IMLebanon

الاحالة الى “العدلي” درب وحيد لكسر جنبلاط “المنتفض” فمن يربح؟

بين بيان كتلة الوفاء للمقاومة الخميس الماضي واطلالة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الجمعة يوم واحد في التوقيت الزمني وآلاف السنوات الضوئية في المضمون.

يوم الخميس قالت الكتلة كلمتها في حادثة الجبل “ان التصالح شأن داخلي في صلب تقاليد اللبنانيين وممارساتهم الحياتية وهو أمر نحبذه دائما ونشجع عليه، ونشد على أيدي من يسعى إليه بين الاطراف المتنازعين. وكلما استند التصالح الى القواعد القانونية كلها كان أثبت وأقوى وأدوم، واننا اذ نشارك أهل الخير اهتمامهم وجهودهم، فإننا نأمل التوصل في اطار القانون الى حل تصالحي يعزز الالتزام بالسلم الاهلي وبأحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني”.

مساء الجمعة أطل السيد نصرالله في مقابلة الساعات الثلاث ونيّف ليقول بالفم الملآن “نحن الى جانب النائب طلال ارسلان والوزير الغريب وتحويل الملف الى المجلس العدلي منصف ومنطقي”.

فما الذي تبدّل في الساعات الاربع والعشرين ليتبدّل موقف الحزب وينتقل من ضفة الحل التصالحي الى مقلب المجلس العدلي، وهو الاكثر حرصا على الاستقرار الداخلي في المرحلة الراهنة فيما الاصرار على الاحالة الى العدلي يرفع منسوب التوتير السياسي؟ وهل يعتقد الحزب ان من خلال الضغط على رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط يمكن “تمرير” الاحالة على غرار سلسلة تنازلات قدمها سابقا منذ 7 أيار 2008، ليس آخرها التنازل عن الوزير الدرزي الثالث الذي وضع ورقته ابان تشكيل الحكومة في جعبة الرئيس ميشال عون؟

ارادة الحزب بكسر الزعيم الدرزي لم تعد موضع جدل. فكل الظروف المحيطة بالرجل، كما تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية” تدفع الجبهة المناوئة له في هذا الاتجاه، لا سيما بعدما اثبتت حادثة قبرشمون انه ما زال ممسكا بناصية الساحة الدرزية بقوة، وساحته هذه لن تبخل عليه، ولو بالدم، حفاظا على الزعامة التاريخية وعلى واقع درزي يعود الى مئات السنين. ذلك ان النقلة النوعية التي اقدم عليها جنبلاط في ما يتصل بالوضع السوري ومواقفه الشرسة من النظام ورئيسه اثبتت ان تطويعه بات من شبه المستحيل واستيعابه من ضمن خياراته هذه ضرب من الخيال، بما بات يتطلب الاقدام على خطوة كسره، خصوصا انه فتح ابواب خياراته الخارجية بعد حوادث الجبل، فعقد لقاءات دبلوماسية ابرزها مع سفيري الولايات المتحدة الاميركية اليزابيت ريتشارد وفرنسا برونو فوشيه، وشغّل خطوط اتصالاته مع موسكو، تأكيدا على استمرار تمتعه بمظلة خارجية تمنع المسّ بزعامته الاحادية في الجبل، وتثبت لمن يعنيهم الامر انه لم ولن يكون لقمة سائغة.

كما ان الحزب يتطلع من ضرب جنبلاط، الى تكريس مشروعية سياسية قوية لحليفيه النائب طلال ارسلان ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب وتاليا سحب البساط من تحته، بحيث ينتفي موقعه كبيضة قبّان في المعادلات السياسية ويصبح للحزب موطئ قدم درزي. والى كل ذلك، لم يبلع الحزب وسيده مضاعفات حادثة البساتين التي في رأي المصادر، منعت بإرادة اشتراكية الوزير الحليف جبران باسيل من استكمال جولته في الجبل خلافا لارادة الوزير صالح الغريب والنائب ارسلان،على قاعدة ان الممر الالزامي اليه هو من البوابة الجنبلاطية والا…قد يكون في اي لحظة سيناريو مشابه لـ7 ايار على الطريقة الدرزية. من هنا ،قد يكون الحزب وجد نفسه امام خيار وحيد لترويض جنبلاط، المجلس العدلي، وهو ما المح اليه الوزير وائل ابو فاعور اكثر من مرة باشارته الى سيناريو”سيدة النجاة” الذي وجه آنذاك ضربة قاضية لحزب القوات اللبنانية وزجّ رئيسه سمير جعجع في السجن.

واذا كانت المواجهة بين جنبلاط وحلفائه لا سيما الرئيس سعد الحريري الذي يرفض ادراج الاحالة الى المجلس العدلي على جدول اعمال مجلس الوزراء، وجعجع، ومن خلف الستار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أمن المظلة الواقية لجنبلاط منذ اللحظة الاولى ولن يسمح في اي شكل بكسره، تبدو الى العلن باردة، غير انها ليست كذلك على الاطلاق في الحقيقة، اذ تشهد احتداما كبيرا، كما تؤكد المصادر، واللعب يدور اليوم على حافة الهاوية، فاستمرار تعطيل الدولة بعدم انعقاد مجلس الوزراء لا يخدم الحزب، كما ان العهد لم يعد يملك ترف تحمل المزيد من الاخفاقات بعدم اجتماع الحكومة، ولعبة عض الاصابع يفترض ان تشارف على نهايتها، فمن يصرخ اولا؟