IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”OTV” المسائية ليوم الاثنين في 06/07/2020

عندما بدأت الحرب العالمية الاولى العام 1914 حققت المانيا تقدما واضحا على الجبهتين الشرقية ضد روسيا وعلى الجبهة الغربية ضد فرنسا وحليفتها بريطانيا التي كانت يومها سيدة البحار .

بعد سنتين من الحرب خشيت بريطانيا تكرار تجربة نابوليون بونابرت التوسعية في اوروبا لكن هذه المرة على يد المانيا الناشئة الصاعدة القوية الصناعية الغنية والمستندة الى وحدة قوية ارساها بسمارك موحد المانيا .
تفتقت حيلة ودهاء الانكليز يومها عن معادلة ستظل مهيمنة على الاستراتيجية الانغلوساكسونية لقرن عبر وريثة بريطانيا الولايات المتحدة الاميركية وهي : الحصار للتجويع والتركيع والتطويع .

كان موريس هانكي عضو لجنة الدفاع الملكية البريطانية مبتدع فكرة الحصار على الشعوب وليس على الجيوش .
معادلته استندت الى المبررات والاهداف والوسائل الاتية : بريطانيا تسيطر على بحر الشمال المنفذ الحيوي وشريات المدد الرئيسي وعصب الحياة لالمانيا على البحر ومنه الى العالم .
قال : سنعزل المانيا ونجوع شعبها ونحول انتصارها العسكري في البر الى حصار تجويعي من البحر . عندها ستبدأ المانيا بالبحث عن كيفية اطعام شعبها وليس التهليل لجيشها وسينتهي الامر بها الى الاستسلام وطلب الهدنة . ويضيف : ليس الهدف من ينتصر في الحرب بل من يصمد ماليا ومعيشيا واقتصاديا والاهم من كل ذلك وهو غاية الحصار : من هو الطرف الذي سينهار تحت وطأة الجوع والثورة والضغط الشعبي .
ويختم : ستنمو الاعشاب الضارة في شوارع برلين وهامبورغ وميونيخ وتنتشر الاوبئة ويحل الخراب وسنربح بالحصار ما خسرناه بالحرب .
يومها اجبرت بريطانيا سفن الدول المحايدة او الصديقة لالمانيا على الالتزام بالحصار والانصياع للندن تحت طائلة ان يشمل الحصار كل دولة تساعد المانيا وكانت البحرية الالمانية تصادر حمولة اي سفينة تقترب من الشواطىء الالمانية .

وهنا للتذكير فقط . لأن الشيء بالشيء يذكر , فرضت بريطانيا يومها حصارا قاسيا طويلا على الشواطىء اللبنانية بذريعة ان الامبرطورية العثمانية كانت حليفة المانيا . تقاطعت اهداف ومقاصد الامبرطورية التي لا تغيب عنها الشمس مع ظلم امبرطورية الشر التي غاب عنها الخير . حصار بريطاني من البحر وقهر عثماني في البر . جاع سكان جبل لبنان والساحل وهلك منهم 130 الفا اي اكثر من ثلث عدد السكان يومها .

اما فرنسا التي كانت تقاتل بشرف وشجاعة وبطولة يومها على الجبهة الغربية في السوم وفردان واميان وعلى تخوم باريس فقد كانت ترسل ما تيسر من مساعدات للبنانيين تهريبا وخلسة عبر جزيرة ارواد عاجزة في الوقت عينه عن تليين موقف حليفتها المتجبرة بريطانيا المتصلبة بريطانيا . وكان ما كان مما تخبرنا عنه كتب التاريخ الزاخر بالحقائق والطافح احيانا بالتحوير والتزوير .

اليوم وبعد مئة عام يعيد التاريخ نفسه. اميركا ورثت بريطانيا وورثت عنها مدرسة الحصار وزادت عليه ما يسمى بالعقوبات. منذ 100 عام القيصر الالماني وليام المحاصر اليوم قيصر الاميركي يحاصر. من المدمرات الانكليزية الى حاملات الطائرات الاميركي . ومن الاسترليني الى الدولار. وبعد , هل من الصعب على من ازاح السكان الاصليين في الغرب والشرق ان يعبا بمصير بضعة ملايين من الرافضين لمجرد انهم لم يقفوا بالصف ويطلبوا الاذن بالعيش ؟

هل بمقدور العالم الذي يسمي نفسه حرا ان يتفرج على وطن وشعب حول الشرق منارة وصدر للعالم حضارة وبنى للتعايش والتنوع عمارة وان يتم تدفيعه فواتير احياء المسألة الشرقية والموروثات الدينية والاحقاد التاريخية والعجرفة الاسرائيلية واللامبالاة الاوروبية والهزائم العربية ؟ هل يراد لشعبنا ووطننا دائما ان يكون الوقود في اتون حروب الجدود , ان يٌثخن بالجروح لاجل النزوح , ان يٌذبح بالسكين كرمى للتوطين ؟ ان يقرصن قوته ويتعرض دولاره للشفط ابتزازا قبل استخراج النفط ؟
في نيسان العام 1983 وبعد تفجير السفارة الاميركية في عين المريسة اعلن جورج شولتز وزير خارجية اميركا ان لبنان وباء ويجب وضعه في الحجر . اليوم يقولون لك انزل الى القبر . من الحجر الى القبر . شبعنا من الحجر ولا نخشى القبر . منذ الفي عام ونحن ندحرج الحجر عن القبر ونقوم …