IMLebanon

ظريف يفضح «زيف».. نصرالله

تتلقى صورة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله، «الضربة بعد الضربة». لم يكن الميدان السوري، وتراجعات السيّد الكثيرة عن مواقفه، أوّل ما أثّر على صورته ومصداقيته. ولن يكون التدخّل الروسي والإيراني في سوريا، والذي جاء بعد فشل «سيّد المقاومة» بحسم المعركة، آخرها. يبدو أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، دخل، من حيث يدري او لا يدري، في بازار ضرب مصداقية نصرالله. 

في تصريح له على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدّة، قال ظريف انه «اضطلع شخصياً بدور في تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية، إذ تحدّث مع أناس الى سحب حزب الله الفيتو وشروطه المتعلّقة بالثلث المعطّل الذي كان يريده»! حسناً. ألم يقل السيّد في خطابه الأخير، «إن إيران لا تتدخّل في اي امر له علاقة بلبنان، وان حزب الله، حليف إيران، هو مَن يقرّر ما يريد»؟ لا بل أكثر من ذلك، ففي مرحلة تشكيل الحكومة الراهنة، خرج نصرالله ليقول ما حرفيّته، «نحن في الملفات الداخلية لا نسأل إيران ولا نستأذنها، ونتمنى لو ان علاقة 14 آذار بالسعودية هي كما علاقتنا بإيران، فعندها بالتأكيد ما كان هناك مشكلة في لبنان»! ما هو رأي السيّد بكلام ظريف؟ هل سينكر نصرالله كلام وزير الخارجية الإيراني، ام انه سيُمعن في تراجعاته وفي ابتكار الحجج كما هو الحال منذ سنوات؟ 

ومما جاء في كلام ظريف، تأكيده «استعداد إيران لحل المشكلة المتعلّقة بالانتخابات الرئاسية اللبنانية». إلا انه اضاف ان «البعض لا يقبل بهذا او ذاك رئيساً». هل يعني هذا ان طهران تتبنى ترشيح النائب ميشال عون، الذي لم تقبل به قوى «14 آذار»؟ في خطابه الاخير ايضاً، وفي اطار تسويقه للعماد عون، قال نصرالله، «إن فرصة عون تزيد في الوصول الى الرئاسة، فهو مستقل ولا يرتبط بأي دولة وسفارة او جهة»! ما هو موقف السيّد من تبنّي إيران لترشح عون، ومن حديثها عمّن لا يقبل به رئيساً؟ لا بأس، قد يقول البعض ان كلام ظريف لا يتضارب مع تبرئة السيّد ذمة عون من الارتباط بدول او سفارات او جهات. لكن كيف يترجم هؤلاء كلام وزير الخارجية جبران باسيل عن ان إيران هي المدافع الاول عن حقوق الاقليات في المنطقة؟ كيف يترجم هؤلاء رهان عون على انتصار الإيرانيين على العرب؟ كيف يترجم اصحاب نظرية «استقلالية عون»، قول الجنرال بأن «حزب الله« يحمي الوجود المسيحي في لبنان؟ كيف يترجم هؤلاء رهان عون على انتصار الاسد وحلفائه؟ إن كانت هذه المواقف تُعبّر عن استقلالية عون وعدم ارتباطه باي سفارة او دولة او جهة، فماذا لو لم يكن مستقلاً؟ 

ليست تصريحات ظريف الوحيدة التي يمكن ان تحرج نصرالله. فبعد ساعات على تأكيده، في خطابه الاخير، «ان إيران لا تتدخّل بأي شأن داخلي سوري، وكل ما يقال عن هذا الأمر هو غير صحيح»، اعلنت وكالات الانباء ان «المئات من افراد القوات الإيرانية وصلوا الى سوريا، وسينضمون الى هجوم بري كبير مع قوات الاسد ومقاتلي حزب الله شمال سوريا»! كان من الممكن ان «يشيطن» حزب الله وجمهوره مثل هذه الانباء «بما ان السيّد قال غير هذا الكلام»، إلّا ان المنظومة الإعلامية لـ»حزب الله» نقلت عن مصادر قيادية في مركز القرار «ان غرفة عمليات مشتركة انشئت لتنسيق وتوزيع مهمات وضربات القوى الخاصة الروسية والإيرانية والسورية وتلك التابعة لحزب الله، بعدما بدأت تصل طلائع القوات الإيرانية والروسية الخاصة الى سورية». هكذا بالحرف!

صرّح السيّد بأن إيران لا تتدخّل في الشأن اللبناني، واذ بظريف يُظهر العكس. وأكد أن إيران لا تتدخل في الشأن السوري، واذ بمنظومته الإعلامية وبالوقائع الميدانية تثبت العكس. احداث وحقائق من شأنها الّا تطيح بمصداقية نصرالله وحسب، بل تطرح مجموعة من الأسئلة: هل كل ما قاله السيّد ويقوله مغاير للحقيقة؟ مَن يعطّل الانتخابات الرئاسية ومن ثم يرمي بالمسؤولية على الآخرين؟ مَن أفشل طاولات الحوار وانقلب عليها ومن ثم رمى بالمسؤولية على غيره من المتحاورين؟ مَن يثبت للمرة الالف انه «جندي في ولاية الفقيه»، بينما يتهم خصومه بالارتهان للخارج؟ الا يشعر السيّد بالحرج امام جمهوره قبل خصومه؟ ام ان الحرج بات من ثوابت سياسة «الحزب الإلهي»، ليأخذ مع الوقت صفة «الحرج الإلهي»؟