IMLebanon

خطاب نصرالله يعزز الشكوك من استخدام “الصحة” لدعم ايران ماليا

لم تصمد الايجابية والنبرة الهادئة التي تحدث بها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ يومين، أكثر من 48 ساعة. فدعواتُه الى تخفيض السقوف ووقف السجالات، وحديثُه “العقلاني” عن وزارة الصحة التي “ستكون للجميع ولن تُستخدم لاغراض فئوية” وعن وزيرها “غير الحزبي” جميل جبق، تبددت كلّها في خطابه امس في الذكرى الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، ليحلّ مكانها كلام آخر من “العيار الثقيل”، استعاد فيه “السيد” أدبياته القديمة “الخلافية” بامتياز في الداخل، كقوله “حزب الله شريك لإيران في المنطقة. ونحن سادة عند الولي الفقية”، مقترحا في موازاة ذلك، ترسيخ العلاقات بين بيروت وطهران وتوسيعها، عبر سلسلة خطوات اقتصادية وعسكرية وصحية، سأل الدولةَ اللبنانية لماذا لا تلجأ اليها بدلا من “اعطاء رقابنا للآخرين”؟

فهو اشار الى ان “إيران مستعدة لدعم لبنان على المستويات كافة، من الكهرباء إلى النقل والأدوية..وعلى المستوى الدفاعي، فإن حزب الله “كصديق لإيران”، جاهز للمساعدة في الحصول منها على كلّ ما يحتاجه الجيش اللبناني، وبخاصة في مجال الدفاع الجوي! نصرالله قال “انني مستعد للذهاب إلى إيران للإتيان بكلّ ما يريده الجيش اللبناني ليُصبح أقوى جيش في المنطقة”. العروض الايرانية لتحرير لبنان من “سلطة” الولايات المتحدة الأميركية تشمل ايضا قطاعات حيوية اخرى. فـ”أهمّ مشكلة ستواجهنا في مجلس الوزراء هي الكهرباء”، وفق نصرالله، و”إيران جاهزة لحلّها في أقلّ من سنة، وبأسعار متدنية جدا”. وتابع “الجمهورية الإسلامية قدّمت أيضاً، في فترة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، عرضاَ “كبيراً لبناء أنفاق تحلّ مشكلة السير في لبنان، لمدّة خمسين عاماً”. وسأل نصرالله “لماذا سنستمر باستيراد الدواء، ولماذا نبقى أتباعاً للآخرين”؟

قد تكون هذه الاقتراحات في مكانها وجديرة بالنظر فيها، بحسب مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، لو لم تكن طهران اليوم في دائرة الاستهداف الدولي الغربي والعربي. ففيما تُفرض عليها عقوبات أميركية، ويدرسُ الاوروبيون امكانية اعادة فرض العقوبات عليها لكونها تخلّ بالاتفاق النووي، يطرح نصرالله تدعيم التعاون بين لبنان وايران، ما يعني عمليا، وضعَ بيروت في موقع الشريك لطهران، وفتح أبواب التدابير العقابية “علينا”، في وقت تقتصر اليوم على “حزب الله”. الى ذلك، يعني تلقي الجيش اللبناني مساعدات من ايران، في القواميس السياسية والاستراتيجية، أن “المؤسسة العسكرية” التي تتلقى اليوم هبات لوجستية ومعدات بملايين الدولارات من العواصم الغربية الكبرى، سترمي هذا الدعم كلّه “في البحر” لتلتحق بركب داعمي محور “الممانعة” في المنطقة وتقف في وجه العالم كلّه! أما على صعيد الدواء وشرائه من ايران، فتعتبر المصادر ان هذا الطرح يُعيد مجددا إصرارَ “الحزب” على نيل وزارة الصحة في الحكومة، الى الضوء. ففي وقت قال الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ ايام “إن بلاده يمكنها أن تكون دولة مصدّرة للأدوية في المنطقة”، تخشى المصادر ان يكون لبنان اوّل المستوردين، بما يعرّضه لعقوبات هو بغنى عنها، خاصة وان عيون المجتمع الدولي شاخصة بقوة، الى اداء وزارة الصحة وسط مخاوف من استخدامها من قِبل الحزب، لرفد ايران “المخنوقة” بدعم مالي.

اضافة الى كل ذلك، وفي حين فتح النار على الدول الخليجية، جدّد نصرالله التأكيد ان “ايران لن تكون وحدها في اي حرب تندلع ضدها، بل سيدعمها كل محور المقاومة”. واذ تحذّر من ان اي خطوة كهذه سيدفع لبنان بأسره ثمنها، تسأل المصادر عن الغرض من مناقشة البيان الوزاري بعد خطاب نصرالله. فالاخير، في رأيها، فرّغه مسبقا من اي مضمون، وأثبت ان “لا نأي بالنفس”، وأن لا قيمة للقرارات الدولية وأبرزها الـ1701 والـ1559… فهل يكون ادراج هذه العبارات “نظريا” في البيان، كافيا هذه المرة للمجتمع الدولي؟