IMLebanon

ما العلاقة الحقيقيّة بين التدخين والوزن؟

cigarettes-weight

 

من أهمّ القرارات التي يجب على المدخّنين إتخاذها، الإقلاع عن عادتهم السيّئة حفاظاً على صحّتهم. لكنّ السبب الأساسي الذي يحول من دون تحقيق هذا الهدف يعود إلى ربطه بالتوازي مع إكتساب الكيلوغرامات. ما علاقة السجائر الفعليّة بالوزن، وهل يمكن الحفاظ على جسم رشيق عقب التوقف عن التدخين؟

أشارت إختصاصية التغذية، كريستال بدروسيان إلى أنّ “نحو 19 في المئة من النساء و23 في المئة من الرجال في الولايات المتحدة هم من المدخنين، وينتج عن هذه العادة أكثر من 400 ألف حالة موت مُبكر سنوياً في هذه المنطقة بسبب أمراض القلب، والجهاز التنفسي، والسرطان. لكن على رغم هذه الوقائع، فإنّ عدداً كبيراً من الأشخاص يرفضون وضع حدّ للسجائر نظراً إلى شيوع إرتباط ذلك بزيادة الوزن”.

وتابعت حديثها لـ”الجمهورية” قائلة: إنّ “40 في المئة من البالغين الشباب الذين يحاولون التخلّص من وزنهم الإضافي ينتمون إلى فئة المدخنين. وبما أنّ التدخين يُعتبر طريقة فعّالة للسيطرة على الشهيّة والوزن، فإنّ إستراتيجية الإقلاع عنه تكون صعبة جداً.

أظهرت الدراسات أنّ وزن المدخنين يكون عموماً أقلّ بنحو 5 كيلوغرامات مقارنةً بغير المدخنين، كما وأنهم أقلّ عرضة لزيادة الوزن أو البدانة وبالتالي لديهم إستعداد لإكتساب الوزن لحظة الإمتناع عن السجائر”.

وشدّدت على أنّ “هذه النتيجة يجب ألّا تشكّل دافعاً للتمسّك بعالم السجائر، خصوصاً وأنّ المدخنين هم أكثر عرضة لمتلازمة الأيض، من بينها البدانة. بما أنّ التدخين ينتج الإلتهاب، يؤدّي ذلك إلى زيادة مقاومة الإنسولين، وتعزيز خطر السكري، ورفع مستوى الدهون. صحيحٌ أنّ أوزانهم تكون عموماً أقلّ من نظرائهم غير المدخنين، ولكن هذا لا يعني أنّ صحّتهم تكون أفضل”.

من جهة أخرى، كشفت بدروسيان أنّ “الدراسات أظهرت بشكلٍ مُفارق جداً أنّ الأشخاص الذين يدخنون أكثر خلال اليوم يكون وزنهم أعلى من نظرائهم الذين يدخنون بكمية أقلّ، وهذا يدلّ على أنهم قد يعانون خللاً في شهيّتهم وسلوكهم الغذائي. إنطلاقاً من هذه النتيجة، يتمّ حالياً البحث في فكرة معالجة الإدمان على التدخين جنباً إلى جنب مع البدانة”، لافتةً إلى أنّ “20 في المئة من المدخنين هم بدناء”.

وفي ما يخصّ تأثير التدخين في الدهون، أوضحت أنّ “مادة النيكوتين تؤثر بشكل أيضي في الوزن بسبب إفراز هرمونات الكاتيكولامين، الأمر الذي يؤدّي إلى تركيبة سيّئة للجسم وزيادة الدهون خصوصاً في المعدة.

الرابط بين التدخين والدهون الداخلية ليس واضحاً تماماً، لكن من المعلوم أنّ تأثير النيكوتين يسبب إفراز هرمون الكورتيزول الذي يؤدّي إلى عدم توازن الهرمونات الذكرية والأنثوية، ما يسبب البدانة ويزيد خطر أمراض القلب والأوعية الدموية. وفي مقارنة مع غير المدخنين، تبيّن أنّ المدخنين لديهم معدل أقلّ من الخلايا التي تساعد على منع الإلتهابات، ومحيط خصر أعلى بالنسبة إلى الوركين”.

أسباب زيادة الوزن

لكن لمَ يزداد الوزن عقب الإقلاع عن التدخين؟ أكّدت بدروسيان أنّ “فهمَ الأسباب يساهم حتماً في تجنّب هذه النتيجة. تبيّن أنّ السجائر تنشّط الأيض وتزيد دقات القلب فتحرق 200 كالوري إضافية في الساعة تقريباً عند تدخين علبة في اليوم، ما يعني أنها قد تساعد على خسارة 10 كيلوغرامات تقريباً من الوزن في السنة. أما عند التوقف عن التدخين فيعود الأيض إلى طبيعته، ويبطؤ قليلاً، ما يسبب زيادة الوزن.

غير أنّ التوقف عن حرق 200 وحدة حرارية إضافية بالتأكيد لا يشكّل وحده السبب وراء زيادة الوزن عند الإمتناع عن التدخين، خصوصاً وأنه يمكن تعويض ذلك من خلال القيام بأيّ حركة منتظمة. في الواقع توجد عوامل أخرى تؤثّر سلباً في الوزن:

 

– من المعلوم أنّ التدخين يخفّض الجوع بسبب النيكوتين التي ترفع مادة الدوبامين الكيماوية المتصلة بالرضا، والتي تفرز عند إستهلاك أطعمة تؤمّن الشعور بالراحة مثل الشوكولا والمأكولات الغنيّة بالسكر. غير أنّ التوقف عن السجائر يدفع إلى الأكل لتعويض هذا الإنخفاض في الشعور الجيّد.

قد يفكّر البعض أنّ التدخين يُعتبر طريقة جذّابة لخفض الجوع، ولكن ما يحصل أنّ الأوعية الدموية تتقلّص ولا تسمح بتدفق الدم بشكلٍ صحيح إلى المعدة والدماغ، الأمر الذي يرفع دقات القلب ويزيد إحتمالَ إنسداد الشرايين وبالتالي تحفيز خطر السكتات القلبية.

– تشكّل السجائر وسيلة لتخفيف الأكل، لكنّ الإمتناع عنها يزيد إحتمالَ اللجوء إلى السناكات لإيقاف الرغبة في التدخين.

– التوقف عن النيكوتين يدفع إلى التوجّه نحو المكافأة الغذائية. ناهيك عن أنه يحسّن حاستَي الشمّ والذوق، ما يزيد التلذّذ بالأكل ويتمّ إستهلاك كمية أكبر.

– بطء عملية الأيض بسبب التقدم في العمر.

ولفتت إلى أنّ “بلوغ أقل من 55 عاماً، وتدخين أكثر من 25 سيجارة في اليوم، وسوء الوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي رُبط بممارسة رياضة أقل وتناول مأكولات مشبّعة بالدهون والكالوري، والجينات، كلّها عوامل رُبطت بتعزيز إحتمال زيادة الوزن عند وقف التدخين”.

وبما أنّ المدخنين لديهم نحو 5 كيلوغرامات أقلّ مقارنةً بغير المدخنين، أفادت إختصاصية التغذية إلى أنهم “سيكتسبون تقريباً 4 كيلوغرامات ونصف في المتوسط خلال الأشهر الـ6 إلى الـ12 الأولى التي تلي الإقلاع، علماً أنهم سيُعاودون بلوغ الوزن الذي كانوا سيبلغونه مع العمر لو لم يدخّنوا. كذلك أظهرت الأبحاث أنّ 13 في المئة تقريباً من الأشخاص الذين يتوقفون عن التدخين سيكتسبون أكثر من 10 كيلوغرامات”.

التحرّر بلا تهديد الرشاقة

لكنها في المقابل دعت إلى “عدم إفساح المجال للخوف من زيادة الوزن بأن يكون عائقاً أمام وقف التدخين، خصوصاً وأنّ تحقيق ذلك سينعكس إيجاباً على القلب، والرئة، والشرايين، والبشرة، والأظافر، والأسنان، والمظهر الخارجي”.

وقدّمت مجموعة نصائح إذا طُبّقت بحذافيرها ستضمن التحرّر من التدخين من دون زيادة كبيرة في الوزن:

– شرب مزيد من المياه لترطيب جيّد والشعور بالشبع.

– اللجوء إلى سناكات صحّية، كالمكسرات النيّئة، والفاكهة، والخضار، وتفادي الأطعمة الغنيّة بالسكر.

– الأكل ببطء ومضغ الطعام جيداً للإستمتاع به من دون الإفراط.

– القيام بأيّ نشاط لتعويض الـ200 كالوري التي تحرقها السجائر، الأمر الذي يساعد على خسارة الوزن الذي يمكن إكتسابه، وإستعادة الرشاقة، وتسريع عملية الأيض.

– الحصول على دعم من الأصدقاء وأفراد العائلة.

– تقبّل التحدّي، فصحيحُ أنّ الأمر سيكون صعباً خلال الأسبوعين الأوَّلين، ولكنه سيصبح أسهل بعد ذلك.

– عدم الإستسلام في حال بدء إرتفاع الرقم على الميزان. إعلموا أنّ الزيادة تكون في ذروتها خلال الأشهر الستة الأولى، لكن بعدها فإنّ الأيض سينظّم نفسه.

– الحذر من الكافيين والكحول في الفترة الأولى من الإقلاع، لإرتباطهما غالباً بالسجائر.

– تخفيف التحدّيات والقيام بخطوات تدريجية، أي بدء إنجاح خطة الإقلاع عن التدخين ثمّ الإنتقال إلى معالجة الوزن.

وأخيراً أوصت المدخنين بـ”تعزيز إستهلاك المأكولات الصحّية الغنيّة بالمغذّيات، خصوصاً المواد المضادة للأكسدة التي يسلبها منهم التدخين، وبالتالي هم بحاجة أكثر إلى الفيتامين C، تقريباً 35 ملغ إضافية في اليوم، أيْ ما يعادل نصف كوب من عصير الليمون”، مؤكّدة أنّ “الغذاء المناسب، والرياضة المنتظمة، ونمط الحياة الصحّي، كلها عوامل ضرورية للتغلّب على زيادة الوزن البسيطة التي لا تكون سيّئة بحجم إنعكاسات التدخين السلبية على الصحّة”.