IMLebanon

“نوتردام” أيقونة شاركت الباريسيين أفراحهم وأحزانهم

كاتدرائية نوتردام “الشاهدة على احداث فرنسا الحلوة والمرة، التي رافقت الشعب الفرنسي في كل ساعاته الدقيقة والمصيرية” كما قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، “تشهد خلال هذا الاسبوع المقدس على الآم السيد المسيح ولا شك في انها ستشاركه مجد القيامة مستعيدة بهاء حلتها وجمالها الاول بتضامن الدول وذوي الارادات الصالحة”.

فقد التهمت النيران الاثنين هذا الصرح التاريخي وأتت على سقفه الخشبي، وأدت إلى سقوط برجه الذي يبلغ طوله 90 متراً، وأحرقت معه قلوب الفرنسيين والعالم أجمع. فما هي الأحداث التي طبعت هذا الصرح التاريخي، وجعلت العالم كله يبكي حزناً ويتكاتف من أجل إعادة إصلاحه؟

الأديبة والأكاديمية والأستاذة الجامعية إلهام كلاب البساط اكدت لـ”المركزية” “أن الكاتدرائية صرح ديني إنما ايضاً صرح سياحي وثقافي، لأن اليونيسكو ادرجتها على لائحة التراث العالمي. هذه الكاتدرائية هي في قلب باريس إنما ايضاً في قلب كل باريسي، لأنها شاركت كل تاريخ فرنسا باحتفالاتها ومصائبها، وتعتبر رمزاً وايقونة لفرنسا”.

أضافت: “بدأ العمل على إنشائها عام 1163 اي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وانتهى عام 1300 اي في بداية القرن الرابع عشر. وهي مبنية على انقاض كنيسة رومية، وأعطت نموذجاً جديداً في بناء الكنائس اسمه “الكنائس القوطية”، التي تعني السقف العالي، ودخول النور الى الكنيسة، وانصاف العقود الخارجية التي تسند البناء من الخارج، والقناطر المستطيلة المكسورة، وخاصة بين هذه القناطر الزجاج المُعشَّق (vitrail)”. هذا الزجاج كان يسمح للنور بالدخول الى الكنيسة، وتوضع فيه صورة العذراء والمسيح والقديسين”.

وتابعت: “على مدخل الكاتدرائية وردة كبيرة (rosace)، من اجمل الوردات في العالم المقطّعة بطريقة دائرية وفي وسطها صورة العذراء، التي تكرست على اسمها الكاتدائية، ومن حولها صور القديسين. لها ثلاثة ابواب خارجية، منها باب القديسة حنة والدة العذراء، وباب الدينونة وعليه صور المسيح والرسل والدينونة الأخيرة، وتضم ممر، هو ممراً الملوك، الذي يضم 28 تمثالاً، ولكن في أيام الثورة الفرنسية ظنوا انهم تماثيل ملوك فرنسا، فقاموا بتحطيمها. لها واجهة رائعة بتوازنها وزخرفتها وفيها حديد مشبك مشغول، وتضم تماثيل عديدة من بطاركة وقديسين، وفيها علامات الأبراج والكواكب، وتضم أعمال الفصول، أي الاعمال التي كان يقوم بها المزارعون في كل فصل من فصول السنة، ولها مزاريب مياه على شكل حيوانات خرافية على مدار الكنيسة من الخارج”.

وأضافت: “في بداية القرن الثالث عشر وضع فيها القديس لويس تاج الشوك، الذي أعلنوا اليوم انهم أنقذوه من الحريق. توِّج فيها الملوك والملكات مثل هنري السادس وماري ستيوارت. وفيها بدأ التحكيم في الدعوى المقامة على جاندارك في 1455. ولكن لم تكن تشهد فقط على تاريخ من الفرح والاحتفالات إنما أيضاً على المصائب أيضاً. خلال الثورة الفرنسية كُسِّرت التماثيل الموجودة عليها ودُوِّبت بعض أجراسها. ومع “كومونة باريس” تعرضت لعملية هدم كبيرة، لدرجة أنه يوم تتويج نابوليون بونابرت برعاية البابا بيوس السابع، جرى تتويجه والكنيسة في حالة من الدمار”.

ومن أهم ميزات “نوتردام” أنها ارتبطت تاريخيا برائعة “فيكتور هوغو “أحدب نوتردام”، التي تدور أحداثها الرئيسية داخل الكنيسة، ويقال أن سبب شهرة “نوتردام” تعود الى هذه الرواية. فعندما نُشِرَت القصة عام 1831 كانت كنيسة نوتردام بناء ضخماً فى حالة يرثى لها وبحاجة لعملية تحسين هائلة، ولحسن الحظ حازت الرواية شهرة كبيرة فازدادت شهرة الكنيسة، وأخذ السياح يزورونها باستمرار، فقررت الحكومة الفرنسية ترميمها، وأصبحت من أهم معالم باريس السياحية، ويزورها حالياً أكثر من 13 مليون سائح سنويا.