام اللازم بالملف اللبناني، وتعقيداته المعهودة، خاصة وأن الرئيس الأميركي المنتخب يضع العلاقة مع الدول الصهيونية في قمّة أولوياته، ويعتبر الحفاظ على أمن إسرائيل، جزءاً من خطط الحفاظ على أمن بلاده!

هذا الواقع المرير، يضاعف مسؤولية القيادات السياسية اللبنانية، وخاصة الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، في الإسراع ليس بتأليف الحكومة العتيدة وحسب، بل وبتبني برنامج عمل للنهوض الاقتصادي، وترميم العلاقات مع الأشقاء الخليجيين، وإعادة تنشيط حركة الاستثمار والسياحة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن تعزيز الجبهة الداخلية واستغلال أجواء الانفتاح والتقارب بين الأطراف السياسية الرئيسية، لتحقيق مصالحات تساعد في تقوية المناعة الوطنية ضد محاولات نقل النيران المشتعلة في الجوار إلى الداخلي اللبناني.

وعندما تكون العلاقة التحالفية مع تل أبيب، أولوية مطلقة على كل ما عداها، في العلاقات الأميركية مع دول المنطقة، يصبح من السخرية بمكان الرهان على وجود شخصيتين، أو ثلاث، في فريق ترامب الإنتخابي لتسويق الملف اللبناني في الإدارة الجديدة للبيت الأبيض!