IMLebanon

سجّل أنا لبناني عربي لا تركي ولا إيراني

 

لست معنياًّ بمن يحب ايران أو يكرهها.. أو من يحبّ تركيا أو يكرهها.. أنا معنيّ بوطني النهائي والوحيد لبنان عربيّ الهوية والانتماء. لست معنيّاً بتوطين النازحين أو إيواء النازحين.. أنا معنيّ بعودتهم الى بيوتهم وإعادة إعمار سوريا والعراق. لست معنيّاً بهذا الميدان أو ذاك.. أنا معنيّ بكل الضحايا الأبرياء على جانبي خطوط التماس في أي نزاع.. أنا معنيّ بسلامة الانسان أينما كان. أنا لست معنيّاً بهذا البطل أو ذاك من حملة السلاح.. أنا البطل عندي هو من تجرّأ على رفض استخدام السلاح في أي خلاف.

أنا لا أحبّ الانتصارات على جثث الأطفال والشيوخ والنساء.. الانتصار عندي عندما يحمل الجميع الكتاب والقيثارة والعود والكمان، وألوان الرسم ومعول الفلاح وشاقول البناء. الأعياد عندي ليست مآتم ومقابر وجنازات.. الأعياد عندي هي مواسم تخرّج الشابات والشباب من المعاهد والجامعات.. أفرح بهم وأصفّق لهم وأحزن على كل من خاصم الحياة وحمل السلاح.

الله محبةً ورجاء وأمان.. هكذا عرفته وأحببته.. الله عندي رحمةً وسلام.. لا أسلّم أمري إلاّ لمن يحترم إنسانيتي وحريّتي وعقلي ومشاعري ورغبتي في العيش بسلام.. ولا أستمع لمن يحاكي غرائزي ويجعل مني وحشاً وعدوّاً للإنسان.. أنا أصغي لمن ينير طريقي ويعظّم من وجودي بما أنا على صورة خالقي فاطر الأرض والسماء.

أنا لا أحب السجالات ولا الخصومات ولا الاتهامات لأنّها قتلٌ وإلغاء وضوضاء.. أنا أحبّ الحوار والنقاش والإصغاء والابتكارات والإضافات.. أنا أبحث عن الذي يزيدني علماً ومعرفةً وصفاء وأمان.. أنا لست معنيّاً بهذا الرئيس أو ذاك.. أنا معنيّ بوطني وسكينتي لما تبقى من الأيام.. لقد أنهكتنا المهارات الجوفاء والادعاءات الفارغة والجرائم الفاضحة وأساطير الفسَاد.

لا تهمّني تركيا أو ايران.. فأنا جريح الوجدان في بيروت والقاهرة ودمشق وبغداد والقدس وصنعاء.. ويملأني الشوق لنزار والسيّاب ولميعة ودرويش والبياتي وشوقي وحافظ ورامي والأخطل والمطران ونازك وفدوى والشابي والهادي آدم والفيصل وسعاد وأصدقاء العقل في الرباط.. أنا عربيٌّ من لبنان.. فَقدْتُ أوطاني وأحلامي، وفشلت في التكيّف مع التسطح والطغيان.. عام بعد عام وأنا أكتب رسائلي على صفحات اللواء الى فلان وفلان.. وأخاطبهم  بالعناوين والأسماء.. ولا حوارَ ولا جواب.. إنّهم غيابٌ غياب.. ونسَيْتُ وتناسيت حتى طغى النسيان على كلّ الذكريات.

أحزن عندما تُعامَل الناس كالفئران البيضاء.. تُختَبر فيهم الأحداث والأسلحة والموضوعات.. ويستجيبون للاختبار بكل حماسة واندفاع.. هذا مع هذا وذاك مع ذاك.. ولا علاقة لهذا وذاك بمدارس أطفالهم وجامعات أبنائهم وفرص العمل للشابات والشباب.. إنّها هوايةٌ عجيبة لدى أهلي في لبنان.. حبٌّ هائل للدمار والانقسام والنزاع.. وكرهٌ مقيت للبناء والتقدّم والازدهار والاستقرار.. والكلّ يبحث عن فرصة ينتقم فيها من الكلّ.. بكلّ جرأة وإقدام.. والكلّ يريد أن يربح العالم ويخسر لبنان.

بعد الاصطفافات الجديدة من هنا وهناك.. جاء من يطرق بابي ويسألني هل ما زلتُ على عهدي الذي كان.. فقلت: نعم لا أزال.. وسجّل أنا لبنانيّ عربيّ.. لا إيراني ولا تركي.. وبيروت عاصمتي.. وأقفل خلفك الباب.