IMLebanon

“استراحة الأعياد” تمهّد لإدارة محركات الانتخابات

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: …أمنٌ وظَلامٌ، شوكولا وكمُّ أفواهٍ، بابا نويل وشدُّ حبال. بهذه «السداسية» يَعْبر لبنان الى استراحة الأعياد التي تمهّد لسنةٍ أوّلها «إدارة محركات» الانتخابات النيابية المحدَّدة في 6 ايار على وقع مجموعة ملفات وأزمات «موروثة» من الـ 2017 وأهمّها «الرقابة» العربية – الدولية على «وعد النأي بالنفس» الذي شكل جسر عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته وتلقّفه الخارج ليعيد الاصطفاف وراء عنوان «استقرار لبنان خط أحمر».

وعشية عيد الميلاد وفي ملاقاة أسبوع رأس السنة، بدا لبنان «في حماية» استنفار أمني لـ 25 عنصر أمن سينتشرون في مختلف الأراضي وحول دور العبادة (نحو 1200 كنيسة) كما في أماكن السهر، لضمان مرور آمن للأعياد يتوّج الإنجازات التي حققّها لبنان في 2017 على صعيد «الأمن الممسوك».

ولأن الأعياد كانت مُهدّدة بظلامِ بدأ يزحف الى غالبية المناطق نتيجة إضراب موظفي مؤسسة كهرباء لبنان وامتناعهم عن إصلاح الأعطال في التيار، أبى رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي حوّل السرايا الحكومية أمس «كرنفالاً ميلادياً» كان فيه أشبه بـ «بابا نويل» الذي وزّع الهدايا على مئات الأطفال من دور أيتام مسيحية وإسلامية، أن يحّل العيد على «الشمعة» فتعمّد ايجاد حلّ لأزمة الإضراب عاد معه موظفو الكهرباء إلى استنئناف التصليحات على كل الأراضي اللبنانية التي تتحضّر لـ «ميلاد أبيض» مع العاصفة التي بدأت ليل أمس.

و«تدخّلتْ» روح الأعياد في «أزمة الثقة» التي فجّرتها استقالة الحريري وظروفها بين الحليفيْن، الرئيس الحريري وحزب «القوات اللبنانية»، إذ بعدما بدا أن «القطيعة» مرشّحة للاستمرار حتى إشعار آخر، شكّلت سلة شوكولا تلقّتها «معراب» (حيث مقر رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع) من الرئيس الحريري (لمناسبة الأعياد) إشارة بدء «ذوبان» الجفاء، ولا سيما مع كشْف عقيلة جعجع النائبة ستريدا انها أجرتْ اتصالاً بالحريري (بعد إرساله السلة) وصفتْه بأنه كان ودياً وقالت له مازحةً في إشارة الى ما كان تَردّد عن نية رئيس الحكومة الإطلالة تلفزيونياً لـ «بق بحصة كبيرة» تسمّي مَن يعتبر انهم لعبوا أدواراً سلبية تجاهه خلال أزمة الاستقالة، وسط ايحاءات ان بين هؤلاء الدكتور جعجع: «لم أجد دولة الرئيس في السلّة بحصة والظاهر ان الرئيس نبيه بري كان محقاً إذ تفتت البحصة». فكان ردّ الحريري: «أعرف تماماً من هم أصدقائي وأكيد ليست هناك بحصة».

ولا يبدو أن أزمة مرسوم منْح سنة أقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش العالقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس بري تقترب من «عيدية انفراجية»، بدليل أن فريق عون اعتبر أن المرسوم باتَ نافذاً ولا يحتاج إلى نشْر في الجريدة الرسمية وثمّة سُبل للمعترضين عليه للمراجعات القضائية حوله، وذلك في ملاقاة تَصلُّب رئيس البرلمان حيال ما اعتبره «ضرْباً للميثاقية» من خلال صدور المرسوم من دون توقيع وزير المال (الشيعي) ومقتصراً على توقيعيْ رئيسيْ الجمهورية والحكومة، وهو ما أثار غضْبة بري و«أيقظ» مخاوفه التي سبق أن عبّر عنها قبيل انتخاب عون رئيساً من عودة الثنائية المارونية – السنية في الحكم على حساب المكوّنات الأخرى ولا سيما الشيعي.

ويَطرح موقف عون علامات استفهام حيال الهامش الذي ما زال موجوداً أمام الوساطة التي يضطلع بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم لمعالجة هذه الأزمة التي طالت شظاياها علاقة بري مع الحريري الذي يعتبر الأول انه ماضٍ في سياسة الإنحياز الى رئيس الجمهورية في الملفات الداخلية المتعلقة بإدارة السلطة، وسط ملاحظة دوائر متابعة أن رئيس البرلمان وجّه إشارة سلبية تجاه عون بامتناعه عن حضور الاحتفال الميلادي الذي أقيم مساء الجمعة في القصر الجمهوري وشارك فيه رئيس الحكومة، مكتفياً بإيفاد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري لتمثيله.

وخيّم على أجواء الميلاد الملف المستجدّ المتصل بالحريات الإعلامية والسياسية والذي «تدحْرج» في الأسابيع الأخيرة ولا سيما مع مسار الملاحقة القضائية للإعلامي الأشهر في لبنان مارسيل غانم وطلب إحضاره مخفوراً للاستماع اليه. وكان لافتاً موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في رسالة الميلاد اذ أعلن انه «في لبنان، التنوّع مُلازِم للحرية، وهذا ما يميّز لبنان عن جميع بلدان الشَّرق الأوسط. ويخشى اللّبنانيّون، جرّاء ما يحدث في هذه الأيام، انزلاقًا سلطويًّا نحو استحداث أنماط لتقييد حرية الإعلام والصحافة والتعبير، والتضييق عليها لأغراض سياسيّة أو لمشاعر كيديّة»، مؤكداً ان من الواجب أن يبقى الجميع تحت سقف قانون الإعلام والتقيّد به، وبالأخلاقيّة التي يقتضيها. ولا يحقّ على الإطلاق تسييس القضاء، كي يظلّ عندنا«العدلُ أساس المُلك».

ولم تحجب مجمل هذه العناوين مفارقة مزدوجة، تمثّلت في«قيادة»وزير لبناني هو معين المرعبي تحركاً احتجاجياً في منطقته (عكار) على الانقطاع المتمادي للتيار الكهربائي (بفعل الإضراب) وقيامه بكسر باب محطة الكهرباء في بلدة حلبا وفتح الشركة أمام المواطنين لتأمين التيار لهم، وهو ما دفع زميله وزير العدل سليم جريصاتي الى اعتبار ما قام به الأول«جرماً غير مقبول وتعدياً على الأملاك العامة»مشيراً إلى انه سيطلب من النيابة العامة التمييزية التحرّك، وهي في العادة تتحرك من تلقاء نفسها، ولافتاً إلى «ان الحصانة النيابية بالجرم المشهود قد لا تكون ذات فائدة، لكن تقدير الأمر متروك للنيابة العامة».