IMLebanon

هيام أبو شديد: أموت موتاً موقتاً لتولد هي!

كتبت رنا أسطيح في صحيفة “الجمهورية”:

تملأ الممثلة والكاتبة والإعلامية اللبنانية هيام أبو شديد مساحةً واسعةً من الرقي والإحترافية أينما حلّت. في تقديم البرامج لها محطّاتٌ لامعة مع النجاح والتألّق من خلال عشرات الحلقات التلفزيونية التي حفرت في البال صورةً إعلاميةً رصينةً وواسعة الاطّلاع تعطي الأولويّة في موضوعاتها للمقارَبة الإنسانية. في الإذاعة أيضاً أصغت إلى هموم الناس وأعارتهم صوتها ولم تنسهم عندما حملت قلمها ككاتبة سيناريو للسينما والتلفزيون. أما في التمثيل، فتحقّق هيام أبو شديد المعنى الأوّل لاسمها وتعيش هُياماً حقيقياً مع المهنة التي تقتل نفسَها طوعاً لأجلها لكي تتقمّص مع كل موت موقّت شخصيةً جديدة تراها ابنةُ الشاعر الراحل ايليا ابو شديد، ولادةً ثانيةً مجبولةً بالحب والشغف.

المُتعة القصوى بالنسبة إلى الممثلة والسيناريست والإعلامية والأستاذة الجامعية المُتعدِّدة المواهب هيام أبو شديد، لا تكمن في مجالٍ محدَّد بل هي مرتبطة بالدرجة الاولى «بالعمل نفسه وبقيمته ومستواه وأهميّته».

في هذا الخصوص تقول في حوار خاص لـ«الجمهورية» «أجد متعةً كبيرةً في تقديم دور جميل تماماً كما أجد متعةً لا تُقارَن بتقديم برنامج يحمل مضموناً قيِّماً، والمتعة أجدها أيضاً مع طلابي ومن خلال قُربي من أجيال جديدة تحمل أفكاراً متجدّدة. فلكلّ ميدان مُتعة خاصة، وأنا أحبّ هذا التنويع الذي أقوم به».

هيام أبو شديد التي كتبت سيناريو عدد من المسلسلات التلفزيونية مثل «أوبيرج» و«فرصة عيد»، إضافةً إلى عدد من الأفلام السينمائية مثل «غمضة عين»، تعترف أن لا مشاريع كتابية جديدة في الأفق، وتكشف: «أملك نصوصاً سبق أن كتبتها، وسيناريو لمسلسل، ولكن لم أقم بتقديمها لتُنفّذ، فالسوق الإنتاجي اليوم لا يسمح لهكذا نوعيّة من الأعمال الكتابية».

بين الجمال والاحترافية

وعن توصيفها للسوق الدرامي اليوم تقول شارحةً: «نشاهد أعمالاً جيّدة كما نشاهد أعمالاً أقلَّ جودة، ونرى للأسف بطولاتٍ لفتياتٍ جميلات ولكن لا يملكن قدراتٍ تمثيلية في حين توجد فتياتٌ وطالباتٌ متخرّجات من معاهد الفنون أكثر جدارة.

ولكن في المقابل أنا لست ضد الاعتماد على الفتيات غير المتخرّجات من كليات ومعاهد تمثيل، فلقد رأينا عدداً منهن ممّن عمل على نفسه واستطاع الظهور والبروز، ولكن على الأقل يجب إخضاع المبتدِئات لإدارة تمثيلية وأن يتمّ تحضيرُهنّ كي يؤدّين الدورَ بطريقة جيّدة، وألّا يتمّ الاتّكال فقط على جمالهنّ. أما بالنسبة للسيناريوهات، فنلمس أخيراً ظهور سيناريوهات جميلة وجيّدة تشهد نجاحات، ولديها القدرة على جذب عدد كبير من المشاهدين إلى الدراما اللبنانية».

وعمّا إذا كانت تنظر إلى الأدوار المعروضة عليها بعين الكاتبة وتولي الأهمة الأولى للنص تقول: «طبعاً، فإن لم يكن العملُ مكتوباً بطريقة جميلة وعلى مُستوى عالٍ من الحبكة الدرامية، فلا أقبله ككاتبة وكممثلة، فالسيناريو أساسُ المُسلسل وركيزتُه، وإن كُتِب بطريقة مُسطّحة وضعيفة فلن يستطيع الممثلون تأدية أدوارهم بطريقة ناجحة.

السيناريو الضعيف يُغرق الممثلين والمسلسل في آن، بينما النص القوي يجذب المشاهدين فيتعلّقون بالقصة خصوصاً إن كانت الحبكةُ قوية، ويُمكّن الممثلين من تقديم أداءٍ رائع».

أفضل النصوص

وعن تعاملها مع مجموعة كبيرة من الكتاب والكاتبات، ورأيها بالأفضل تقول : «لا شك أنّ أدواري مع الكاتبة منى طايع كانت من الأبرز، فقد برزتُ كممثلة في مسلسلين من كتابة منى طايع، عندما عدتُ إلى التمثيل بعد غياب 20 عاماً من خلال دور «سلام» في «عصر الحريم»، وهذه الشخصية علّمت في أذهان الناس، وكذلك دور «سوسن» في مسلسل «أمير الليل».

عملت أيضاً مع كلوديا مرشليان في «لونا». حقّق المسلسل نجاحاً كبيراً خلال عرضه ولكنّ مساحة دوري فيه كانت محدّدة وأجد كتابة غريتا غصيبة جميلةً أيضاً، وأنا أعمل معها حالياً في مسلسل «محرومين»، وكتابتها حقيقية جداً.

جسدتُ شخصيات في نصوص لكتّاب كثر مثل شكري أنيس فاخوري ومروان نجّار والراحل مروان العبد ولكلّ كاتب وكاتبة نفَس مختلف ورونق خاص والمتعة الحقيقية بالنسبة لأيّ ممثل هي أن يتجدّد بنصوص كتّاب مبدعين، فيسعَد بتأدية أدوار مع أكثر من كاتب ليشعرَ أنّه كالماء المتجدّدة».

المسألة انتهت مع منى طايع

وعن الخلاف الذي وقع بينها وبين الكاتبة منى طايع، وعمّا إذا كانت الامور بينهما حلّت تقول: «لقد عادت الأمورُ إلى طبيعتها والمسألةُ انتهت. أحياناً بعض الأمور التي نُخضعها لإعادة تدوير، تعود أقوى وأجمل ممّا كانت عليه في الأساس. نحن حالياً على تواصل، وما حصل أصبح وراءَنا، وتخطّينا سوءَ التفاهم. وبيننا صداقةٌ طويلة ومستمرّة وكلّ علاقة حتى بين الأخوة قد تمرّ بعثرة صغيرة تتخطّاها لتكملَ الطريق».

وهيام أبو شديد الخارجة من نجاحٍ لافتٍ حققته في دور «سوسن» في «أمير الليل» تستعدّ لأداءِ دورٍ لافت في مسلسل «كلّ الحب كلّ الغرام» للكاتب الراحل مروان العبد ، كما تكشف أنها ستطلّ في الجزء الثاني من مسلسل «الحب الحقيقي» من إنتاج مي أبي رعد بشخصية «ستدخل المسلسل وتُحدِث نوعاً من العاصفة فيه». وهي إلى ذلك تطلّ حالياً في دورَين لافتَين ومختلفَين تماماً في مسلسلَي «بلحظة» و»محرومين».

من الثياب الداخلية الى العطر

وحول قدرتها على التنويع لتبدوَ كمَن تخلع جلدها تماماً من دور إلى آخر تقول: «أشعر أنني أموت موتاً موقتاً مع كل شخصية جديدة أتقمصّها. تموت هيام لتولد الشخصيةُ حقيقيةً كما هي على الشاشة، فحين يُمثّل الشخص يجب أن ينسى نفسَه.

يجب أن أنسى نفسي كهيام، على هيام أن تختفي، ويجب أن يتحوّلَ صوتي وأدائي وعضلاتي ورداتُ فعلي إلى رداتِ فعل سوسن أو سميرة أو سهى… أو أيّ شخصيّة ألعبُها. يجب أن أكسرَ شخصي كي تبرز الشخصية التي أؤدّيها. منذ دراستي في معهد الفنون أركّز على تجسيد الشخصية في خيالي، أن أتخايلَ حياتَها وصفاتِها. وأن أشبّهها لشخص في الحياة الواقعية.

فمثلاً في دور سوسن ارتديتُ ملابس داخلية ملائمة للشخصية وللزمن االستينات الذي تعيش فيه. صحيح، أنها لا تظهر، ولكني أحب أن أضعَ نفسي في حالة الشخصية في عصرها وبكل تفاصيلها.

وعلى رغم أنه تفصيل غير مرئي ومحسوس من المشاهد، إلّا أنني وضعتُ عطراً من ذلك العصر خلال تصويري مشاهد المسلسل. وكنتُ أشعرُ أنّ «نقطتين» من العطر تُدخلانني في شخصية سوسن. وهذه التفاصيل الصغيرة بالنسبة لي تصنع صورةً كبيرةً متماسكة ومقنعة».

بين العشق والحنين

الممثلة التي درست ما بين بيروت وباريس والحائزة على شهادة دراسات عليا في التمثيل والإخراج من الجامعة اللبنانية، تعترف بعشقها الخاص للتمثيل ولكنها لا تنفي أنّ في قلبها حنيناً لمجال تقديم البرامج الذي كانت لها معه محطات عدّة من النجاح.

في هذا الخصوص تكشف: «أملك أفكاراً لأكثر من برنامج، البعض يقول لي إنها برامج جميلة ونحبّ مُشاهدتها»، ولكن ربما لا تجذب المعلنين الذين يفضلون برامج التسلية والألعاب أكثر. صوّرتُ حلقةً تجريبية لبرنامج جديد من نوعه، ومن المُمكن أن يُعرض على شاشة الـlbci ولكنّ الموضوع ما زال في طور التباحث.

وإلى جانب الحنين، العملُ الإعلامي بالنسبة لي مسؤولية ورسالة وفي وقت نرى فيه أنّ بعض الإعلام المحلّي يعكس صورة سلبية عن مجتمعنا، يبقى أن ندرك أنّ الإعلام في النهاية هو مرآة المجتمع، فإن كان المجتمعُ مريضاً سيكون الإعلامُ مريضاً بدوره».