IMLebanon

عندما تعرّي النفايات من يفترض أنهم مسؤولون! (بقلم رولا حداد)

Wastes4

 

 

أزمة النفايات التي عصفت وتعصف بلبنان أمراضاً وروائح كريحة ومشاهد مقززة ليست أزمة عابرة، وإن كانت ستعبر بالمعنى التقني للكلمة. ستعبر لأنه سيتم إيجاد حلّ لها، ولكن وبطبيعة الحال لن يكون الحلّ الأفضل أو المثالي لأن لا نيّة لإيجاد مثل هذا الحل في دولة تعرف طبقتها الحاكمة كيف تجعل من النفايات “جبنة مصالح” تتقاسمها، وهذا ليس بجديد عليها.

لكنّ أزمة النفايات ليست عابرة بالمعنى السياسي والتكويني للدولة اللبنانية وللمسؤولين فيها وعنها. ففي مفهوم العمل السياسي أنه للخير العام والمصلحة العامة، وهذا ما ليس موجودا في معجم الأكثرية الساحقة من الطبقة السياسية الموجودة.

في الدول المتحضرة أي مسؤول على مستوى الدولة ومؤسساتها ووزاراتها وأجهزتها إنما هو موظف لدى الشعب من أجل تأمين مصالح مجموع المواطنين ومؤسسات الدولة. ومن المستحيل أن ينطبق هذا التوصيف على حكومة، أو مجموعة وزراء، لم يطرح أي منهم قضية النفايات قبل أن تقع الكارثة.

الجميع كان يدرك أن كارثة بيئية وصحية وسياحية ستقع اعتباراً من 17 تموز، تاريخ بدء سريان قرار إقفال مطمر الناعمة وانتهاء عقد سوكلين. ما حصل لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، لا لناحية وقوع الكارثة ولا لناحية تفرّج من يُفترض أنهم مسؤولون. لا بل يستطيع أي لبناني أن يشكّك بأن عدم الإقدام على إيجاد حلّ منذ اللحظة الأولى لاتخاذ قرار بإقفال مطمر الناعمة، وربما قبل ذلك بكثير، يجعل من المسؤولين شركاء في الجريمة التي حصلت، وربما يكونون متآمرين بهدف الضغط على الرأي العام بالنفايات التي تملأ الطرقات ليقبل بإعادة تمديد عقد سوكلين حتى إشعار آخر!

هذه الحكومة العاجزة حتى في ملف النفايات لا يمكن ائتمانها على أي ملف. والطبقة السياسية التي تصرّ أن تحوّل كل الملفات العامة الى جبنة تتقاسمها بحسب المصالح لا يمكن ائتمانها على إدارة بلد، لا بل بات من المؤكد أن جزءًا من هذه الطبقة متآمر على المصلحة العامة من أجل مصالحه الخاصة.

وزير البيئة هو المسؤول الأول عن ترك الأمور تصل الى هذا الدرك في ملف كان يُفترض أن يشكّل همّه الوحيد خلال الأشهر الماضية.

رئيس الحكومة مسؤول أيضا عن عدم متابعة وزير البيئة وعن عدم طرح الملف على مجلس الوزراء منذ أكثر من 3 أشهر.

كل وزير في هذه الحكومة ساهم في تعطيل عمل

ها واجتماعاتها وجدول أعمالها لمصالح سياسية مسؤول عن الكارثة التي حلّت بنا.

لا ليس تفصيلاً أو امراً عابراً أن نختنق في منازلنا وعلى الطرقات بسبب مسؤولين “غير مسؤولين”! وليس أمراً ثانوياً أن نعاني ما نعانيه من عمليات حرق للنفايات على الطرقات وبين المنازل لأن الحكومة لم تعالج الملف ويجب علينا أن نموت اختناقاً. ليس مقبولا أن ينحر المسؤولون الموسم السياحي بسبب تقاعسهم وإهمالهم وربما تواطئهم في موضوع النفايات. وليس مقبولا على الإطلاق أن يلتصق باسم لبنان محليا وعالميا صورة نفايات مقززة ملأت طرقاته.

إن ما جرى يمكن توصيفه بالخيانة التي تسبّبت بتشويه اسم لبنان وسمعته وصورته في الداخل والخارج. وهي مؤامرة ضد اللبنانيين وصحتهم وبيئتهم. لكن، وللأسف الشديد فإن اللبنانيين يبدون أبعد ما يكون عن القيام بمحاسبة من حوّلوا وطنهم الى حاوية نفايات مقزّزة!