IMLebanon

«إيبولا» ينضم إلى قائمة المخاوف في الأسواق العالمية

FinancialTimes

رالف أتكينز وأندرو بولجر

فيروس إيبولا يطلق حالة من التوجس في أنحاء مختلفة من العالم: البنك الدولي يحذر من تأثير يُحتمل أن يكون كارثياً على بعض الاقتصادات الإفريقية، وأوروبا أصابها الهلع بعد حالات محلية من هذا المرض الفتّاك، ومريض يموت في الولايات المتحدة، وأسعار أسهم شركات السفر والمناجم تتراجع.
لقد أصبح فيروس إيبولا هذا الأسبوع خطرا يهدد الأسواق المالية أيضا، إلا أنه لا يتصدر حتى الآن قائمة مصادر قلق المستثمرين العالميين التي لا يزال يهيمن عليها ضعف النمو الاقتصادي العالمي وتوقيت الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة. لكن المخاوف بشأن الخسائر المالية، فضلاً عن البشرية بسبب انتشار الفيروس الذي ألقى الضوء على جانب خطير من العولمة، لا تعمل على تهدئة قلق السوق.
وحذّر تقرير صادر عن بنك باركليز من أنه في حال انتشر فيروس إيبولا على نطاق واسع، سيكون تهديده على الاقتصاد والأسواق في العالم أكبر من انتشار فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) في عام 2003.
لقد أصبح فيروس إيبولا أحدث “مخاطر الذيل”tail risk، أي حدث من غير المرجح أن يحدث لكن سيكون له تأثير كبير إذا حدث. ومثل “مخاطر الذيل” الأخرى – تصعيد جيوسياسي بسبب أوكرانيا أو العراق، مثلا – فهو يترك المستثمرين في مأزق.
يقول مارفين بارث، رئيس القسم الأوروبي لأبحاث البورصة الأجنبية في باركليز “إن الحجم والتوسّع السريع لانتشار فيروس إيبولا الحالي حول الاحتمال بأن يصبح حدثاً ذا صلة بالسوق من شيء قريب من صفر إلى احتمال لا يُستهان به، لكنه لا يزال صغيراً بما فيه الكفاية ليكون من الصعب التحوط ضده”.
لقد تفاقمت المخاوف بشأن فيروس إيبولا ليس فقط بسبب معدل الوفيات المرتفع، لكن بسبب التباطؤ الواضح في الرد الرسمي على مستوى العالم. وقد حذّر تقييم أصدره البنك الدولي هذا الأسبوع بشأن الأثر الاقتصادي، من أن المرض قد يُكلّف غرب إفريقيا 32.6 مليار دولار على مدى عامين إن لم يتم احتواؤه. وقال البنك الذي يوجد مقره في واشنطن، “إن معظم الضرر سينتُج عن التكاليف العالية لممارسة الأعمال، لأن المخاوف من الإصابة بفيروس إيبولا تركت الشركات بدون عمال، وعطلت أنظمة النقل، وقيدت السفر عبر الحدود”.
وعلى الصعيد العالمي، أدى موت رجل يبلغ من العمر 42 عاماً في تكساس بعدما أُصيب بفيروس إيبولا خلال زيارة إلى ليبيريا، فضلاً عن أنباء عن حالة إصابة بالفيروس في إسبانيا – وشائعات عن حالات في أماكن أخرى في أوروبا – إلى تراجع أسعار أسهم شركات الطيران الأسبوع الماضي.
وانخفضت أسهم شركة إيزيجيت بنسبة 10 في المائة، في حين انخفضت أسهم IAG، الشركة الأم للخطوط الجوية البريطانية وطيران إيبيريا، بنسبة 12 في المائة. كما انخفضت الأسهم في توماس كوك بنسبة 11 في المائة، على الرغم من أن الشركة السياحية قالت إنها لم تشهد تأثيراً جوهرياً، لأنها داخل المنطقة المصابة قامت فقط بنقل مسافرين إلى جامبيا.
ويقول توني شيبرد، المحلل في تشارلز ستانلي للوساطة “على الرغم من أن فيروس إيبولا لم يكُن له تأثير في النتائج المالية لشركات الطيران حتى الآن، إلا أن من الممكن تصوّر وضع يخرج فيه المرض عن السيطرة. إذا أراد المستثمرون اتخاذ احتياطات السلامة، بإمكانهم تخفيف الحيازات”.
وعندما ضرب فيروس سارس قبل أكثر من عشرة أعوام، كان التأثير على شركات الطيران شديداً، مع تراجع حركة المسافرين بما يصل إلى 40 في المائة على المسارات الآسيوية. وخسرت شركات طيران آسيا والمحيط الهادي 8 في المائة من حركتها السنوية، أي ما يعادل ستة مليارات دولار من العائدات، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي، في حين عانت شركات الطيران في أمريكا الشمالية تراجعا بنسبة 3.7 في المائة في حركة المرور، وهو ما يعادل فقدان إيرادات بحدود مليار دولار.
ويعتقد شيبرد أن الأمر مختلف هذه المرة، لأن شركات الطيران أقوى مالياً مما كانت عليه في 2003 ـ وهناك غوث مرحب به، على شكل تراجع في أسعار النفط، وبالتالي فإن تكاليف الوقود ستأتي حسب التوقعات في السنة المقبلة.
وضمن غرب إفريقيا، تتركز مشاعر القلق على شركات النفط وخام الحديد والذهب وشركات التعدين والسلع الأخرى. والشركات الأكثر عرضة للتأثيرات الناتجة عن انتشار المرض هي، بحسب تقرير من دويتشه بانك، شركات تعدين الذهب: راندجولد، ونوردجولد، وأنجلو جولد.
ومن الممكن أن يتأثر إنتاج الكاكاو بصورة لا يستهان بها، لأن غرب إفريقيا يشكل أكثر من 70 في المائة من الإنتاج العالمي.
لكن حتى الآن، الأثر الاقتصادي لإيبولا لا يصل إلى مستوى صدمة اقتصادية على الاقتصاد العالمي – فقد بقي ضمن “مخاطر الذيل”. وأكثر ثلاثة بلدان تضررت من إيبولا، وهي غينيا وليبيريا وسيراليون، تشكل أقل من 1 في المائة من الناتج الاقتصادي لمنطقة جنوب الصحراء الإفريقية.
وفي بلدان إفريقية أكبر حجما هناك عوامل أخرى، بما في ذلك تراجع أسعار السلع، تعتبر أكثر أهمية. ففي كينيا يعد الإرهاب تهديداً أكبر للسياحة، وفي نيجيريا التركيز على تراجع أسعار النفط، وفي غانا ما يهم أكثر هو المفاوضات حول المساعدة من صندوق النقد الدولي.
والتهديدات الأكبر على الصحة في المنطقة تظل الإيدز والسل والملاريا، كما يقول أيو سلامي، وهو محللي استراتيجي استثماري في Duet Asset Management.
ويضيف “شهدنا تدفقات خارجة من صندوقنا. ليس هناك دليل في السوق الإفريقية على توجه المستثمرين نحو الخروج – ليس هناك عمليات بيع كبيرة”.