IMLebanon

ممارسة الرياضة… وتأثيرها على الإكتئاب

كتب د. أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:

نُشرت دراسة جديدة خلال شهر تشرين الأوّل 2017 في مجلة The American Journal of Psychiatry، أكدت العلاقة المتينة ما بين ممارسة الرياضة مرّة أسبوعياً والتخلّص من أعراض الإكتئاب. وتوصّلت الدراسة التي قام بها باحثون من العالم أجمع، إلى نتائج مذهلة حول أهمية الرياضة في حياة الإنسان النفسيّة وخصوصاً في موضوع الإكتئاب والوقاية منه في المستقبل. كيف يمكن للرياضة أن تلعب هذا الدور الإيجابي لمساعدة الإنسان على التخلّص من الإكتئاب وعوارضه؟ وهل الرياضة مناسبة لجميع الأعمار؟ وما هي النصائح الرياضية التي يمكن أن تفيد كل شخص يعاني من الإكتئاب؟أصبح معروفاً أنّ الرياضة تلعب دوراً أساساً في حياة الإنسان النفسية، لذا تُنظّم أقسام الطبّ النفسي في المستشفيات نشاطات رياضية للمرضى بإشراف متخصّصين.

كما أنّ الطواقم العاملة في مجال الصحة النفسية من معالجين نفسيّين ومربّين متخصّصين، يشجعون الأشخاص الذين يعانون من إضطرابات معيّنة، على ممارسة الرياضة.

وها هي دراسة جديدة تحمل عنوان: Exercise and the Prevention of Depression: Results of the Hunt Cohort Study تؤكّد أنّ ممارسة الرياضة الخفيفة، مرةً أسبوعياً تُبعد شبحَ الإكتئاب عن الإنسان بغض النظر عن عمره وجنسه.

علاقة الرياضة بالإكتئاب… قديمة

الإكتئاب هو إضطرابٌ نفسي، يصيب المرء مهما كان عمره. وكشفت الدراسات أنّ الأطفال يمكن أن يُصابوا بالاكتئاب كما الشيوخ، ولا يفرّق الإكتئاب ما بين الإناث والذكور.

أسبابُ الإكتئاب كثيرة، منها هرمونية جسمية بحتة ومنها نفسية، ونفسية- إجتماعية. وهناك أنواع كثيرة من الإكتئاب: الإكتئاب الموسمي (أو الفصلي، المرتبط بتقلّب فصول السنة)، والإكتئاب جراء قلق الإنفصال، وإكتئاب ما بعد الولادة، وإكتئاب ما بعد الصدمات النفسية والعاطفية والمشكلات العائلية التي عايشها المريض خلال طفولته…

أمّا بالنسبة للعوارض، فهي مشترَكة بين جميع أنواع الحالات ومنها: الشعور الدائم بالحزن والحاجة إلى البكاء، قلّة الشهية على الطعام، الأرق وقلة النوم، وفقدان قيمة الذات…

عادة يُعْتبَر علاجُ الإكتئاب هو الدواء. وقد يتوجّه المصابون بهذا الاضطراب عند الاختصاصي النفسي والمعالج النفسي لمعالجة المشكلات النفسية المترتّبة عن الإكتئاب.

ولكن هناك “دواء” آخر فعّال جداً لمعالجة الإكتئاب هو الرياضة، إذ تُعتبر حلاً بديلاً لمعالجة الحزن والأفكار السوداوية التي يمكن أن يشعر بها المريض. وعندما نتكلم عن الرياضة، فالقصد منها التمارين الرياضية كالجري والسباحة وركوب الدراجة الهوائية… وغيرها.

أكّدت دراسات سابقة أنّ الرياضة تساعد على تحسين المزاج وبالتالي تخفّف من خطر الوقوع في الإكتئاب. لذا فإنّ التمارين الرياضية تؤثر إيجاباً على الإنسان المُصاب بالإكتئاب ولها نفس مفاعيل العلاجات النفسية.

وأيضاً للرياضة أهمية بالنسبة لصحة الإنسان الفيزيولوجية، فهي تساعد على تقوية الجهاز المناعي، والجهاز العصبي والعضلي على حدٍّ سواء. أما على الصعيد النفسي، فتساعد الرياضة الإنسان على التفكير بطريقة إيجابية وإستعادة ثقته بنفسه وغيرها من الأمور الإيجابية.

الدراسة العلمية حول الرياضة والإكتئاب ونتائجها

رصدت الدراسة علاقة الرياضة بالإكتئاب. شارك فيها 33908 شخص من الجنسية الناروجية، بالغين، إناث وذكور، حيث تمت مراقبة النشاطات الرياضة التي يمارسونها وأعراض الإكتئاب والقلق التي يعانون منها.

امتدت هذه الدراسة لفترة 11 سنة، واعتُبرت من أوسع الدراسات الإستقصائية على الإطلاق، وأظهرت النتائج التالية:

  • ممارسة الرياضة لمدة 60 دقيقة أسبوعياً، بمثابة وقاية ضد الإكتئاب في المستقبل.
  • كما أكّدت الدراسةُ أنّه يمكن كسبُ الكثير من الفوائد النفسية والجسدية من دون الوصول إلى درجة التعرّق أو التنفّس السريع بسبب جري سريع أو رياضة “عنيفة”. فالرياضة الخفيفة و”الممتعة” تساعد الفرد على تخطّي مشكلاته النفسية، فيرى المستقبل بطريقة إيجابية ويصبح قادراً على إيجاد حلول لمشكلاته بطريقة موضوعية وأكثر منطقية. فحوالى 12 في المئة من المشاركين في الدراسة، تفادوا الإكتئاب بفضل ممارستهم للرياضة الخفيفة أسبوعياً.
  • ويمكن أن تساعد هذه الرياضة على جني فوائد صحية ونفسية في آن واحد، علماً أنّ ممارسة الرياضة الخفيفة، مهمة جداً للصحة البدنية أيضاً، إذ أكدت دراسة علمية أخرى أجريت خلال شهر آب 2017، بأنّ كل التمارين الرياضية، التي تفوق الأربعين دقيقة في الأسبوع، مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بتحسينات الأداء الجسدي العام، مقارنةً مع مجموعة أخرى من الاشخاص الذين لا يمارسون الرياضة.
  • إلى ذلك، أظهرت الدراسة بأن لا علاقة ما بين الرياضة المكثّفة والإكتئاب.

ويوضح الباحث الرئيس في هذه الدراسة “هارفي” أن: “الجديد فيها هو تمكننا من دراسة الوسائل الوقائية للحد من مستويات الاكتئاب المستقبلي، وهذه النتائج مثيرة لأنها تظهر أنّ حتّى ساعة واحدة من الرياضة في الأسبوع يمكن أن توفر حماية كبيرة ضد الاكتئاب”.