IMLebanon

هل تُحرق “نار” معركة عون – جنبلاط مَراكب تشكيل الحكومة؟

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: يتهيّأ لبنان بعد عطلة عيد الفطر للعبور بالملفات الأكثر حماوة إلى غرفة العناية الفائقة، متهيّباً ما قد تُفضي إليه خياراتُ «السقف العالي» في مقاربةِ أزماتٍ ذات طبيعة داخلية – خارجية كتشكيل الحكومة الجديدة ومصير النازحين السوريين والمآل الذي سيرسو عليه مرسوم التجنيس الملغوم وتَعاظُم المؤشرات السلبية المالية – الاقتصادية… وكل ذلك في لحظةِ «فَرْزٍ وضَمٍّ» عنيفة تشهدها الساحاتُ اللاهبة في المنطقة، من سورية الى اليمن مروراً بالعراق.

ويسود انطباعٌ عامٌ في بيروت بأنه رغم الصراخ السياسي والطائفي والمذهبي حيال ملف النازحين والكلام المتزايد عن عقدٍ كأداء تواجه ولادة الحكومة وتَمدُّد هيْمنة «حزب الله» على المؤسسات عبر «نصرٍ انتخابي» تباهى به الجنرال الإيراني قاسم سليماني، فإن ثمة قراراً إقليمياً – دولياً ما زال سارياً بحفْظ استقرار لبنان والإبقاء على «حلقة الأمان» في واقعه في ظل المرحلة الانتقالية القاسية التي تمرّ بها المنطقة.

وفي تقدير أوساطٍ واسعة الاطلاع أنه رغم عدم بلْورة إدارة الرئيس دونالد ترمب استراتيجيةً نهائية حيال لبنان، فإن ثمة ميْلاً أميركياً – خليجياً حتى الآن للأخذ بالاعتبار الحاجةَ إلى مداراةِ الواقع اللبناني الداخلي وترْك عملية التغيير فيه لوهْج التحولات التي ستنجم عن الاستراتيجية الحاسمة لكبْح جماح نفوذ إيران في المنطقة بالعقوباتِ الصارمة وسواها، وهو ما تتزايد مؤشراته في اليمن وسورية وربما العراق.

ولكن الأوساط نفسَها لا تقلّل من وطأة مناخات الاستقطاب الداخلي المتدحْرجة على جبهتيْ ملف النازحين والعلاقة بين زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومَخاطر تفلُّتها من الضوابط، لا سيما أن هذا الاستقطاب بدأ يتخذ أبعاداً طائفية ومذهبية يُخشى أن تهزّ ركائز أساسية في الاستقرار الداخلي، إلى جانب أنها ترخي بثقلٍ كبير على مسار تأليف الحكومة الذي تَبْرُز مخاوف حقيقية من أن يكون علِق «في شِباك» تعقيدات الداخل كما رغبة بعض الخارج باستعجال تكريس لبنان كقاعدةِ نفوذٍ لإيران في إطار «حصْرِ إرثٍ» مبكّر لـ «معركة الدور» التي تخوضها طهران في المنطقة.

وحسب هذه الأوساط، فإن قضية النازحين التي رَفع حيالها تكتل «لبنان القوي» (الكتلة النيابية لرئيس الجمهورية) برئاسة الوزير جبران باسيل شعار «لا عودة عن العودة» ومُطْلقاً مساراً بهذا الاتجاه اتّخذ منحى صِدامياً مع المجتمع الدولي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بدأتْ تتشابك «خيوطُها» المعلنة و«الخفية» مع تشكيل الحكومة، في ظل انطباعٍ بأن فريق عون، ويؤيده «من الخلف» حزب الله وحلفاؤه، أحْدث «ربْط نزاع» مع الحكومة العتيدة عبر رفْع هذا الملف إلى مصاف «أمّ الأولويات»، ما يترك علامات استفهام كبرى حول إمكان «تدوير زاويا» هذه القضية الإشكالية في البيان الوزاري وسط التقاءٍ داخلي على مبدأ عودة السوريين وتبايُنٍ حول التوقيت والآلية و«قناة» العودة (النظام السوري أو الأمم المتحدة) وإذا كانت ظروفها الشاملة باتت متوافرة.

وفيما تشير الأوساط عيْنها إلى كلام أطلقه النائب سليم عون (من «لبنان القوي») وصل إلى حدّ إعلان انه «إذا لم يكن هناك تفاهم وطني على ان يكون حل هذه الأزمة (النازحين) أولوية على طاولة الحكومة وفي البيان الوزاري، فعندها لا لزوم للحكومة كما أننا لن نعطيها الثقة»، لفتتْ إلى جانب آخر يركّز عليه هذا التكتل عبر محاولة ربْط الهجوم الناري الذي شنّه جنبلاط على «العهد الفاشل منذ اللحظة الأولى» بزيارته للسعودية قبل أيام، ولو من باب سؤاله عن أسباب «توريط المملكة بالإيحاء بأنك تنفذ أمر عمليات فاشلاً بالذخيرة الخضراء ضد عهدٍ أصبح سيده خارج مرماك ومرمى أزلامك»، متسائلة هل أن الأمر يأتي في سياق «رسالة ضمنية» بإزاء الإيقاع المتريّث الذي يعتمده الرئيس المكلف في تأليف الحكومة وملاقاة «حزب الله» في الغمز من قناة دور الرياض، واستطراداً إبعاد الأنظار عن «الدخول النافر» للجنرال سليماني على الشأن الحكومي واللبناني.

وإذ نفى مفوض الاعلام في «التقدمي» رامي الريس أن يكون الموقف من العهد مرتبطاً بزيارة جنبلاط للسعودية، كان لافتاً أن مستوى التوتر بين الزعيم الدرزي وفريق عون بلغ حدوداً قصوى بدأتْ تثير القلق من أن تفضي الى «حرق المراكب» في علاقةٍ لم تكن يوماً محكومة إلا بـ «القلوب المليانة» التي تفجّرها في كل مَرة «رمانة»، وآخرها قضية النازحين وإصرار «لبنان القوي» على تمثيل النائب طلال ارسلان في الحكومة مقابل تمسُّك جنبلاط بحصْر التمثيل الدرزي بتكتله.

وكان الأبرز في سياق «الحرب الشعواء» بين الطرفين الآتي:

«نبْش» وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول دفاتر الماضي واعتماد خطاب تخويني ضدّ الزعيم الدرزي بإعلانه «ان جنبلاط هو الوحيد الذي شرب نخب الاجتياح الاسرائيلي مع شيمون بيريس في قصر المختارة وكان من أوائل داعمي الإرهاب في لبنان مطلقاً على جبهة النصرة صفة ثوار ومثقفين»، داعياً «مَن لم يعجبه العهد للخروج من الحكومة وليعارض العهد، وعلى رأس هؤلاء وليد جنبلاط».

ردّ جنبلاط عبر «تويتر» على مواقف أعضاء «لبنان القوي» بنشر صورة له خارج لبنان تجمعه مع عقيلته السيدة نورا وكريمته داليا مع تعليق ساخر: «الى محبي الضجيج أقول:ما بالكم تكأكأتم علي كتأكئكم على ذي علة… افرنقعوا عني».

إعلان النائب أكرم شهيب (من فريق جنبلاط)«أننا أردنا إنقاذ الدولة فانتخبنا العماد عون رئيساً وإذ بنا في عهد الوزير جبران (…) وان تطاول صغار النفوس على الكبير لا يصنع منهم حجماً»، وذلك بعدما كان النائب وائل ابو فاعور قال:«ما بين الصئي منكم والاشخوب، قدركم يا جوقة القاق ان تبقى رؤوسكم تحت الرمل وقدر وليد جنبلاط أن يبقى علو الصقير».