IMLebanon

التفتيش المركزي يكرس مبدأ الرقابة على الدولة

قلّ أن حظي عمل جهاز رقابي لبناني بثناء مختلف القيمين على الشأن العام. على أن التفتيش المركزي يشذ بوضوح عن هذه “القاعدة”. كيف لا وهو الذي اجتاز بنجاح امتحان “ليل المطار الأسود”، في 6-7 أيلول الفائت، حيث بادر رئيسه القاضي جورج عطية إلى القفز بعيدا فوق الاجراءات الادارية المعهودة، وذات الطابع البيروقراطي، لإطلاق مسار التحقيقات في ما شهده مطار رفيق الحريري الدولي في تلك الليلة عن طريق استقصاءات ميدانية، تفاديا لتكرار هذا النوع من الحوادث في مرفق عام يعتبر واجهة البلاد الأولى من وإلى العالم. وإذا كانت هذه الخطوة تدرج في سياق مسار إصلاحي باتت البلاد في حاجة ماسة إليه، فإن عطية، ومعه التفتيش المركزي، لم يتأخر في الانتقال إلى الخطوة التالية من هذا المسار، فاختار الوجهة الأصعب: إطلاق عملية الاصلاح الإداري- المنتظرة منذ عقود- على أن ينطلق من خفض التوظيفات في الأروقة الرسمية، ومحاولة القضاء على البطالة المقنّعة التي تكتسح الادارات، في محاولة لخفض نفقات الدولة الواقعة في عجز كارثي. وفي هذه الخطوة تطبيق لقرار مجلس النواب خفض التوظيف في الادارات، بما يتيح تخفيض النفقات، بوصفه إصلاحا أرفقه نواب الأمة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، في تموز 2017

وكما في المطار، كذلك في الادارات، اعتمد التفتيش المركزي على عنصر المفاجأة لموظفي الادارات العامة، فنفذ مفتشو الجهاز ما يسمى بالعامية “كبسات” تتيح رقابة أكثر فاعلية على الأجهزة الرسمية، تمهيدا لوضع توصيات (ملزمة للوزارات المعنية) تطبيقا للتكليف الذي  ناله التفتيش المركزي من لجنة المال والموازنة في هذا المجال.

وفي السياق، أوضحت مصادر عليمة بالملف لـ “المركزية” أن  “لجنة المال والموازنة كلفت التفتيش المركزي  إجراء التحقيقات اللازمة في ما يخص التوظيفات العشوائية في الادارات الرسمية منذ إقرار السلسلة. وبناء على هذا التكليف، أرسل التفتيش المركزي كتبا رسمية إلى الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات لايداعه بيانات دقيقة حول أعداد الموظفين (الدائمين والمتعاقدين، والمشتراة خدماتهم) فيها، وأعمالهم وعن أي توظيفات جديدة (أي بعد إقرار السلسلة)، مشيرة إلى أن في ما يتعلق بالبلديات، بلغت هذه الكتب مديرية المجالس المحلية في وزارة الداخلية، التي أبلغتنا أنها ستراسل المحافظين لتجيبنا البلديات، علما أن 50 إدارة رسمية استجابت لمطلب التفتيش، في انتظار المزيد من الردود.

وشددت المصادر على أن “الكبسات” التي ينفذها التفتيش لا تهدف إلى ضبط المخالفات حصرا، بل تشمل أيضا متابعتها من حيث  فتح الاستجوابات اللازمة والملفات، واستدعاء الموظفين المعنيين، تمهيدا لرفع التقارير إلى رئاسة التفتيش المركزي لاتخاذ الاجراءات المناسبة، كاشفة أن أحدث جولات المفتشين شملت دوائر القيمة التأجيرية على مختلف الأراضي اللبنانية ومستشفى جزين حيث ضبطت مخالفات كثيرة إضافة إلى مستشفى عبدالله الراسي في عكار وقسم الصحة في حلبا، مشيرة إلى أن بعض المخالفات ذات الطابع المالي في النافعة (الميكانيك) قد عولجت في مهلة أسبوع، وهذا يعني أن الموظفين الرسميين باتوا “يحسبون حسابا” للرقابة الفاعلة التي يقوم بها التفتيش المركزي ، وهذا أصبح نمط عمل هذا الجهاز، وهو يستعد لجولات جديدة”.