IMLebanon

ليت هذه الحكومة لا تولد! (بقلم رولا حداد)

بعد الكلام الخطير للرئيس المكلف سعد الحريري إلى وكالة رويترز عن توجّه الحكومة الجديدة، والتي لم تولد بعد، الى رفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات، لا بدّ من الدعاء بألا تولد الحكومة!

سبب الدعاء ليس رفض الضرائب الجديدة المنتظرة في المطلق، بل في تخبّط المسؤولين وانعدام الرؤية لديهم. فبداية لا بدّ من السؤال عن أي دعم على المحروقات تحدث الرئيس سعد الحريري؟ وألا يعلم رئيس الحكومة أن حكومته والحكومات المتعاقبة لم تقم يوماً بدعم سعر المحروقات بل هي تفرض عليه ضرائب باهظة تفوق الـ10 آلاف ليرة على الصفيحة الواحدة؟ فعن أي رفع للدعم يتحدث؟ أم أنه يقصد الإشارة الى فرض ضريبة إضافية على سعر البنزين يبلغ حوالى 5 آلاف أو 6 آلاف ليرة لبنانية؟ وكيف لرئيس حكومة أن يُخطئ في تقنيات التعابير في هكذا موضوع حساس؟

أما بخصوص رفع الدعم عن الكهرباء فهو محق لأن قطاع الكهرباء يكلّف الخزينة حوالى ملياري دولار سنوياً، وأحد أسباب الخسائر الكبيرة هو في تسعيرة فاتورة الكهرباء التي لم تتغيّر منذ أن كان سعر برميل النفط عالمياً 20 دولاراً. ولكن هل سأل الرئيس الحريري نفسه بأي منطق سيرفع الدعم من دون تأمين الكهرباء؟ وألا يكفي اللبنانيين “الجزية” التي يدفعونها لأصحاب المولدات بسبب تقصير مؤسسة كهرباء لبنان ليتضاعف الجزية اليوم؟

أما بعد، فكيف يمكن الحديث عن فرض ضرائب ورسوم جديدة قبل اتخاذ قرارات إصلاحية في العمق لناحية وقف مزاريب الفساد؟ كيف يمكن تكبيد جيوب المكلفين ضرائب ورسوم في حين يتمادى الفاسدون في فسادهم؟ كيف يمكن القبول بهذا المنطق حين يتحدث وزير الخارجية جبران باسيل عن عمولات يتقاضاها أطراف من البواخر وبواخر النفط والتزامات الطرق والمطار والمرفأ وخدمات الاتصالات وطبع بطاقات؟ أي منطق إصلاحي هو هذا؟ وهل المطلوب أن تكون الضرائب لتمويل فساد السياسيين والطبقة السياسية؟

إن المطلوب من أي حكومة مقبلة، ومن رئيسها الرئيس سعد الحريري تقريباً، وقبل التفكير بأي ضريبة جديدة أن تبادر إلى اتخاذ كل الخطوات الإصلاحية المطلوبة لوقف الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان وتعيين مجلس إدارة جديد وهيئة ناظمة للقطاع، وبوقف خطوط التهريب المعروفة من الجميع عبر المرفأ والمطار والحدود البرية، ولجم التهرّب الضريبي، ووقف منطق الصفقات والسمسرات والعمولات.

آن الأوان أن يتغيّر الأداء ونكف عن منطقي فرض الضرائب والاستدانة في ظل الاستمرار في الغرق في مستنقع جعل لبنان في أسوأ درجة على سلم الفساد عالمياً… فبربّكم ألا  تخجلون أن تحدثونا عن المزيد من الضرائب؟

بالمناسبة، ولماذا تولد حكومة جديدة هي نسخة غير منقحة عن الحكومة السابقة والتي فشلت على كل المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والبيئية؟ لماذا تولد حكومة محاصصة جديدة وحكومة الصراعات نفسها؟ ولماذا نأبه لحكومة تسيطر عليها رهبة السلاح وتتحكم بقراراتها؟ وهل يجب أن نحزن على حكومة يتفق أعضاؤها فقط على تبادل تمرير الصفقات ويتنافسون في المزايدات وتسجيل النقاط؟ وأي حكومة ستكون تلك التي تلجأ للتحايل فتقرّ موازنة مزورة ومزيفة تخفي فيها مليارات الدولارات من العجز لمحاولة خداع مؤتمر “سيدر”؟!

نعم بهذا المنطق بئس هذه الحكومة قبل أن تولد… ويا ليتها لا تبصر النور أبداً!