IMLebanon

تأجيل تسريح مزدوج… ورئيـس جديد للأركان

 

jean-kahwaji--1

 

 

 

كتب نقولا ناصيف في صحيفة “الأخبار”:

مع ان الوقت يبدو مبكراً تقريباً للخوض في ثلاثة استحقاقات عسكرية متتالية ما بين آب وايلول المقبلين، الا ان الاحاديث المخفوضة عنها ليست كذلك. بل تدور في حلقات مغلقة معنية بها. تُحضَّر ايضاً قبل الأوان سبل اخراجها بأقل ضجيج ممكن

اول الاستحقاقات العسكرية الثلاثة المنتظرة في آب وايلول المقبلين، احالة الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير على التقاعد في 21 آب. ثانيها احالة رئيس الاركان في الجيش اللواء الركن وليد سلمان على التقاعد في 30 ايلول.

ثالثها احالة قائد الجيش العماد جان قهوجي على التقاعد ايضاً في 30 ايلول. الثلاثة لا يزالون مستمرين في مناصبهم منذ تأجيل تسريحهم بمذكرة من وزير الدفاع الوطني سمير مقبل في 6 آب 2015.

تبدو مقاربة الاستحقاقات الثلاثة هذه شائكة وسهلة في آن، سياسياً وتقنياً. ورغم تلازمها، الا ان التخلص منها سيفضي الى فصل احدها عن الآخر. وتبعاً للمخارج المتداولة، تُعد لامرار الاستحقاقات الثلاثة مرحلتان:

اولى، تسبق احالة خير على التقاعد بأن يصير الى تأجيل تسريحه للمرة الثانية بالتزامن مع تأجيل تسريح قهوجي للمرة الثانية ايضاً، على ان تصدر المذكرة قبل 21 آب. بذلك يستبق تأجيل تسريح قهوجي اي ضجيج سياسي محتمل ـ معارض خصوصاً ـ ويجنّب ربط المطالبة بقائد جديد للجيش بتعيين رئيس جديد للاركان.

ثانية، التئام مجلس الوزراء قبل 30 ايلول لتعيين رئيس جديد للاركان يخلف سلمان الذي بات يفقد حق تأجيل تسريحه بعد المرة السابقة، بسبب بلوغه الحد الاقصى للخدمة في الجيش وهو 43 سنة، تنتهي في الاول من تشرين الاول المقبل. وخلافاً لخير الذي لا يزال يسعه الاستفادة من اربع سنوات اخرى في الخدمة قبل استنفاد 43 سنة، وقهوجي الذي لا يزال يسعه الاستفادة من سنة واحدة اخرى في المنصب تنتهي في الاول من تشرين الاول 2017 يكمل بها الحد الاقصى للخدمة وهو 44 عاماً، بات حتمياً على مجلس الوزراء بغالبية ثلثيه تعيين خلف لسلمان تفادياً لشغور رئاسة الاركان.

بيد ان المعطيات التي تحوط بالمخرج المزدوج تشير الى الآتي:

1 ـ ليس لأحد أن يملأ شغور رئيس الاركان اذا تعذّر تعيينه، في حين انه يحلّ محل قائد الجيش في حال غيابه او انقطاعه عن العمل او شغور المنصب لاي سبب آخر، وينوب عنه بصلاحياته كلها. ليس في وارد قهوجي الذهاب الى خيار هزيل ضعيف هو تعيينه، بمذكرة ادارية، ضابطاً كبيراً من بين نواب رئيس الاركان مسيّراً لرئاسة الاركان الى حين انتخاب رئيسها الاصيل، بل يتجه الى اقتراح احد الاسماء المتداولة. سبق لقهوجي ان عيّن العميد محسن فنيش مسيّراً للمديرية العامة للادارة خلفاً للواء عبدالرحمن الشحيتلي بعد احالته على التقاعد في 24 ايار 2013، واستمر مسيّر اعمال الى حين تعيينه مديراً عاماً اصيلاً للادارة وترفيعه الى لواء في 28 كانون الثاني المنصرم.

2 ـ ثمة ثلاثة مرشحين لخلافة سلمان يتساوون في الرتبة والاقدمية هم: حاتم ملاك (الذي يتقدم المرشحين الآخرين بسبب تقدّم اسمه على اسميهما في آخر مرسوم ترقية شملهم)، مروان حلاوي، امين ابومجاهد. بذلك لا يعدو تقدّمه عليهما كونه شكلياً، على ان الاسماء هذه تبدو متساوية الحظ، مع ان حلاوي يحال على التقاعد الخريف المقبل، خلافاً لملاك الذي يستمر الى السنة المقبلة.

3 ـ رغم ان تعيين رئيس للاركان يتطلب ثلثي مجلس الوزراء واقتراح وزير الدفاع بناء على انهاء قائد الجيش ــــ وهي صفة الزامية الى حد ــــ الا ان ثمة حاجة الى غطاء سياسي للاسم المرشح يوفره النائب وليد جنبلاط الذي يفضّل حتى الآن ــــ وفق ما يسمعه المتصلون به ــــ الضابط الاقدم رتبة تفادياً للدخول في لعبة الاسماء، وابتعاداً عن المفاضلة بين العائلات الدرزية.

بالتأكيد لا يميل جنبلاط الى شغور المنصب الذي يُفقد الطائفة موطىء قدم اساسياً في قيادة الجيش، ولا يتحمس لضابط يسيّر اعمال رئاسة الاركان وكيلاً عن اصيل. الا ان دون غطائه السياسي عقبتين:

احداهما، موقف قائد الجيش من المرشح لرئاسة الاركان الذي يُعد مساعده الاول في القيادة، وله تبعاً لصلاحياته ان يسميه هو. لم يكن جنبلاط وراء اختيار سلمان رئيساً للاركان عام 2011، ولم يرضه الاختيار، ووفق ما يشاع لا يجمعه به ود، وكان يفضل بسام ابو الحسن محله. الا ان مجلس الوزراء جارى خيار قهوجي حينذاك.

ثانيتهما، نصاب الثلثين في مجلس الوزراء الذي لا يوحي بعراقيل جدية متى استبق تعيين رئيس الاركان تأجيل تسريح خير وقهوجي، وتحوطاً من فراغ محتمل، ناهيك بالطبيعة الوظيفية لرئيس الاركان في القيادة التي تجعله بلا صلاحيات تقريرية ما خلا توليه صلاحيات القائد في غيابه. لا يشاركه في القرار، ولا يمثل ثنائية معه على غرار ما في بعض الادارات الامنية على نحو ما يجري في المديرية العامة لأمن الدولة، وليس رأيه ملزماً قائد الجيش. الواضح من المواقف المعروفة لست كتل حكومية اساسية على الاقل، هي كتل الرؤساء نبيه بري وتمام سلام وميشال سليمان وسعد الحريري وجنبلاط وحزب الله انها تتحفظ عن شغور منصب رئيس الاركان في معزل عن المرشح لملئه.

4 ـ على نقيض رئيس الاركان، لمنصب قائد الجيش جانب سياسي طاغ لا يقل اهمية عن صلاحياته العسكرية، يجعله ــــ اي قائد ــــ في صلب موازين القوى السياسية وطرفاً معنياً بالاستقرارين السياسي والامني، ناهيك بالاستحقاق الدستوري عندما يقحم القائد نفسه فيه في معظم الاحيان. على نحو كهذا، يمسي نصاب ثلثي مجلس الوزراء مشكلة فعلية اذا تضافر اكثر من فريق حكومي في مواجهة خيار تعيين قائد جديد للجيش، او اصرّ سلفاً على التوافق على المرشح، او عطلّ عمداً التوافق عليه حتى.

واقع الخلاف على قهوجي اليوم يرتبط بالخلاف على مَن يخلفه، مقدار ما هو خلاف على تأجيل تسريحه مرة، والثانية على الطريق.