IMLebanon

خطة «المال»لإدارة الدين العام اللبناني

MinistryFinance
طوني رزق
تجاوز الدين العام اللبناني الـ 66 مليار دولار مع نهاية شهر تشرين الأول العام 2014 لتبلغ نسبته الى الناتج القومي العام 146 في المئة، وهي من الأعلى في العالم. وفي ما يلي عرض لاستراتيجية وزارة المال اللبنانية لإدارة هذا الدين بين عامَي 2004 و2016، علماً انّ كلفة خدمة هذا الدين تجاوزت الـ 40 في المئة من الايرادات الحكومية السنوية.
تعتمد الخطة التي أعدّتها وزارة المال لإدارة الدين العام اللبناني بشكل اساسي على تجديد آجال الديون المستحقة الى فترات زمنية طويلة الامد لكسب الوقت ريثما تتمكن الحكومة من تجهيز الدفعات المستحقة.

كما تعتمد ايضاً على خفض كلفة التكلفة على مستوى اسعار الفائدة، والتي تقتضي اللجوء الى الاسواق الخارجية نظراً للفرق في اسعار الفائدة. وفي ما يلي الاستراتيجية التي وزّعها وزير المالية مؤخراً على هذا الصعيد:

الهدف من إدارة الدين العام

وفقاً للمعايير الدولية الفضلى تبنّت الهيئة العليا لإدارة الدين العام ما يلي:

«انّ الهدف الرئيسي لإدارة الدين العام هو ضمان تلبية الاحتياجات التمويلية للحكومة والالتزام بتسديد الاستحقاقات المترتبة على الدولة في اوقاتها وذلك بأقلّ تكلفة ممكنة على المدى المتوسط والطويل الأجل وبما يتفق مع درجة مقبولة من المخاطرة».

اضافة الى الهدف المشار اليه أعلاه، تهدف ادارة الدين العام الى تطوير الاسواق المحلية الاولية والثانوية لمواجهة اي صعوبات قد تطرأ على قدرة التمويل المحلية، ومن الضروري ان يصار الى دعم آليات السوق المحلي وتطويرها، والعمل على اختيار سياسات تتسِم بالشفافية للاصدارات الداخلية.

انّ إنشاء الهيئة العليا لإدارة الدين يرسّخ ويمأسس التنسيق القائم بين ادارة الدين العام من جهة والسياسة النقدية من جهة اخرى. وعلى رغم المسؤولية الخاصة لكلّ من وزارة المالية والمصرف المركزي فإنّ ادارة الدين العام يمكنها ان تساهم في تحقيق اهداف السياسة النقدية وذلك عبر تطوير منحنى العائد على السندات بالعملة المحلية القصيرة والطويلة الاجل.

الدين العام: الوضع الحالي

يعتبر إجمالي الدين العام القائم الى الناتج المحلي في لبنان من اعلى المعدلات في العالم. ففي نهاية كانون الاول عام 2013 بلغ اجمالي الدين العام حوالى 138 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، مع الاشارة الى انّ هذا المعدل وصل الى حده الأقصى المقدر بحوالى 180 في المئة عام 2006 إلا انّ هذا المعدل قد عاد الى الارتفاع مؤخراً من 132 في المئة نهاية عام 2012 الى 138 في المئة نهاية عام 2013.

انّ الحجم الكبير لمحفظة الديون- سندات الخزينة القصيرة والطويلة الاجل والقروض- يمكن ترجمته من خلال مؤشرات بسيطة للتكلفة والمخاطر التي من شأنها بلورة السياسات العامة الهادفة الى تحسين هذه المؤشرات.

امّا أبرز المؤشرات لمحفظة الديون الحالية فهي على الشكل التالي:

– على رغم العمل على اطالة آجال الاستحقاق من خلال اصدار سندات خزينة بالعملة المحلية ذات آجال طويلة الامد مؤخراً إلا انّ مخاطر الفائدة على الدين الداخلي تبقى قائمة.

– انخفضت حصة الديون بالعملة الاجنبية الى حوالى 40 في المئة من اجمالي حجم الدين بعد ان بلغت حوالى 50 في المئة عام 2007، وهو السقف الاقصى الذي تمّ التوافق عليه في حينه.

– وصلت نسبة كلفة الفائدة من الارادات الحكومية الى 40 في المئة عام 2013 بزيادة مقدارها 2 في المئة، ما يقلّل من «الفسحة المالية» المتاحة للنفقات التنموية.

انّ معدل الدين العام الى الناتج المحلي يمكن ان ينخفض الى حوالى 116 في المئة في حال تمّ احتساب ارصدة القطاع العام المالية المجمدة والبالغة حوالى 10,28 مليار دولار في نهاية عام 2013. وتتضمن هذه الارصدة إيداعات القطاع العام في المصارف التجارية ومصرف لبنان. وحالياً لا يتم تنزيل قيمة هذه الإيداعات من الحجم الاجمالي للدين العام.

إستراتيجية الاعوام 2014- 2016

بناء على التحليل الوارد اعلاه، تمّ اختيار استراتيجية لإدارة الدين العام تقوم على الفرضيات التالية:

– زيادة الاعتماد على الاقتراض بالعملات الاجنبية خلال 2014- 2016 لتغطي بشكل أساسي استحقاقات أصل الدين والفوائد بالعملات الاجنبية، ما يعني انه على الحكومة زيادة سقف الاقتراض بالعملات الاجنبية ليسمح باقتراض ما نسبته 30 في المئة سنوياً بالعملات الاجنبية. امّا باقي الحاجات التمويلية فتُغطّى بالعملة المحلية.

– إضافة الى ما سبق يجب الاستمرار في عملية التمديد التدريجي لآجال الاستحقاق التي اعتمدت في السنوات الماضية وخاصة بالعملة المحلية، وذلك بهدف إطالة معدل الأجل الوسطي للدين وإطالة الفترة الوسطية لتثبيت الفوائد لتتجاوز المستوى الحالي البالغ 4,3 سنوات.

وعلى رغم انّ تمديد آجال الاستحقاق يترافق مع ارتفاع في التكاليف المتوقعة، فإنه يوفر الحماية من مخاطر ارتفاع اسعار الفائدة في المستقبل، والذي يصعب على لبنان تحمّلها في الظروف الحالية.

انّ القدرة الاستيعابية المقدرة للاستدانة في كل من العملتين المحلية والاجنبية هي احدى الاعتبارات الرئيسية للاستراتيجية المختارة.
في ظل عدم إقرار موازنة عامة وتطبيقاً للاستراتيجية المختارة من الضروري إقرار قانون جديد بقيَم مالية محددة يرفع سقف الاقتراض بالعملة الاجنبية.

أمّا بالنسبة الى تكميل معايير المخاطر والاستحقاقات ووسائل الاقتراض، فستقوم بتحديدها وزارة المالية بالتشاور مع الهيئة العليا لإدارة الدين العام. ويعود للهيئة متابعة تنفيذ الاستراتيجية عبر تقارير ترفع الى الهيئة بشكل دوري من قبل وزارة المالية.