IMLebanon

التلاعب بالوجوه في الفيديو.. أبشع أنواع سرقة الهوية

كتب شادي عواد في صحيفة “الجمهورية”:

تشهد تقنيات إستخدام الذكاء الإصطناعي في الفيديوهات تطوّراً كبيراً، حيث بدأت تظهر الكثير من التحذيرات عن الجانب المظلم لهذه التقنيات ومدى خطورتها على مستقبل التكنولوجيا وتأثيرها السلبي والمرعب على البشر.

بدأت تنتشر في الفترة الأخيرة ظاهرة الفيديوهات المتلاعَب بها بإستخدام ما يُعرف بالـ «Deep learning algorithm» أو «خواريزمية دراسة عميقة»، التي يمكن من خلالها تغيير وجوه أشخاص في الفيديوهات بوجوه أشخاص آخرين. وهذه التقنية تسمح بتغيير وجه شخص في الفيديو بجودة عالية، لا تترك المجال للمشاهد أن يعرف إذا ما كان الفيديو صحيحاً أو مزوّراً. وعلى الرغم من أنّ تركيب الوجوه على الفيديوهات ليس شيئاً جديداً، لكنه في السابق كان يتطلب وجود أجهزة معقّدة وخبراء متخصصين وتكلّف الكثير من المال. أما مع تقنية «Deep learning algorithm» فأصبح ذلك متاحاً بسهولة ودون أية معدات. فباستخدام جهاز كمبيوتر بمواصفات جيدة يمكن الآن لأيٍّ كان بواسطة برمجيات خاصة أن يقوم بذلك. وتعتمد هذه التقنية على الرياضيات، وتستخدم تطبيقات التعلم العميق، ما يعني أنها تعتمد على الشبكات العصبية الإصطناعية لأداء وظائفها. وهذه الشبكات عبارة عن تقنيات حسابية مصمَّمة لمحاكاة الطريقة التي يؤدي بها الدماغ البشري مهاماً معينة.

مخاوف كبيرة
ساهمت ظاهرة تزوير الفيديوهات في إنتشار الكثير من الأفلام الإباحية المزوّرة التي تضم مشاهير ونجوماً سينمائيين وسياسيين. وأحدثت هذه المقاطع ردود فعل عنيفة لدى منظمات حماية الخصوصية وفي وسائل الإعلام وعند الخبراء والمشرّعين. وأعرب الجميع عن خوفهم من الفوضى التي ستحدثها هذه التقنية في المستقبل القريب، ووصفوها بأنها من أبشع أنواع سرقة وتزوير الهوية. وإزدادت هذه المخاوف مع تطوّر هذه التقنية، فبعدما كانت تحتاج إلى العديد من صور وجه الشخص الموجود في الفيديو الأصلي وصور وجه الشخص الذي سيتمّ وضع وجهه في الفيديو النهائي على أن تكون الصور من زوايا مختلفة وبجودة عالية، ظهرت منذ أسبوعين نسخة جديدة من هذه التقنية لا تحتاج إلّا لصورة واحدة لوجه شخص ما، لتقوم التقنية بتحليله وإنشاء نسخة حقيقية ثلاثية الأبعاد منه، ووضعه مكان أيّ وجه في فيديو مهما كان نوعه. والأخطر أنّ استبدال الوجه يتمّ مع إضافة التعابير وحركات الرقبة والشفاه والعيون، بطريقة لا تترك مجالاً للشك في أنّ هذا الفيديو ليس حقيقياً أو غير متلاعب به. وإذا ما أخذنا بعين الإعتبار الأدوات الأخرى التي تعمل بالذكاء الإصطناعي والتي يمكنها تجميع الصوت وتقليده، سيكون التأثير السلبي لهذه التقنيات مرعباً. وبما أنّ صور معظم الناس منتشرة على الإنترنت ويسهل الوصول إليها وتحميلها، هذا يعني أنّ الجميع معرّض لمخاطر هذه التقنية، وبما أنه لا يمكن تحاشي مخاطرها، فقد بدأ جهات قانونية في العديد من الدول بالمطالبة بسَنّ تشريعات جديدة تحظّر نشر أيّ نوع من الفيديوهات المسيئة دون موافقة صاحبها. في السياق عينه عملت منصّات التواصل على أنواعها بحظر الفيديوهات المسيئة والإباحية على صفحاتها، وأطلقت ميزة إبلاغ المستخدم عن أيّ صورة تتم مشاركتها له من الآخرين. أما برامج الدردشة مثل واتساب وفايبر وغيرها، ما زالت غير قادرة على الحدّ من إنتشار الفيديوهات المسيئة، ويعود السبب في ذلك إلى سياسة الخصوصية لديها، إذ إنّ الحدّ من إنتشار هذا النوع من الفيديوهات يتطلب مراقبة الدردشات وإلغاء التشفير. ما من شأنه أن يعرّض الكثيرين لمخاطر أخرى غير تلك المتعلقة بالفيديوهات المسيئة.