IMLebanon

أمطار “جمهورية البواخر”! (بقلم يورغو البيطار)

يحلو للمسؤولين في الآونة الأخيرة، اللعب على وتر ممجوج بالتعويل على الشعب اللبناني للخروج من الازمة الاقتصادية والضائقة المالية الصعبة التي يعاني منها البلد. وتتراوح خيارات الطلب بين الانخراط في “مقاومة اقتصادية” تشبه في ما تشبهه النموذج الذي يسوَق في طهران او قطاع غزة، وبين التأكيد على ضرورة اتخاذ “إجراءات صعبة” في تمهيد فجّ لفرض ضرائب ورسوم آتية لا محالة ستزيد الطين بلة.

من يتابع هذه التصريحات والتلميحات يظنّ وكأن مجلس الوزراء منعقد منذ نيل الحكومة الثقة أقله 20 ساعة في اليوم، وأن الجميع منخرط ورشة عمل لا تنتهي تبحث في أساليب سد مكامن الفساد الذي ينخر في جسد الوطن بلا كلل… لكن، وكما يخبرنا إخواننا المصريين مشكورين، فإن “المي تكذب الغطاس” والأداء الذي شاهده اللبنانيون منذ نيل حكومة “الى العمل” الثقة أوساط شباط الماضي لا يميل الى التفاؤل في الحد الأدنى!

فكيف يمكن لحكومة ان تنطلق فيما المشاكل بين مكوناتها لا تنتهي وتقريبًا على “كل شيء” على قاعدة اننا اتفقنا على الا نتفق؟! وكيف لحكومة ان تنجز في وقت انها بالكاد تجتمع فيتم ارجاء الجلسات تحت أسباب شتى من رحلات سفر وزيارات رسمية واوضاع صحية وسط سيل من التحذيرات الداخلية والدولية حول دقة الوضع؟! أي ثقة نتحدث عنها وهل ستهبط فجأة على وجدان اللبنانيين بلا استئذان؟

ولم تكن ينقص إلا خطة الكهرباء المقترحة من وزيرة الطاقة الا لتؤكد المؤكد… فالملف – الفضيحة الذي يتآكل أموال الخزينة ويحرق جيوب اللبنانيين منذ عشرات السنوات لا زال العنوان الأقوى للاشتباك السياسي المفتوح بين القوى الحكومية! يذكرنا السجال الدائر حول هذه الخطة بمراحل الصراع المفتوح وتسجيل النقاط من دون أفق وكأن لا حكومة جمعت تقريبا كافة القوى، إذ أن العناوين تكاد تكون ذاتها وصراع النفوذ يظللها فيما المواطن يدفع الثمن والبواخر “تتغندر” على شواطئنا و”تشفط” الأموال من دون العمل الجدي على تأمين استدامة الكهرباء على المدى الطويل، بعدما فشلت الحكومات المتعاقبة بتحقيق وعودها المتكررة بتأمين هذه الخدمة البديهية لنستحق عن جدارة لقب “جمهورية البواخر”!

وفي وقت يبدو ان السجال مجرد تمرير للوقت في لعبة الفراغ المتحكمة في المشهد العام، فإن الجمود خطر محدق بحد ذاته خصوصًا اذا تبلورَ جزء من التحذيرات عن رفع “المظلة الدولية” عن لبنان او تحولت مؤشرات الانهيار الاقتصادي الذي تتجمع فوقه إلى سحب سود تمطر بقوة في عز الربيع.