IMLebanon

هل يتم شراء الإنتاج الزراعي لصالح “منظمات النازحين”؟

AgricultureExport

هاجر كنيعو
نحن أمام كارثة زراعية هذا أقل ما يكمن قوله، وعندما نقول القطاع الزراعي يعني أن الصناعات الزراعية أو الغذائية أيضاً مهددة وبنفس الوقت إنتاجنا سيرمى على الطرقات. فبعد إقفال كافة المعابر البرية أمام الصادرات الزراعية في ظل الصعوبات الكبيرة على الحدود غير المنضبطة من جهة، وعجز مجلس الوزارء عن إقرار دعم فارق الكلفة بين النقل البحري والنقل البري نظراً لتعطيله من جهة أخرى، أقفلت جميع الأبواب في وجه المزارع اللبناني، هذا الفلاح الذي يناضل كي يبيع إنتاجه آخر السنة ويعيش منه طوال العام، فما كان من الشارع إلا السبيل الوحيد للتعبير عن غضبه. فقد عمد المزارعون والمصدرون وسائقو الشاحنات المبردة إلى قطع الطريق الدولية في شتورا يوم أمس إلى حوالى ساعة من الوقت عامدين إلى رمي منتوجاتهم على الطرقات «لعلهم يشعرون بإوجاعنا ويناصروا قضيتنا».
«سنكرر هذا الإعتصام مرة وإثنتين وثلاث حتى تتحقق مطالبنا» صرخةُ أطلقها رئيس تجمع المزارعين في البقاع إبراهيم ترشيشي لـ «الديار» مختصراً معاناة المزارعين «ففي هذا الشهر عندنا تقريبا 37 شاحنة يوميا أي 900 طن معدل خضار وفواكه لا تصدر، وفي أيلول حيث سيبلغ الإنتاج ذروته، ستصبح 58 شاحنة يومياً أي 1237 تقريبا في الشهر، فماذا نفعل بالإنتاج؟».
والأنكى من ذلك بحسب ترشيشي هو القيام بالإستيراد من الخارج عوضاً عن تصدير إنتاجنا «لذا لا بد من وقف الإستيراد من الخارج وخاصة عبر المرافئ البرية (المصنع والعبودية) وذلك لبدء موسم «البكير» لأن جميع المنتوجات موجودة لدينا من خضر وفواكهة وسواهها»، مثنياً على قرار وزير الزراعة أكرم شهيب مؤخراً في منع الإستيراد من سوريا إلا بموجب إجازة مسبقة «حتى نعرف ماذا يدخل، فالبلد ممتلئ بالكرز والمشمش والبطاطا».
المشكلة برأي مدير عام المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار (إيدال) نبيل عيتاني ليست فقط في تصدير المنتجات الزراعية، بل تتفرع إلى أمرين:
أولاً-خسارة دورنا وحصتنا في الأسواق العربية ، بدليل أن 91% من حجم صادراتنا الزراعية تتجه نحو الدول العربية ، و70% منها تصدر إلى الدول الخليجية أي ما يوازي 350 ألف طن من الخضر والفاكهة ، من هنا فإن حجم الخسارة كبير جداً لا سيما أن هذه الأسواق التي «ربيناها» أو «رباها» المزارعون عبر السنوات يحصل إغراق لها اليوم من أسواق أخرى من أوروبا أو من مناطق ثانية من آسيا.
ثانياً- عميلة إغراق السوق المحلي بالبضائع السورية ما ينعكس سلباً على ثلاثة قطاعات الزراعة، الصناعة وحركة النقل.
كلام عيتاني يؤيده ترشيشي خصوصاً بعد دخول كمية من المنتوجات السورية أغرقت السوق اللبنانية خلال الأيام الماضية «ما دفع المزارع إلى التوقف عن قطف الموسم وجني المحصول حيث لم يعد بإمكانه بيع إنتاجه لا في الخارج ولا في الداخل ونطالب الجمارك القيام بواجبها بمراقبة الطرقات وخاصة الأسواق».
وكشف عن عمليات تهريب شرعية تتم في الأونة الأخيرة، إذ يضعون على وجه الشاحنة القليل من الخضار ومن تحت البطاطا، ففي وقت نعمل جاهداً على تصدير البطاطا العكارية والبطاطا البقاعية، يدخل ما يقارب 400 طن يومياً من البطاطا تهريبا، فأين نذهب ببضائعنا. وماذا يفعل المزارع، الذي ينتظر الموسم كل سنة؟
ولكن ما الحل؟ يوضح عيتاني أن لا حل إلا أن تتحمل الدولة على عاتقها دعم المنتجات الزراعية والصناعية واتخذنا قرارا واضحا في مجلس الوزراء، بدفع فارق الكلفة ما بين التصدير البري والتصدير البحري الذي يتراوح بين 2000 و2500 دولار للشاحنة.وفي آخر جلسة لمجلس الوزراء كنا نريده قرارا نهائيا كي نضع الآلية التي تتولاها «إيدال» ونضع المبلغ على 7 اشهر وهو يتراوح بين 21 و25 مليون دولار بين الزراعة والصناعة والادارة، ووضعت إيدال كل الإحصاءات والمعلومات بيد المسؤولين، إلا أنه للأسف لم يتخذ أي قرار على أمل إنعقاد مجلس الوزارء الأسبوع المقبل.
ويعتبر عيتاني أنه من غير المسموح زيادة الأعباء والتكاليف على المزارع اللبناني فبين أعوام 2011-2014 ، تضاعفت كلفة نقل الشاحنة براً من 3200 دولار إلى 6200 دولار نظراً لإرتفاع التأمين والكلفة على السائق.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فإن كانت في السابق أجرة الشاحنة 4000 دولار على الطريق البرية فاليوم تكلفة الباخرة تصل إلى 8000 دولار. والمصّدر بحسب ترشيشي إذا أراد أن يعمل بدون أرباح يستطيع أن يتحمل 5500 دولار والدولة تساعد ب 2500 دولار.أمّا إذا تحمل كامل المبلغ تصبح عملية التصدير بدون جدوى وتمنعنا من منافسة الدول الأخرى نهائياً من التصدير.
شراء الإنتاج الزراعي من الجهات المانحة
منذ عام تقريباً، طرح وزير الزراعة أكرم شهيب على مجلس الوزراء القيام بشراكة عبر شراء الإنتاج اللبناني من قبل الجهات المانحة وبالتحديد البطاطا والتفاح وبعض المنتجات الأخرى التي تتحمل النقل على أن يتم تقديمها إلى النازحين السوريين بمعنى شراء الإنتاج الزراعي اللبناني كاملاً لصالح المنظمات التي تعنى بالنازحين إلا أن الفكرة لم تنجح. ولكن على ما يبدو يوجد توجه لإعتماد هذا الحل، فمنذ حوالى أربعة أيام أعلن شهيب عن إتفاقية عقدتها الوزارة مع الهلال الأحمر الكويتي عبارة عن تجربة بـ 150 ألف دولار خلال شهر رمضان الجاري، وستوزع كتجربة واذا نجحت سوف تعمّم على بقية الأطراف.
إلا أن لعيتاني وجهة نظر مختلفة، إذ إعتبر أنه حل غير جذري «فإذا إشترت الجهات المانحة موسم البطاطا مثلاً بأكمله، فمن يشتري المواسم الأخرى؟، وفي حال تم إعتماده ، فإن ذلك يعني حتماً خسارتنا للإسواق العربية التي هي المصدر الأساسي لتصريف إنتاجنا».
ولكن ماذا سيحصل إذا توقفت الصادرات أو تأخرت أو لم نأخذ قرارا بموضوع التصدير البحري ، أين سيحصل النمو مع كل الظروف التي نعيشها إن كان بالسياحة او بالزراعة او بالصناعة ، وماذا سيحل بالمزارعين الذين يعتمدون على المصارف في موضوع الاستدانة ؟ اسئلة تبقى في رهن الحكومة اللبنانية على أمل أن لا تنال التدخلات السياسية والمصالح الإقتصادية هذه المرة ايضاً من القطاع الزراعي!!