IMLebanon

أيّ حوارٍ يسبق الآخر؟

مع انطلاق الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» وُضع الملفُ الرئاسي من ضمن نقاط البحث الأساسية بين الطرفين، ومع انطلاق الحوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» استحوذ الملفُ الرئاسي على كلِّ اهتمامٍ ومتابعة. فأيّ حوارٍ من الحوارين سيسبق الآخر في إنهاء الفراغ الرئاسي؟

هناك مَن ينسب إنطلاق الحوار بين «القوات» و«التيار الحرّ» إلى خشيتهما من توافق «المستقبل» و«حزب الله» على انتخاب رئيسٍ جديد، ما دفعهما إلى التواصل من أجل قطع الطريق على أيّ توافق سنّي – شيعي على رئيس مسيحي بمعزل عنهما.

ولكن، في الحقيقة أوساطُ «القوات و«التيار الحر» تنفي هذا الكلام جملة وتفصيلاً، وتقول لـ«الجمهورية» إنّ «ثقة رئيس القوات بحليفه سعد الحريري مطلَقة، وإنّ رئيس «المستقبل» الذي حاور عون في كلّ الملفات طلب منه، عندما وصل إلى الملف الرئاسي، التواصلَ مع مسيحيي «14 آذار» وفي طليعتهم القوات اللبنانية».

وبالتالي، تؤكد الأوساط أنّ «القوات لا تخشى إطلاقاً أيَّ تفاهم سنّي – شيعي يؤدي إلى استبعاد المسيحيين من رئاسة الجمهورية». وفي المقابل، «الأوساط العونية لا تخشى أيضاً أيّ تفاهم على حساب العماد ميشال عون، لأنّ ثقتها بـ«حزب الله» مطلَقة، ويكفي متابعة مواقف الحزب التي تعلن بوضوح ومن دون مواربة تأييد عون فقط لا غير لرئاسة الجمهورية».

وتضيف الأوساط أنّ القول إنّ هناك «سباقاً بين الحوارين أيْ الاسلامي – الاسلامي والمسيحي- المسيحي للوصول إلى انتخاب رئيس جديد في غير محلّه، بل ما يمكن قوله هو إنّ هذين الحوارين يشكلان إنضاجاً مشترَكا للوصول إلى تفاهم رئاسي، و«تكفي مقارنة وضع رئاسة الجمهورية ما قبل هذين الحوارين وفي ظلّهما».

فما قبل انطلاق الحوارين كانت الآمالُ لإنتخاب رئيس جديد معدومة، ولكن، بعد انطلاقهما أصبحت الحظوظ بالوصول إلى انتخاب رئيس جديد قائمة وموجودة لسببٍ بسيط وهو أنّ التلاقي ولو الثنائي يؤدي إلى تقريب المسافات وتبديد أجواء الإحتقان والتقاطع على ملفات عدّة، الأمر الذي سيؤدّي عاجلاً أم آجلاً للوصول إلى تفاهمٍ رئاسي، حيث يستحيل أن يتمّ التوافق على جملة ملفات ويتمّ استثناء رئاسة الجمهورية على رغم التعقيدات التي تحيط بها. وقالت الأوساط إنّه «لا يجب إهمال الظروف الإقليمية وتعقيداتها والتي تؤثر سلبا في الوصول إلى تفاهم رئاسي»، ولكنّ وضوح الصورة الإقليمية غيرُ كافٍ من دون عوامل محليّة مساعِدة.

لذلك، التقاطع بين اللحظة الإقليمية المؤاتية والجهوزية الداخلية يؤديان وحدهما إلى إنضاج الملف الرئاسي. ومن هنا، «ما يحصل اليوم من تهدئة المناخات الداخلية هو من أجل التقاطع مع اللحظة الدولية والإقليمية التي أصبحت قريبة جداً مع احتمال التوقيع على الاتفاق النووي في آذار المقبل، الأمر الذي سيساعد في صعود الدخان الأبيض من قصر بعبدا».

وأكدت الأوساط أنّ حوار «المستقبل»-«حزب الله» لن يكون على حسابِ حوار «القوات» – «التيار الحر»، والعكس صحيح، و«التحالفات ما زالت على حالها»، فلا تبدّل ولا من تغيير في جوهر قناعات كلّ فريق، فضلاً عن أنّ التقاطع حول الملفات الحياتية والمؤسساتية وتحييد القضايا الخلافية شكّل تجربةً ناجحة بدأت مع الحكومة وتُستكمل اليوم مع الحوار وستُتوَّج لاحقاً في الرئاسة.

وبالتالي في اللحظة التي ستظهر فيها مؤشرات عن قرب التوافق لإنتخاب رئيس ستتحوّل الحوارات الثنائية إلى حوارٍ وطني جامع، لأنّ رئيس البلاد لن يكون نتيجة لإختيار فريق من اللبنانيين وإنما «حصيلة

توافق جميع اللبنانيين».

من جهة ثانية، تقول أوساط في «تيار المستقبل»: إذا توصل «الحوار بين «التيار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانية» إلى التوافق الرئاسي ستظهر حقيقة القوى المعرقِلة للرئاسة في ظلّ رهان «حزب الله» على استمرار الخلاف القواتي-العوني، فيما الكرة اليوم هي بيد الثنائي المسيحي الذي

يضعنا أمام حلّين وهما إمّا التوافق وإمّا الدخول في مرحلة إنتصار قوى إقليمية على أخرى في إدارة المعركة الإنتخابية».

وتؤكد أنّ «القوى المحلية تعتمد على موازين إقليمية، وهناك فرق كبير بين «8» و«14 آذار»، حيث إنّ «حزب الله» يستفيد من عناد عون لعرقلة إنتخاب رئاسة الجمهورية».

وترى أنّه «إذا كان الحوارُ بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» إسترخاءً صُوَرياً ونقاشاً في الأمور الهامشية التي لا تعبّر عن الواقع، فإنّ الحوار بين المسيحيين له وقعٌ مختلف إذ إنّ تنازل عون يؤدّي إلى تغييرٍ في الواقع وتغليبِ الواقع الداخلي على التطوّرات الخارجية».