IMLebanon

“النفايات الطبية” خارج شروط المناقصات

medical-waste
حنان حمدان

إستُثنيت آلية معالجة النفايات الطبية، من بين بنود دفتر شروط مناقصات النفايات. ولم تُلحظ، كشرط أساسي في تلزيم خدمة النفايات للشركات التي ستفوز في المناقصات خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق ما أكده رئيس مجلس إدارة شركة “الجنوب للإعمار” رياض الأسعد في حديث لـ”المدن”، قائلاً: “لم يأتِ دفتر الشروط على ذكر مثل هذا البند”. ما يعني أن الشركات التي سوف تتعهد إلتزام خدمة النفايات في كافة مناطق لبنان، لن تقوم بمعالجة النفايات الطبية، مثل شركة “سوكلين” سابقاً.

فـ”سوكلين” التي لم تأخذ على عاتقها مسؤولية معالجة النفايات الطبية، طوال السنوات التي إلتزمت فيها خدمة النفايات في منطقتي بيروت وجبل لبنان، لا تتحمل مسؤولية إهمال وخطورة هذا النوع من النفايات وحدها، بل هي مسؤولية الإدارات المعنية. فالاخيرة لم تفرض على “سوكلين” إيجاد آليات معالجة خاصة بهذا النوع من النفايات، كما هو حاصل في معظم دول العالم. فوفقاً للمسؤولة الإعلامية لشركة “سوكلين” باسكال نصار في حديث لـ”المدن”، “لم تكن معالجة النفايات الطبية من ضمن مسؤولياتها، التي اقتصرت على رفع النفايات من المستوعبات الموجودة أمام المستشفيات في المنطقة وطمرها لاحقاً”.

مبدئياً، تلتزم مؤسسة “أركونسيل” (وهي مؤسسة غير حكومية، لا تبتغي الربح، وتمتلك مركزاً لمعالجة النفايات الطبية في لبنان)، تسلم ومعالجة النفايات الطبية المُعدية عبر الفرم والتعقيم. وتشمل خدمة المؤسسة نحو 80 في المئة من مستشفيات لبنان، التي تقوم بتخزين هذه النفايات في مستودعات مبردة. أما بقية المستشفيات فتنقسم بين تلك التي تملك مراكز خاصة لمعالجة نفاياتها وأخرى لا تمتلك مثل هذه المراكز.

والفئة الأخيرة تطرح إشكالية حول أسلوبها في معالجة تلك النفايات وكيفية التخلص منها، فهل إتخذت من العشوائية سبيلاً للتخلص من تلك النفايات؟.

لمرات عديدة ترددت أنباء عن وجود نفايات طبية تم رميها بطريقة عشوائية في مناطق مختلفة من لبنان. فيما يؤكد نقيب الغواصين محمد السارجي، في أكثر من حديث، على إكتشاف كميات كبيرة من النفايات الطبية الموجودة في قاع البحر، ما يثبت لجوء البعض إلى التخلص من نفاياته الطبية في البحر. من جهته، يشير الخبير البيئي عدنان ملكي في حديث لـ”المدن”، إلى تعدد مصادر النفايات الطبية، إذ “لا تقتصر تلك النفايات على نفايات المستشفيات فقط، بل تتعداها إلى الأدوية المنتهية الصلاحية لدى شركات الأدوية، وعيادات طب الأسنان وحتى الأدوية في المنازل، جميعها نفايات طبية خطرة يتم التخلص منها بطرق عشوائية”. ويرد ملكي حالة الفوضى التي تعتري التعاطي مع مثل هذه المخاطر إلى”غياب آليات المعالجة العلمية والرقابة والثغرات القانونية”.

ويعزز نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان، سليمان هارون في حديث لـ”المدن” الرأي الأخير لناحية غياب الرقابة. “فالنفايات المشعة، وهي نوع آخر من النفايات الطبية ينتج عادة عن الأدوية السرطانية منتهية الصلاحية يتم تخزينها حالياً من قبل ثلاثة مستشفيات بإشراف خبراء الهيئة اللبنانية، بانتظار إعادتها الى بلد المنشأ”. ذلك أن معالجة هذا النوع من النفايات وفقاً لهارون، يفترض إرساله إلى بلد منشئه حيث يتم حرقه على حرارة مرتفعة تبلغ 1200 درجة. الأمر الذي يستدعي وجود إتفاق بين الحكومة اللبنانية وحكومات بلاد المنشأ، يخضع لمعايير إتفاقية “بازل” الدولية.

وفي السياق نفسه، أنجزت يوم الجمعة الماضي، عملية إخراج مصدر كوبالت-60 (وهو أحد المصادر المشعة التي استخدمت في مستشفيات لبنان سابقاً في معالجة الأورام السرطانية، قبل إستبداله بمسرعات نووية حديثة، ويصنف بعد إخراجه من الخدمة “نفايات مشعة خطرة”، من مستشفى المعونات- جبيل إلى بلد المنشأ. وذلك في إطار التعاون الحاصل بين الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التابعة للمجلس الوطني للبحوث العلمية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقد تم توضيب المصدر المشع ضمن حاوية خاصة من الرصاص وفقاً للمعايير الدولية. علماً بأن عملية نقله وشحنه تتطلب تقنيات معقدة وموافقات مسبقة. إضافة الى وجود تكلفة مرتفعة تبلغ نحو 330 ألف دولار. فهل ستتمكن الحكومة اللبنانية من إخراج النفايات المشعة الباقية على المدى القريب، أم أننا سنكون على موعد قريب مع أزمة نفايات طبية مشعة؟