ما قبل زيارة ترامب إلى المنطقة لن يكون أبداً كما قبلَها. فالرئيسُ الأميركيُّ الإستثنائي، الذي يحمل زلزالاً أينما حل، أتى إلى الشرق الأوسط مفجّراً مفاجآتٍ غير مرتقبة. قبل زيارةِ دونالد ترامب كان هناك كلامٌ غامضٌ مُبهمْ عن الشرق الأوسط الجديد، أما ما بعد الزيارة فالكلام تبلور، والصورةُ تظهّرت.
محور الممانعة الذي انتهى عسكرياً كنتيجة لطوفان الأقصى، إنتهى سياسيّاً واستراتيجياً كنتيجةٍ لزيارة ترامب. هكذا، ممنوعٌ على إيران أن تحصل على سلاح نووي، وعليها وقفُ دعمِها للحروب في المنطقة.
والسعودية وسوريا ستدخلان عصرَ الإتفاقيات الإبراهيمية بالتوقيت المناسب لهما. أي أنهما ستدخلان عصرَ السلمِ والإستثمارِ والإزدهار، وهو ما تجلّى في الإتفاقيّات الإقتصاديّة غير المسبوقة بين السعودية وأميركا،
وفي برج ترامب المحتمل في سوريا. أما لبنان فإنّه أمام فرصةٍ تأتي مرّةً في العمر وذلك للتخلص من سطوة حزبِ الله وليكون مزدهراً وليعيشَ في سلام مع جيرانه،
كما قال ترامب في كلمته اليوم. فهل يتلقّف لبنان فرصةَ العمرِ هذه، ليَعبُرَ إلى الضفة الأخرى وليتخلّصَ من أعوام الذُلِّ والتبعيةِ والقهر؟
ترامب قال بصراحته الفجّة : يمكن للرئيس اللبناني جوزاف عون أن يبني دولةً بعيداً عن حزب الله.
والرئيسُ الأميركي لم يقل ما قاله إلا لأنه يعرف أنه لا يمكن بناءُ دولةٍ بقوّتين وجيشَين وبقرارين للحرب والسلم،
وهو ما يلتقي مع ما يردّده الرئيس عون في كلماته وخِطبه إذ إنه يشدّد دائماً على حصرية السلاح في يد الدولةِ اللبنانية.
فهل جاء دورُ الدولةِ الواحدة الحقيقيّة بعدما دفعنا غالياً ثمنَ تحكّم الدويلة في الدولة اللبنانية وفي قرار الحربِ والسلم؟
في انتظار الإجابة وقفةٌ مع قمة التحوّلاتِ المزلزِلة في الرياض: بِن سلمان يدعو إلى حلٍ شاملٍ في غزة ولبنان, وترامب يُهاجِمُ إيران و”حزبَ الله” ويتعهَّدُ بفرصةٍ جديدة للشرقِ الأوسط .